إذ ليس خافياً أن الأزمة الأمريكية الإيرانية تمثل مخرجا من وجهة نظر الإدارة الأمريكية لقضية السيطرة على أسعار البترول، بتقليص قدرات منظمة الأوبك فى السيطرة على سوق البترول العالمى ..إذ مع زيادة حدة الخلافات فى منطقة الخليج العربي البترولى ، بات المتعاملون فى السوق العالمى يخشون من إمكانية خسارة البترول الأيرانى الذى يصل إلى ٤ ملايين برميل يوميا !!
فلم يحدث منذ اندلاع الثورة الإيرانية أن استطاع قطاع البترول الإيراني الوصول إلى مستوى الأنتاج الذى وصلت إليه إيران فى عهد الشاه وهو ٦ ملايين برميل يوميا، ويترقب العالم مدى احتمالية فرض عقوبات أمريكية جديدة على النظام الايرانى، وإمكانية إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووى الموقع فى عام ٢٠١٥ .
التوترات الجيوسياسية فى منطقة الشرق الأوسط الذى يمثل نصف إمدادات العالم من البترول ، والاتفاق الروسى مع دول منظمة الاوبك لخفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لإعادة التوازن إلى السوق العالمى ، ويساهم فى رفع أسعار خام برنت ليقترب من أعلى مستوى له خلال أربع سنوات ، ليقفز سعر برميل البترول إلى 75 دولار للبرميل ..وقد عبر الرئيس الأمريكى عن ذلك عبر موقع تويتر بالقول ( يبدو أن أوبك تعيد الكرة من جديد ، فى ظل الكميات القياسية من البترول فى كل مكان ، بما فى ذلك السفن المحملة عن آخرها فى البحر ، اسعار النفط مرتفعة جدا على نحو مصطنع ، وهذا ليس جيدا ولن يكون مقبولا .
وهو ما يعنى تزايد دور منظمة الاوبك فى الاسواق العالمية لتزويد العالم بما يحتاجه من البترول، وتسعى الدول الأعضاء فى منظمة الاوبك إلى خفض الإنتاج حتى لا تنهار الأسعار ، وقد لعبت المملكة العربية السعودية لفترة طويلة دور المنتج المتمم داخل منظمة الاوبك ، إذ كان يتم الاتفاق على سقف إنتاج لدول المنظمة ، بحيث توزع الحصص على الدول الأعضاء بشكل محدد، ثم تقوم المملكة باستكمال سقف الإنتاج المتفق عليه من إنتاجها .
وهكذا ظل الإنتاج السعودى يدور لفترة طويلة حول ٥ ملايين برميل يوميا بينما كانت الطاقة الإنتاجية القصوى للمملكة يزيد على ٨ ملايين برميل يوميا ، إلا أن انخفاض أسعار الخام أدى إلى مرور الدول المنتجة للبترول وعلى رأسها المملكة بضائقة مالية ممتدة ، أدت إلى تسجيل عجز متواصل فى موازينها العامة ، وما ترتب على ذلك من ارتفاع الدين العام المحلى لدى كافة دول منظمة الاوبك والدول المستهلكة للبترول ، وتصاعد الدين الخارجى إلى جانب ذلك افتقار هذه الدول للأموال اللازمة للأستثمار فى مجال البترول .
وتلعب صناديق الاستثمار الغربية وبعض صناديق المؤسسات الاقتصادية مثل بعض المؤسسات الجامعية الأمريكية ، بضخ مليارات الدولارات لشراء عقود البترول وتعمل على إشاعة أن الأسعار سترتفع أكثر، لأنه كلما زاد الفارق بين السعر الذى تم شراء العقود به وسعر بيع تلك العقود تضخمت أرباح هذه الصناديق التى لا تستهلك قطرة بترول واحدة !!!
حمى المضاربة التى أطلقتها صناديق الاستثمار الغربية كانت هى السبب الرئيسى فى موجة التضخم العالمى ومشكلة توفير الغذاء لملايين البشر ، فكل انخفاض فى سعر صرف الدولار يحدث إرتفاع شديد فى أسعار البترول ، وتعتبر أسعار البترول مثل فقاعة هواء كبيرة من المحتمل أن تنفجر فى أى وقت .
لذلك تبنى قطاع البترول المصرى برنامج اصلاح ملف البترول ومنتجاته من خلال تطبيق برنامج خفض الدعم التدريجي عن المنتجات البترولية بالسوق المحلية ، وتمت على ثلاث مرات الأولى فى ٤ يوليو ٢٠١٤ ، والثانية ٤ نوفمبر ٢٠١٦ ، والثالثة ٢٩ يونيو ٢٠١٧ ، نتيجة ارتفاع معدلات الاستهلاك عن الإنتاج يتم استهلاك ٨١ مليون طن سنويا ، وحجم الإنتاج المحلى 56.4 مليون طن سنويا ، ليكون الفارق أكثر من ٢٥ مليون طن سنويا يتم استيرادها من الخارج وفقا للأسعار العالمية للبترول ..فقد تم تحديد سعر برميل البترول فى الموازنة العامة للدولة ٢٠١٧ / ٢٠١٨ ، بقيمة ٥٥ دولار للبرميل، أما موازنة العام المالى الجديد ٢٠١٨ /٢٠١٩ بقيمة ٦٧ دولار للبرميل أى بفارق ١٢ دولار للبرميل وتم تخصيص مبلغ الدعم المخصص للمنتجات ١١٠ مليار دولار، إلا أن تقلبات الأسعار وارتفاع السعر إلى ٧٥ دولار وفقا للأسعار الحالية، وهو ما يعنى ارتفاع الدين العام المحلى وتصاعد الدين الخارجى .
أذاً فلا بديل عن زيادة أسعار المنتجات البترولية بالسوق المحلية مع بداية العام المالى الجديد، مع ضرورة العمل على سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك للوصول إلى الاكتفاء الذاتى من البترول كما فعلنا فى ملف الغاز الطبيعى
عامل ترامب البترولى يتمثل فى الضغط المستمر على منظمة الاوبك ، ورفع معدل التضخم لاقتصاديات الدول الإقليمية وعلى رأسها مصر والسعودية !!!