تعتبر الموارد الطبيعية من البترول والغاز الطبيعي الموجودة تحت قطاع البحر فى المناطق الاقتصادية الخالصة، محور الصراع الدولى بين الدول الصناعية الكبرى والدول الصغرى التى تنتجهما، لأن أمتلاك البترول والغاز يعنى القدرة على البقاء والوجود والتفوق العسكرى والاقتصادي .
ويختلف الوضع فيما بين الحقول البرية التى يسهل السيطرة عليها من جانب القوات المسلحة للدولة، أما الحقول البحرية تحتاج إلى قوة بحرية قوية لحماية الحقوق.. ويعد البحر واقعا جغرافيا يتصف بخصائص جيولوجية وفيزيائية محددة، وأن مياهه حافلة بأنواع كثيرة من الكائنات الحية وإمكانية إستغلال ثروات البحر غير الحية البترول والغاز الطبيعي والمعادن، وهو مايتوقف على مدى ما وصلت له الدولة فى مجال العلم والتكنولوجيا .
وتقدر نسبة حقول البترول البحرية المنتجة فى بحار العالم ٢٥% من الإنتاج العالمى للبترول، لذا اهتمت منظمة الأمم المتحدة بالبحار، فأصدرت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحر فى ١٠ ديسمبر ١٩٨٢، و التى نصت المادة الثالثة منها على أن لكل دولة الحق فى ان تحدد عرض بحرها الإقليمي لمسافة لا تتجاوز ١٢ ميلا بحريا، وتمتد المنطقة الإقتصادية الخالصة لمسافة ٢٠٠ ميل بحرى من خط الأساس الذى يبدأ منه قياس عرض البحر الأقليمى، والميل البحرى يعادل ألفا وثمانمائة واثنين وخمسين من الأمتار.
والبترول والغاز الطبيعي والمعادن هى أهم الموارد الطبيعية غير الحية الممكن وجودها فى مياة المنطقة الإقتصادية الخالصة، وتعد منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط منطقة ملتهبة الصراع بين كافة القوى الدولية فى كافة المجالات المختلفة .
واحدث الأزمات بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، ادعاء تركيا أن اتفاقية ترسيم الحدود البحريةبين مصر وقبرص تنتهك الجرف القاري التركى عند خطوط الطول ٣٢ ، ١٩ ، ١٨ درجة، وبالتالى لا يحق لأى جهة أجنبية أو شركة أو حتى سفينة إجراء أبحاث أو التنقيب عن النفط والغاز فى تلك المنطقة !!
وسجلات حقبة ما بعد الدولة العثمانية والدخول فى مرحلة الدولة العلمانية الحديثة، تكشف عن ممارسات ومواقف تركية مشينة مع الدول المحيطة بها ..
فقد قامت تركيا بعملية عسكرية فى عام ١٩٧٤ فى جزيرة قبرص نتج عنها، تقسيم الجزيرة إلى نصفين الأول يونانى فى الجنوب ، والثانى تركى فى الشمال وتم الإعلان عن قيام جمهورية قبرص التركية و التى لم يعترف بها المجتمع الدولي ..
وقد جرى استفتاءين فى جزيرة قبرص رفضه القبارصة اليونانيون بنسبة ٧٦ % فى عام ٢٠٠٤، لتنضم قبرص إلى الاتحاد الأوروبي ومارست حقوقها السيادية على حدودها البحرية وفقا لقواعد وأحكام القانون الدولى العام ..وهو ما دفع مصر إلى الاهتمام بملف ترسيم الحدود البحرية الشمالية مع قبرص فى أبريل ٢٠٠٢ ، عندما طلب وزير التجارة والصناعة القبرصي من وزير البترول المصرى الأسبق المهندس سامح فهمى التفاوض على ترسيم المنطقة الإقتصادية الخالصة، وهو ما ترتب عليه توقيع مصر وقبرص اتفاقية ترسيم الحدود البحرية فى ١٧ فبراير ٢٠٠٣، وصدق عليها رئيس الجمهورية بالقانون رقم ١١٥ لسنة ٢٠٠٣، بتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة بين مصر وقبرص، ونتج عن ذلك توقيع قبرص اتفاقيتين مع كل من مصر ولبنان بعد مجهودات كبيرة من جانب وزير البترول الأسبق المهندس سامح فهمى، بتحديد مناطق اقتصادية تمهيدا للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي فى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ..
وأعلنت تركيا فى عام ٢٠٠٦، رفضها للاتفاقية وحظرت الشركات المصرية واللبنانية بعدم التعامل مع قبرص اليونانية فى التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي بالبحار المحيطة بجزيرة قبرص ،وهو ما اعتبرته اليونان انتهاكا صارخا للمبادئ الرئيسية للقانون الدولي العام والسيادة الوطنية للدولة، لأن التعاون القبرصى المصرى له أهداف سلمية هى التنمية الاقتصادية !!!
وقد قامت قبرص بترسيم حدودها البحرية مع إسرائيل فى ديسمبر ٢٠١٠ ليتم الإعلان عن اكتشافات غاز طبيعى فى قبرص واسرائيل حقلى افروديت القبرصى ، ولوثيان الإسرائيلى، ليتم التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية فى ٢٠١٣ لتعلن مصر عن اكتشاف حقل ظهر باحتياطى ٣٠ تريليون قدم مكعب من الغاز فى ٢٠١٥ ، لتغير منطقة شرق المتوسط موازين القوى فى مجال الغاز الطبيعى لصالح مصر وخطتها فى التحول لمركز أقليمى للغاز الطبيعى، وهو ما دفع الدول الكبرى المنتجة للغاز إيران وقطر إلى محاولة عرقلة الإستثمارات فى منطقة شرق المتوسط، بدفع تركيا إلى الإعلان عن رفض اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، وهو تصريح لا قيمة له من الناحية القانونية لأن الاتفاقية تتفق وقواعد القانون الدولى العام !!
أما واقع القوة فإن القوات البحرية المصرية قادرة على حماية جميع الحقول البحرية بعد التطوير العسكرى للقوات البحرية، فأصبح الأسطول البحرى المصرى قادر على ردع كل من يطمع فى خيرات وثروات الشعب المصري !