الكاتب : عثمان علام |
10:26 pm 13/03/2024
| رأي
| 5123
كانت رحلة أيمن الشريعي قبل ثمانية سنوات مضت ، رحلة فوق مستوى العقل ، خالفت كل الأعراف والتقاليد وضربت بكل قواعد المنطق عرض الحائط ، شخص أعزل يحارب طواحين الهواء ويدخل رغماً عنه في صراع مع أكبر القيادات في قطاع البترول، في سابقة لم تحدث من قبل ، كلا الطرفان كان له منطق وحجة ، وبينما كانت الأداة الوحيدة ل"أيمن الشريعي" الأخلاق "، كانت أدوات خصومه قرارات وجزاءات وقذف بمدافع السلطة وتشويه السمعة وزرع الكراهية ، والتي لم تتوقف لأكثر من ثلاث سنوات، إنها فصة أيامي على مرأة ذاتي.، عشت فيها بيقيني .
-----------------
كل الذين أقتربوا من أيمن الشريعي وأنا واحد منهم ، لم تستوعب عقولهم تلك المعركة ، رغم أننا كنا أحد أطرافها ، لم يجول بخاطرنا أنه لايزال على هذه الأرض من يدافع عن قيمه بهذا الشكل، ولهذا كانت رحلة فوق مستوى العقل ، يصعب على الذين يُعملون عقولهم أن يستوعبوا كيف لشخص أعزل يحارب من أجل القيم والمبادىء ، أن يقف في ساحة المعركة وحيداً ضد سلطة متغطرسة لم نكن نعرف من يزودها بالوقود ولا من كان يدعمها ولا حتى من كان يقف في ذلك الطابور الذي يحارب شخص أيمن الشريعي .
البداية:-
————
بدأت القصة مع تأسيس نقابة إنبي ، وانتفض إمام السعيد رئيس إنبي في ذلك الوقت ليقف بالمرصاد ضد تأسيس النقابة ، وكأن هناك ثأر بايت بينه وبين أيمن الشريعي ، ودارت رحى المعركة ، وفي كل يوم كانت تتكشف حكايات تؤكد أن كل ما ارتكبه إمام السعيد كان انتقاماً من شخص ما في صورة أيمن الشريعي .
——————
سارت الأيام وخرج إمام السعيد للمعاش ، وخلفه محمد حتحوت ، وكنا نظن أنه سيكتب نهاية للقضية ، فالرجل لم يدخل إنبي من قبل ولا علاقة له بخلافات من سبقه، لكنه سار على نفس المنهج فترات طويلة ، والحمد لله أن قراراً عصف به بعيداً عن إنبي ، لتبدأ قصة أخرى من جديد ، قصة ليست كقصة "إمام" و "حتحوت"، إنها قصة البداية لعهد جديد مليء بالعدل والإنصاف وإعطاء الحقوق لأصحابها ، كان ذلك على يد الراحل المهندس علاء حجازي ، أرجل وانظف واطهر ما عرف قطاع البترول على مدار تاريخه .
————————
حكاية أيمن الشريعي وإمام السعيد ومحمد حتحوت تخللتها روايات عديدة ، وأحداث جسيمة ، وأحزان وآلام كادت أن تعصف بحياة أيمن الشريعي نفسه ، لولا أن كل ما حدث كان اختباراً قاسياً للشريعي نفسه ، وهل سيظل متمسكاً بمبدأه أم يتخلى عنه ، مثله مثل أي عظيم دون التاريخ إسمه وكان له قضية يدافع عنها .
———————
ربما تجلى ذلك في كم العروض التي جاءت ل"أيمن الشريعي"، في أن يُنقل لشركة ميدتاب أو ثروة ، أو يختار شركة أكبر من إنبي ويذهب إليها ، والذين قدموا ذلك والذين كانوا يميلون لهذا الإتجاه وأنا واحد منهم ، لم يكن في مخيلتهم أن هناك قضية أكبر واسمى من نقله لشركة أكبر تمنحه أموالاُ اكثر ، أيمن الشريعي كان يدافع عن مبدأ ، كان يدافع عن قيمة ، كان يدافع عن حق ، رأى أنه سار فيه ووجد من عطله عن إكماله.
——————
والذي يتأمل القضية أيضاً وعاش الحكاية مع أيمن الشريعي من البداية للنهاية ، كان عقله قاصر لدرجة لم تعي وتدرك طبيعة أيمن الشريعي ، وكيف أنه شخص تربى بشكل مختلف وله طبيعة مختلفة وله كيان مختلف وله وزن مختلف حتى بين أقرانه ، أيمن الشريعي شخص يصعب فهمه لأنه من القليلون الذين يتمسكون بمبادئهم وأخلاقهم، حتى لو كلفهم ذلك حياتهم وأكل عيشهم ، ولهذا كانت حكايته فوق مستوى العقل .
————————-
ثمة نفر من شباب إنبي ركبوا السفينة مع أيمن الشريعي ، وأصابهم ما أصابه ، وعندما بدأ نور الصبح يتفتح ، كان الشغل الشاغل ل"أيمن الشريعي"، هو منحهم حقوقهم دونه ، رفض أن تُحل مشكلته قبل مشكلتهم ، ورغم أن الحقوق عادت لأصحابها بعد عناء ، إلا أن أيمن الشريعي ظل المتضرر الأكبر مادياً ومعنوياً ، لكن كل ذلك لم يكن يهم شخص مثل أيمن الشريعي ، فقضيته لم تكن من أجل المال أو المنصب ، لقد كانت ولاتزال من أجل المبدأ .
——————
وقبل الدخول في دهاليز فك القضية وحل شفرتها على يد المهندس علاء حجازي ، لابد من الإشارة إلى قرار كان له العجب ، عندما قرر رئيس إنبي نقل أيمن الشريعي للنادي ، فى وظيفة "إداري" ، وطلب مدير الإدارية في ذلك الوقت من مدير النادي أن يكتب أيمن الشريعي غياب حتى يتمكن من فصله أو مجازاته ، وسبحان الله كانت بداية حياة جديدة يغرس فيها أيمن المحبة بينه وبين كل من كان هناك .
————
علاء حجازي:-
————-
تولى المهندس علاء حجازي رحمه الله رئاسة إنبي ، وتم نقل محمد حتحوت خارج الشركة بعد أن فشل في زيادة راتبه وبعد غضب الوزير عليه ، وفي أول يوم تولى فيه المهندس "حجازي" رئاسة إنبي بدأ في دراسة ملف مظاليم إنبي ، ولم يكن هناك مظاليم أكثر من أيمن الشريعي ورفاقه "محمد رفاعي وعادل ابو السعود وعمرو" الذين أسسوا النقابة معه ، وتم تشكيل لجنة خاصة لدراسة الأمر ، هذه اللجنة كان يحاربها بشدة مدير الإدارية الأسبق صلاح السعيد وعصام نجم مسئول القانونية ، وهذين الشخصين كانا الأداة التي استخدمت زوراً وبهتاناً لمحاربة أيمن الشريعي ، وجرجرة إنبي إلى ساحات المحاكم ، لكن إرادة الحق التي أجراها الله على يد المهندس علاء حجازي ، كانت أقوى من أي مقاومة ، ولعدة أشهر تم فك طلاسم القضية ، وعرض المهندس علاء حجازي على أيمن أن يتولى العلاقات العامة ، بدلاً من أسامه غانم ، ذلك الشخص الذي يظهر بوجه أمام أيمن ، بينما يتعامل بوجه أخر ضد أيمن مع إمام السعيد ومحمد حتحوت ، ورغم علم أيمن الشريعي بذلك لكنه رفض أن يتولى مكانه ، مع أنه الأحق والأجدر، فقرر المهندس علاء علاء أن يتولى "الشريعي"، إدارة مقر نادي إنبي الذي كان يوماً ما يجلس فيه أيمن الشريعي شريداً حزيناً وكأن السماء صبت عليه جم غضبها ، وليكون ذلك بداية لمرحلة جديدة من لمقر أصبح اكثر إشراقاً في عهده ، واكثر خراباً عندما تولاه أسامه غانم .
——————-
في فترة المهندس علاء حجازي خفت صوت نقابة إنبي ، واعتبر القرار كأن لم يكن ولم يصدر بيان من نقابة البترول ليؤكد أن النقابة قائمة ، ويبدو أن هناك مقاومة داخلية ضد تأسيس النقابة ، ولم تقاوم النقابة العامة للبترول ذلك ولم تبدي اي تحفظ أو مواجهة ، وكأن هناك خط تسير عليه الشركة ولا يجب لأحد تجاوزه حتى لو كانت نقابة البترول .
——————-
كانت نقطة فاصلة وحاسمة عندما خاض أيمن الشريعي إنتخابات نادي إنبي، لتثبت هذه المعركة أن هناك إرادة حاكمة للشباب هي التي ادت لنجاح أيمن الشريعي فى الإنتخابات ، والأهم من ذلك لتثبت التجربة أن مبادىء أيمن الشريعي وقيمه وأخلاقه أوصلته لقلوب الناس ، فاختاروه لرئاسة النادي ، واظن أن هذه المعركة كانت من بدايتها لنهايتها مجرد ارهاصات ارادها الله حتى يعرف كل اصحاب الفطرة السليمة داخل إنبي أيمن الشريعي على حقيقته، وهم الآن من يسانده ويقف معه ، حتى أولئك الذين حاربوه بالقول والفعل والتدبير أصبحوا مدينين له بالعرفان والجميل ، ترون أن مجلس إدارة نادي إنبي بأكمله لم يمنح واحد منهم صوته فى الإنتخابات للشريعي ، ورغم ذلك هم يحبونه ويقدروه ويقفون معه الآن، لقد تأكد لهم بالتجربة أنه ما جاء طامعاً في شيء ولا حاقداً على أحد ولا منتقماً من جبار ، بل على العكس جاء ماداً يده بالسلام للجميع .
————————-
نادي إنبي الذي كان يديره موظفون برتبة مساعدين ونواب رئيس شركة ، أصبح يدار بعقلية كروية إقتصادية اخلاقية ، ولهذا ترون يد الله فوق ايدي كل من يقوم عليه ، وما تحقق من بطولات وإنجازات على يد أيمن الشريعي ومجلسه ، لم تكن لتتحقق لو كان واحداً ممن سبقوه موجوداً الآن ، والذين يعيشون داخل إنبي يدركون حجم التحديات التي يواجهها النادي مالياً ، لكن العناية الإلهية تقف مع القلوب المحبة والنفوس الصافية ، والإرادة القوية .
—————————
ليست العِبرة في قصة أيمن الشريعي من أحداثها الجسيمة ، ولا آلامها العظيمة ، ولا حجم المكائد والدسائس والنكران من أشخاص كان بمقدورهم حلها بكلمة واحدة من بدايتها ، لكن تكمن العبرة هنا فى المبدأ ، أن تكون شخص صاحب قضية ، أن تكون شخص لديك أخلاق في زمن عز فيه الأخلاق ، لكن الله عندما يدافع عن شخص ترى عطاءه عظيم وجزاءه وفير ورحمته واسعة وفضله يفوق مخيلة البشر .
——————
والذين ناصبوا أيمن الشريعي العداء ، والذين تنكروا له والذين اداروا وجوههم عنه بالأمس ، هم نفس الأشخاص الذين يحكون عن أمجاد أيمن الشريعي الآن ، لكنها مجرد مقدمة استهلالية نفاقية تسبق طلباتهم في قيد اقاربهم ومحبيهم داخل نادي إنبي .
——————
ومهما كتبت عن حكاية أيمن الشريعي ، لا يمكن تصويرها بكلمات ولا حكيها بعبارات ولا اختصارها بحروف اللغة بأكملها، فهي تشبه قصصاً كثيرة حكاها القرأن ، و وردت في التراث ، لكن تصويرها كان أبلغ عندما نشرت حواراً بين أيمن الشريعي وإمام السعيد ، كان مقتبساً من حوار عمر المختار وحاكم ليبيا وقت الإحتلال الايطالي ، كان من أجل عباراتها "حاربناكم وذلك يكفي "وأيمن الشريعي الذي ذهب يوماً لنادي إنبي مغضوباً عليه ، هاهو اليوم رئيساً له ، بل وكل يوم يدشن فيه بطولات ويزرع فيه قيم كانت غائبةً عنه .
#سقراط #حكاوي_علام