الفساد هو إستغلال السلطة لأغراض خاصة سواء فى تجارة الوظيفة أو الأبتزاز أو المحاباة أو إهدار المال العام أو التلاعب فيه ،وسواء كان ذلك مباشراً أو غير مباشر ..وأبرز أمارات الفساد فى النظم القانونية كما يقول ميكافيلى فى كتابه الأمير المنافقين، فيقول ( أحذر المنافقين والمصفقين هؤلاء إن امتلأ بهم بلاطك خسرت حب الناس .
ففى كل بلاط سلطة هناك فئة من المنافقين مستعدين للتهنئة بالنجاحات والتصفيق للإنجازات ،لكنك فى الوقت نفسه لا يجب أن تحيط نفسك فقط بمنتقديك .
إن فعلت هذا خسرت إحترام الناس، عليك أن تمزج بين هذا وذاك، والمهم أن تسمع دائماً للحقيقة وأن يكون بجوارك من يستطيع أن يقول لك الحقيقة كاملة ... وأصبحت هذه الفئة بالملايين كونت سور عظيم من تراكمات الفساد عبر العصور ،لتتلاشى خلف سور الفساد كافة المبادئ والحقوق والواجبات ،فلم يعد هناك مجال لتطبيق مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين بلا تمييز ،حتى أن الوظيفة العامة لم تعد حق للمواطنين على اساس الكفاءة ، وإنما الوظيفة العامة محجوزة لبعض الافراد على اساس المحاباة والوساطة لخدمة أنفسهم من أموال الشعب بدون وجه حق .
استطاعت فئة المنافقين إعدام الضمير والوازع الدينى لترسيخ العنصرية والتمييز والكراهية ، عندما يتظاهر شباب العلماء ممن حصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه من أجل توفير فرصة عمل لهم ، وهم يتابعون على وسائل الإعلام المختلفة أخبار التعيينات لأبناء الوزراء ،وأبناء أعضاء مجلس النواب، الذين لهم الأولوية فى التعيين ووظيفة محجوزة بلا اختبارات أو مسابقة ، قرار تعيين من السلطة العليا المختصة !!!
خلف سور الفساد هناك من يدفع الثمن باهظا فقول الحقيقة له ضريبة ، فعندما أعلن وزير العدل الأسبق المستشار محفوظ صابر عدم تعيين إبن الزبال فى القضاء ، قدم استقالته لأنه كشف حقيقة النظام الطبقى فى التعيين المحجوز لفئات بعينها ..
وأبرز صور الفساد جريمة الرشوة التى ضربت جميع فئات المجتمع بلا إستثناء ، كافة المعاملات الخدمية اليومية لابد من دفع مقابل مالى فى صورة اكرامية أو هدية لتجد الوزير المرتشى ، ونائب المحافظ المرتشى ، ورؤساء الأحياء ونوابهم ومساعديهم ، والقاضى المرتشى ، والضابط المرتشى، وموظفى الإدارات المحلية ..واذا لم تدفع المعلوم كما هو مطلوب ،ستدخل فى عالم تعقيد الإجراءات الإدارية بدون وجه حق، تصطدم بالموظف الكسلان أو الموظف المتكبر الذى يتعالى فى معاملاته أو الموظف الذى يدعى الدقة في العمل ، وإذا دفعت قيمة شرف الموظف الوظيفى تنتهى كل الإجراءات بسهولة ، ولو عايز أى حاجة ( كلمنى ) !!!
وفى ظل طبقة المنافقين يهدر مبدأ تكافؤ الفرص ويتم اختيار الأشخاص غير المؤهلين لتولى المناصب القيادية التنفيذية ،وأستبعاد الكفاءات لصالح الأبناء أو الأقارب أو الأصدقاء ..وأصبح سور الفساد قوى بالوصول إلى مرحلة التلاعب بالقوانين واللوائح والقرارات و التى ترتكز على السلطة التقديرية المطلقة للفئة المهيمنة على صناعة القرار و التى تميل إلى اختيار أهل الثقة والأصدقاء فى المناصب القيادية دون الاعتداد بنظام الأختيار الأقدمية أو الأختيار ..لتصبح العملية الإدارية برمتها تقديرية تصل إلى مرحلة المزاجية وبأسلوب فوضوى ، يؤكد مدى قوة سور الفسادالعظيم .