01:53 pm 20/04/2024
| شخصيات
| 525
أثار رحيل ( العمده سليمان)الاستاذ الكبير صلاح السعدني شجون كل الشعب المصري و خاصة فيما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الموضوع الحزين . ارتبطت هذه الشخصية مع اجيال متعاقبه عاصرت المسرح في اوجه منذ لوكاندة الفردوس عام ١٩٦٤ وما تلي ذلك من اعمال كلها كانت محطات عتيدة من قلب المجتمع المصري . هب المصريون بحق مذعورين علي فقد هذه الشخصية تحديداً لانهم عاصروا معها أحداث لا يستطيعوا نسيانها . عاصر معهم حرب اكتوبر و كان (فيلم الرصاصه لا تزال في جيبي) مع القدير محمود ياسين، تعبيراً عما مر بنا من الم منذ نكسه ٦٧ وحتي لحظات العبور الخالد الذي حطم سلاسل الحزن والهزيمة .
كان صاحب شخصية مميزه ومحورية وسط عمالقه الفن في فيلم ( الارض) وهو واحد من اقوي واعظم الافلام المصرية ليوسف شاهين والذي كان يعالج اخطر قضية واجهت الفلاح المصري وارتباطه بأرضه حتي الموت . اما علامته المميزة التي لن ينساها التاريخ فكان دوره في العمده ( سليمان) في واحده من روائع التاريخ و الفن المصري للمبدع اسامه انور عكاشه في ليالي الحلمية التي تابعتها مصر كلها عبر سنوات متتابعه في رمضان .
هذه مجرد امثله محدودة من اعمال هذا الفنان الذي كان يعبر بصدق عن الحياة المصرية الاصيلة عبر تاريخها من الستينات وحتي الأن . هو قامه اخرى تدخل التاريخ وتصبح ذكري وتغادر حياتنا بكل احترام وتقدير . ومن يتلفت حوله يجد ان التاريخ يملك اكبر مصنع في هذه الدنيا لصناعة الذكري والشجون . انه يأخذ ولا يعطي . يتعامل مع الانجازات و ما يمكث في الارض وما يوقر في عقول الناس و وجدانهم. لم يتعامل مصنع التاريخ مع الاجساد والماديات ولكنه تعامل بكل دقه وحرص على كل ثمين انتجته هذه الاجساد والعقول . تذهب الاجساد والعقول الى نشأتها الاولى في التراب و تبقي اعمالهم على ارفف من قطيفة غاليه او في فاترينات انيقه . منطق غريب ومثير لانتاج هذا المصنع . لا يأبه الى صاحب العمل ومبدعه بينما يحتفظ بعمله و ابداعه على مر الايام . ربما اشارت الي هذا كل الاديان ولم يلق لها الكثير بالاً . الاعمال هي الباقيه هي المنجية والمهلكة اما الجسد فله مآله الوحيد .
انتفاضه الناس لم يكن مبعثها الحزن علي فقد صلاح السعدني كجسد وروح ولكنه الحزن علي الايام الجميلة التي جسدها ببراعه وجعلنا نعيش معها اجمل الايام والذكريات . جميعنا نقف امام بوابه هذا المصنع الكبير ليأخذ منا ما قدمنا من اعمال فقط فأن كان ثميناً احتفظ به ووضعه في مكانه اللائق وان كان غثاً حقيراً ذهب الي التراب مع صاحبه . هذا هو اكبر مصنع في الحياة وتحسبوا يوماً تمرون عليه . رحم الله الفنان الكبير صلاح السعدني اظرف عمده في بر مصر . والسلام ،،
#سقراط