مع اقتراب اسعار النفط من حاجز ٨٠ دولار ولاول مرة منذ عام ٢٠١٤ وفى ظل شح الامدادات واستمرا قوة الطلب والمخاطر الجيوسياسية وانخفاض غير متوقع للمخزون الامريكى والذى يثير المخاوف من أسواق شحيحة قبيل موسم الرحلات الصيفية الاميركى والذى غالبا يشهد ارتفاعا فى الطلب على النفط وأعلن بنك مورغان ستانلى انه رفع توقعه لسعر برنت الى 90 دولار للبرميل بحلول عام 2020 بسبب الزيادة المطردة فى الطلب وحتى عند 80 دولار للبرميل فان تكاليف النفط تظل عالية حيث يكلف استهلاك دول اسيا تريليون دولار سنويا بما يعادل مثلى التكلفة عندما تكون الاسعار ضعيفة وفى ظل الوضع الحالى تظل منظمة أوبك تصارع من أجل البقاء حيث ان أوبك تقوم بالاساس على صياغة ورسم السياسة النفطية للدول الاعضاء من حيث الانتاجية والحصص المخصصة لكل دولة وايضا قد يتسع دورها وخاصة فى الازمات الى التنسيق بين المنتجين المستقلين خارج اطار المنظمة والعمل الى الوصول الى خريطة طريق تنعش اسواق النفط العالمية عندما تمر بما يسمى التخمة النفطية وينقسم الخبراء الى قسمين منهم من يقول إن الحقبة الذهبية لمنظمة "أوبك" قد انتهت، وأن المنظمة أصبحت مجرد منتدى يضم مجموعة من الفرقاء تتعارض أهدافهم الاقتصادية والسياسية، خاصة بعد أن تخلت "أوبك" عن دورها المأمول في كبح جماح زيادة إنتاج النفط الخام والاخر أن "أوبك" لا تزال قادرة على لعب دور مهم في التكيّف مع الأوضاع العالمية والدفاع عن مصالح أعضائها. وهو الأمر الذي كشفت عنه المشاورات المستمرة والتعديلات الطوعية لمستويات الإنتاج التي التزمت بها "أوبك" وعشر دول أخرى من خارج المنظمة، بقيادة روسيا الاتحادية، خلال العام ونصف العام الماضي. حيث نجحت أوبك في "بناء منصة عالمية" للتعاون بين المنتجين، سواء من أعضائها أو خارجهم، وهو حدث تاريخي نادر تم تسطير أول سطوره في إعلان التعاون بين هؤلاء المنتجين في ديسمبر 2016 والذي تم التوافق فيه على خفض المعروض النفطي العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا، مقارنة بذروة الإنتاج في أكتوبر 2016.
ومن الناحية العملية وبعد ستين عام من تواجد منظمة أوبك تواجه الان فترة حرجة وتحدى كبير وازمة حقيقية لم تشهدها من قبل من حيث المدة الزمنية والتى تشهدها منذ عام 2014 واصبحت غير قادرة على تحقيق تقارب وجهات النظر داخلها حول خفض الانتاج وحصة كل دولة وفى ظل الصراعات الاقليمية بين بعض الدول وميل بعضهم لتوظيف المشاكل الجيوسياسية تظل اوبك فى صراع داخلى وايضا صراع هو الاقوى مع المتحكم الرئيسى فى لعبة توازن السوق النفطى العالمى وهو الولايات المتحدة الامريكية وهو المتحكم الفعلى وهو من يملك مفاتيح حنفية الزيت ويتلاعب بالاسعار حسب كيفية الوصول الى اهدافه فى العالم وخاصة فى منطقة الشرق الاوسط. ومع صعود روسيا كلاعب رئيسي في مجال النفط وارتباطها بتحالفات سياسية وعسكرية و اقتصادية مع إيران والعراق وهما منتجان كبيران في أوبك بالاضافة الى غموض المستقبل العالمى للطلب علي النفط الخام، وتحديدًا من جانب دول اسيا وخاصة الصين والهند فضلاً عن الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في ضوء الارتفاع المستمر في أسعار النفط عالميًا ووسط كل هذه الصراعات تبحث أوبك عن البقاء واثبات قدرتها على التحكم فى الاسواق فى ظل صعوبة التنسيق وتقارب وجهات النظر مع الدول الكبرى خارج المنظمة.
واخيرا فان قوة ومستقبل اوبك سيبقى مرهونا بقدرتها على استقرار الاسعار وليس ذبذبتها كما هو عليه الان والجميع خارج وداخل اوبك يجب ان يعلم ان الدول النامية الاكثر ضررا من تقلبات الاسعار والاسواق وان الجميع يجب ان يعملوا على خلق سوق اكثر استقرار وثباتا ومستدامة والتى من شأنها خلق وتوفير ارضا صلبا للتخطيط والاستثمار الفعال وان بناء الانظمة والاقتصاد على طاقة هزيلة وهشة ورخيصة بشكل غير واقعى يعرض الانظمة لفشل هائل وخاصة فى ظل صدمات الاسعار وتذبذبها.
وللحديث بقية طالما فى العمر بقية....