رئيس "إيجاس" السابق: طرحنا مزايدة التنقيب بالبحر المتوسط للتأكد من عدم استغلال الدول المجاورة للغاز المصرى.. ومخزون حقل "ظهر" مفاجأة.. 150 مليار جنيه توفير لموازنة الدولة بتطبيق الدعم النقدى
قال الخبير البترولى، المهندس محمد شعيب، رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" السابق، أنه بات من الضرورى أن تتحول مصر إلى الدعم النقدى بدلا من النقدى العينى، وهو ما يمكن أن يوفر 150 مليار جنيه من فاتورة الدعم لتوجيها للإنفاق على القطاعات والمرافق العامة المحتاجة لتطوير مثل التعليم والصحة والنقل الجماعى.
وأضاف رئيس إيجاس السابق خلال حواره لـ"اليوم السابع"، قرار تحريك أسعار الوقود الأخير خلق تشوهات سعرية بين المنتجات البترولية، مشيرا إلى أن طرح مزايدة إيجاس التى كانت تتضمن موقع حقل ظهر كانت لتقطع الشك باليقين من أن الدول الأخرى التى لها حدود بحرية معنا لا تنتج بترول من أى خزانات لها إمتداد داخل حدودنا، مضيفا أنه لم يكن لأى خبير توقع حجم الإحتياطى الأصلى للغاز المكتشف فى حقل ظهر.
كيف ترى ملف الدعم ؟
أولاً يجب أن ندرك أن الكثير من دول العالم تدعم مواطنيها بصور مختلفة لكن من المهم أن تكون الدولة قادرة على ذلك وفى مصر نعلم جميعاً أن مواردنا الحالية ليست بالقدر الذى يمكن معه تلبية كافة إحتياجات الوطن والمواطن ومن ثم علينا ترتيب الأولويات التى سيأتى فى أخرها دعم وقود الأغنياء والقادرين وبالتالى يجب أن يتحول الدعم العينى الذى تقدمه الدولة لمواطنيها إلى دعما نقديا لضمان وصوله إلى مستحقيه، وهنا نقصد المواطنين الذين يستحقون الدعم بالفعل وأيضا القطاعات الحكومية التى يجب أن تكون على قائمة أولويات الحكومة لدعمها وتوفير المزيد من النفقات لها، ويأتى على رأسها الصحة والتعليم، ووسائل مواصلات آمنه.
بلغ إجمالى الدعم فى الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2017-2018 نحو 333 مليار جنيه يصل دعم الطاقة " المواد البترولية والكهرباء" لـ150 مليار جنيه.
الدعم النقدى يغطى ما تريد الدولة تدعيمه للمواطن من سلع وخدمات، بالإضافة إلى ما يجب على الدولة تهيئته للمواطن من تعليم ومستشفيات، السؤال كيف تبدأ الدولة فى التحول لدعما نقديا؟ البدايةمن الأسر الخاضعة لبطاقات التموين التى تعد المعيار الأول المتاح حالياً والمحدد لمن يستحق الدعم.
وبحسب ما يقول "شعيب" فإن أعداد المواطنين المسجلين فى منظومة بطاقات التموين فى الموازنة العامة للدولة يصل لنحو 70 مليون مواطن، وهو ما يعنى أن متوسط أعداد الأسر يصل لـ15مليون أسرة، ولو تم تحديد 1000جنيهاً شهرياً–على سبيل المثال من خلال دراسات تحسب الأسعار ومعدلات التضخم - لكل أسرة كدعم نقدى فإن إجمالى الدعم سيصل سنويا إلى نحو 180 مليار جنيه وهو ما يعنى أن الدعم النقدى يوفر على الأقل 150مليار جنيه من إجمالى فاتورة الدعم.
وكيف يمكن تحديد المستحق للدعم؟
الدعم النقدى يجب أن يعتمد على مجموعة شروط ومعايير ديناميكية تعمل على إضافة مستحقيين جدد للدعم أو حذف من لا يستحق، وذلك من خلال البيانات -على سبيل المثال لا الحصر- أعداد السيارات المملوكة للأسرة الواحدة، أعداد الوحدات السكنية المملوكة لأفراد الأسرة الواحدة، و متوسط الاستخدام الشهرى من الكهرباء و متوسط فواتير التليفون المحمول للأسرة وهى كلها بيانات توضح مستحق الدعم من غيره وتستطيع بها الدولة الفرز والحذف وتنقية كشوف مستحقى الدعم أولاً بأول فأنه يمكن أن تكون هناك أسرة مستحقة للدعم اليوم و تصبح غير مستحقة له مستقبلاً، وبالتالى يمكن للدولة إعادة توزيع مصارف مواردها لتوجيها إلى التعليم والصحة ووسائل النقل العامة الآمنة و مشروعات توصيل مياه الشرب وشبكات الصرف الصحى.
وبعد التحول إلى الدعم النقدى فإن ذلك سيساعد على تحرير السوق، ويزيد من عدد مقدمى الخدمة دون إحتكار، بما يعمل على إتاحة الخدمة وتحسين جودتها ويرخص من سعرها لوجود حالة من التنافس بين مقدمى الخدمة والسلعة الواحدة لصالح المستهلك، فالسوق الحر يعنى أن الدولة لم تعد الطرف الوحيد وهو ما ينطبق على الوقود بكافة أنواعه.
تشوهات سعرية
وما رأيك فى خطة الحكومة لرفع دعم المنتجات البترولية؟
على الرغم من الإجراءات التى اتخذتها الحكومة من رفع لأسعار الوقود إلا انه مازال هناك فرقا بين أسعار المنتجات المباعة محليا وأسعار التكلفة محلياً فضلاً عن أسعارها العالمية، ويجب ان تستمر الحكومة طرفا أساسياً طالما كان هناك دعماً للوقود.
الحكومة ارتكبت عدة أخطاء فى أثناء إعادة تسعير المواد البترولية أخيرا، بعد أن سعرت الغاز الطبيعى لقمائن الطوب بـ5 دولارات للمليون وحدة حرارية، فى حين أبقت على سعر المازوت للقمائن عند 2150 جنيه للطن أى حوالى 3 دولار للمليون وحدة حرارية، وهو ما دفع معظم القمائن التى كانت تعمل بالغاز إلى التحول للعمل بالمازوت، على الرغم من توجه الدولة لتعظيم استخدام الغاز الطبيعى و كان يجب ألا يكون سعر المازوت أقل من الغاز.
بالإضافة إلى أن سعر المازوت لمصانع الأسمنت والذى تم تحديده بـ3500جنيه للطن، وهو ما خلق سوقاً سوداء للمازوت بسبب وجود سعرين واحد للقمائن و الأخر أغلى بنسبة 63% عنه للأسمنت مما جعل بعض القمائن تبيع المازوت للأسمنت فى سوق سوداء ما يعد تشوهات سعرية، قائلا "أعتقد أن القمائن لن تجنى أرباحا من صناعتها كتلك التى يمكن أن تجنيها من بيع المازوت للأسمنت"
أسعار الوقود العالمية
أسعار الوقود فى مصر مرتفعة بالرغم من انخفاض أسعار الوقود العالمية؟
أسعار و تكلفة الوقود محلياً لا يتحكم فيها فقط سعر برنت العالمى، لكن يتحكم فيها عدة عوامل منها سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والذى تتضاعف الأن ووصل لأكثر من 17جنيها فى حين كان لا يزيد عن 5.5جنيهات حينما كان برنت يتجاوز 100 دولار، بالإضافة إلى القدرة الإنتاجية المحلية التى انخفضت فى الفترة الأخيرة بعد 2011 فزاد الاعتماد على حصة الشريك بالإضافة إلى الاستيراد وهى عوامل تؤثر فى سعر التكلفة.
ويكمل "ستر ربنا على مصر أن أسعار النفط العالمية انخفضت فى الفترة السابقة وخاصة فى ظل ااضطراب الأمنى والسياسى، القوى الدولية الكبرى مثل أمريكا أرادت بإنخفاض أسعار النفط التأثير على موارد دول أخرى مثل روسيا لكنها فى النهاية صبت فى صالح مصر وقتها كنا سنمر بموقف غير جيد على الإطلاق.
كيف ترى اكتشافات الغاز الجديدة؟
حينما طرحنا فى شركة "إيجاس" خلال عام 2012 مزايدة مناطق البحر المتوسط التى كانت تتضمن الموقع الخاص بحقل ظهر، بمنطقة شروق كنا نستهدف فى المقام الأول حفظ حقوق مصر الاقتصادية وثرواتها الطبيعية، وحتى نتأكد تماما من أن الدول المجاورة لحدود مصر البحرية لا تنتج غازا من خزانات ممتدة إلى الاراضى المصرية.
كنا نتوقع وجود الغاز فى هذه المنطقة، لكننا لم نكن نتوقع هذا الحجم الضخم من الغاز، والبيانات المتاحة تشير لوجود مناطق واعدة بالبحر المتوسط غير "ظهر"، مثل منطقة امتياز شركه بى بى غرب موقع ظهر، وأيضا جنوب وشرق ظهر فى ثلاثة مناطق لشركة أديسون الإيطالية، بالإضافة إلى الصحراء الغربية، الدلتا والبحر الأحمر.
· ويضم حقل ظهر الذى اكتشفته شركة إينى الإيطالية فى 20 أغسطس 2015، احتياطيات أصلية أعلنتها الشركة تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى
هل يحقق الإنتاج لمصر أمالها فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز؟
يجب أن ندرك هل المفهوم من الاكتفاء الذاتى من الغاز هو أنه سيتحقق من حصة الدولة من الإنتاج المحلى وبالتاكيد هذه الحصة لا تكفى على الإطلاق، أم لو المقصود حصة الدولة مع حصة الشريك الأجنبى، فيجب أن نعلم أن شراء حصة الشريك له تكلفة لابد من تسديدها حتى يتمكن الشريك من التنمية واستمرار العمل.
ولا يمكن أن نتحدث عن الاكتفاء دون الحديث عن حجم الاستهلاك والاحتياج فى السوق المحلى حالياً و مستقبلاً، فاستهلاك مصر من الغاز هو كل الاحتياجات من الغاز بالعقود المبرمة بين أصحاب المصانع وشركة إيجاس وتشمل هذه العقود الحصص التى يحصل عليها أو التى لا يحصل عليها نتيجة عدم توافر امدادات الغاز، بالإضافة إلى كل ما يستهلك من المازوت فى الكهرباء و الصناعة نتيجة نقص إمدادات الغاز أو لضعف سعره المعلن للسوق المحلى مقابل سعر الغاز، بالإضافة إلى كل كميات السولار المستهلكة كوقود فى الصناعة والكهرباء وهو ما يقترب بحسبة بسيطة إلى 8 مليار قدم مكعب يوميا خلال أشهر الصيف الماضى.
بالإضافة إلى ما سبق فإن مصر تسعى لتحقيق تنمية، ما يعنى أن هناك أحمالا جديدة ستضاف إلى الغاز مستقبلا مثل مشروعات التنمية بالعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، وغيرها من مشروعات القطاع الصناعى والطرق ومشروعات تحلية المياه وإستصلاح الأراضى.
أننا نتحدث كثيراً عن موضوع تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز كأنه مربط الفرس ونتجاهل دولاً كبيرة الإنتاج مثل أمريكا والصين مازالت تستورد ودولاً صناعية كبرى لها إقتصاد قوى مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية لا تمتلك مصادر للطاقة ولا يعوقها ذلك عن التنمية والتقدم.
لكن ذلك يعنى استمرار حاجة مصر للاستيراد الغاز من الخارج؟
العوامل الاقتصادية والتنمية التى تستهدف الدولة تحقيقها هى من تتحكم بالأمور، ويجب علينا أن تكون معدلات الاستهلاك كفء للطاقة بالإضافة إلى ضرورة تأهيل جميع محطات الكهرباء التى تعمل حالياً لتكون على غرار كفاءة محطات سينمس، بالإضافة إلى التوسع بجدية فى خطط واضحة ببرامج زمنية محددة لمحطات طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح.
فيجب أن يكون هناك خطة للطاقة الشمسية لتحقيق خطوات متقدمة وتفتح مجال الاستثمار بنفس نظام اقتسام الإنتاج البترولى فى هذا المجال من الشركات المتخصصة وتصدير الطاقة عبر كابلات بحرية إلى أوروبا وتلعب مصر دورا محوريا فى اتفاقية المناخ عن طريق خفض الإنبعاثات وتوليد الطاقة الشمسية داخليا وخارجيا دون أن تتحمل الدولة أى مصروفات أو تكاليف لنتحول بعد 10 سنوات لمورد رئيسى للطاقة الى أوروبا.
كيف يمكننا التحول بمصر إلى مركز اقليمى للطاقة؟
مصر تملك الفرصة الجيدة لذلك، بحكم معدلات استهلاكها العالية من الوقود، فهى تعتبر سوق كبيرة ومتنامية للطاقة بالإضافة إلى وجود بنية تحتية كبيرة من خطوط أنابيب ومحطات إسالة للغاز تسمح لها باستقبال الغاز من أماكن مختلفة، بالإضافة إلى الاستفادة من قانون تنظيم سوق الغاز فى تحرير سوق الغاز بمصر، بالإضافة لإيقاف استيراد المازوت تماما وإيقاف استيراد السولار كوقود للمصانع والكهرباء لانه مكلف ولان الغاز أرخص، بالإضافة إلى استخدام الغاز بديلا للمازوت المحلى، واستخدام المازوت المحلى فى مشروعات قيمة مضافة كمعمل تكرير المصرية للتكرير بمسطرد، ومعمل تكرير أسيوط و منطقة الأسكندريه والفائض من المازوت بعد ذلك يستخدم فى تموين السفن بالسعر العالمى كما كان يحدث فى عام 2004 ، والذى وصلت فيه كمية مبيعات مازوت تموين السفن بمنطقة السويس إلى حوالى 4 ملايين طن بالسنة. وحاليا لا نتجاوز 500 ألف طن ، فالمازوت المحلى كان يعطى ميزة تنافسية لمصر حيث يستخدم فى تموين السفن بالسعر العالمى.
جهاز تنظيم سوق الغاز
ومن ضمن العوامل التى تساعد فى تحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة تحرير سوق الغاز بما يرفع عن كاهل الدولة مسئولية الدعم والتسعيير فمرفق جهاز تنظيم سوق الغاز هام جدا ولكن يجب ان يكون القانون واللائحة والمسئولين مستهدفين الغرض الحقيقى من القانون وهو تحرير السوق دون أى قيود أو صعوبات فى تطبيق القانون.
لكن الجهاز يفقد واحدة من أهم متطلباته وهى الحيادية، فما كان يجب أن يكون وزير البترول رئيسا اجهاز تحرير الغاز وهو نفسه رئيس هيئة البترول التى تملك وتبيع الغاز، أى أنها أحد المتعاملين مع الجهاز المنظم للسوق وهو ما يعنى أننا خلقنا نظرياَ دون داعى تضارباً للمصالح وهو ما يؤخد علينا خارجيا وهو وضع كان يجب أن نتجنبه لإعطاء صورة إيجابية للمستثمرين والراغبين فى اقتحام سوق الغاز المصرى بإن الجهاز مستقل عن الحكومة المصرية ومحايد تماما وجاء ليحكم العلاقة بين الجميع شركات حكومية و خاصة على السواء.
جهاز لتنظيم الطاقة
وأضاف نتمنى أن يكون هناك جهازا لتنظيم الطاقة يضم جهاز تنظيم الغاز، وجهاز تنظيم المنتجات البترولية، وجهاز تنظيم الكهرباء، وهو ما يخلق سوق حر لإنتاج وتجارة وتداول الطاقة فى المستقبل.