الكاتب : سقراط |
04:08 pm 22/02/2024
| رأي
| 1096
اثارت مرافعه مصر امام محكمه العدل الدوليه في قضيه جرائم الحرب التي تقوم بها اسرائيل حالياً في الاراضي المحتله دوياً في الاوساط السياسيه العالميه . حازت المستشاره القانونيه بمكتب وزير الخارجيه (ياسمين صبري ) اعجاب الحاضرين بقوه شخصيتها ولغتها السليمه وترتيب الافكار والاحداث التي عرضتها وكانت مثالاً ناصعاً لما يجب ان تكون عليه المرأة المصريه في العصر الحديث . كانت المستشاره موفقه الي حد بعيد في الزي التي ترتديه ونبره الصوت التي تحدثت بها والهدوء الرزين الذي تميزت به اثناء القاؤها للمرافعة بعيداً عن نبرات التشنج والعنف والالفاظ ذات البعد الديني والعرقي والقت الضوء علي عدم شرعيه الاحتلال الوحيد القائم علي وجه الارض حتي الأن وعلي الرغم من ذلك الهدوء كانت مرافعتها مدويه ومفاجئه الي حد بعيد للحكومه الاسرائيليه فهي تعرف جولات العرب وطريقتهم في التعبير عن رأيهم ومواقفهم جيداً وتكسبها في المحافل الدوليه. كسبت مصر بلا شك بعد هذه المرافعه أرضاً جديده في العديد من الاتجاهات . فالمرافعة مثلت ضغطاً دبلوماسياً وقانونياً هائلاً علي الحكومه الاسرائيليه المتطرفه و اظهرت ان مصر لم تعد تقيم وزناً كبيراً لحسابات وارتباطات اتفاقيه السلام معها وهذا مكمن الخطوره الذي استشعروه بقوه . كانت المرافعه فرصه جيده لفقأ دعاوي التفرقه والاضطهاد للمرأه المصريه من بعض الجمعيات الحقوقية التي تتشدق بها من وقت لأخر كأسلوب ضاغط علينا . اما الاهم من كل ذلك هو ما تمثله لنا تلك المرافعه من نموذج جيد ومحترم لكيفيه اداء العمل والاتقان فيه. فما بين ترتيب الافكار والاحداث وتدعيمها بالمستندات والحجج والتقارير ثم جوده العرض وسلاسته والاتجاه مباشره الي الهدف كانت من الدروس المستفادة من هذه الجوله القضائية الهامه . هكذا يكون العمل الجاد المبني علي العلم والمعرفه وقراءة الاحداث والتاريخ وترتيب الاوراق والبيانات وتنظيمها وتحديد نقاط الضعف والقوه في الخصم كل هذا في اطار من اداره واعيه تعطي الثقه لمن حولها و للمرؤوسين علي حد سواء. تذكرت جمله بليغه في احد الاعمال التلفزيونيه للفنان عادل امام عندما استقال من منصبه الكبير وقال للصحفيين بعدها ان هذه البلد ستكون اعظم بلاد الدنيا اذا قال الذي لا يقدر ( مقدرش) والذي لايعرف ( معرفش) . هذا هو الطريق الصحيح ولا يعيب اي مسئول ان يغادر منصبه طواعيه بعد ان يدرك ويعترف بعدم قدرته علي مواجهه المشاكل او عدم وجود مايستطيع تقديمه للناس . هنا ستظهر شخصيات ومسئولين اخرين بأفكار جديده يمكن ان تدفع بعربه البلاد للأمام وتشيع جو من الثقه في حمله المسئوليه . التغيير ينبع من الشعب نفسه بتغيير ثقافه الوظيفه الابديه التي اتاحها لنا العهد الناصري والعمل بدون مسئوليه او محاسبه وهو ما جعلنا نتأخر كثيراً في سباق الامم في العصر الحديث حيث اصبحت الوظيفه عندنا حق مكتسب بلا التزام وتحقيق نتائج . الناس ثقافات ودرجات في التعلم والخبره والمواهب ولن تجد الجميع عند مستوي واحد منها والا ماسارت الحياه وتنوعت مذاهبها وطرقها . يبدو ظهور ( ياسمين موسي ) اللافت هو بدايه لطريق صحيح لاظهار الطاقات الموهوبة الجاده و الذي يجب علينا ان نستمر في السير فيه وان تحذو جميع الوزارت حذو الخارجيه في ذلك وتعطي للكفاءات حقها في العمل والعطاء والابتعاد عن نمط الوظيفه الروتيني عديم الفائده فليس كل من حاز تدريباً او دوره يصلح كقياده . القياده فن وموهبه وعلم وثقافه وكاريزما شخصيه يتم تأسيسها ورعايتها علي مدار السنين . فيها يوضع هؤلاء الموهوبين تحت النظر الدقيق والتعليم الراقي الصحيح ليصبحوا قاده المستقبل بحق . تحيه للمستشارة (ياسمين موسي) ذلك النموذج المشرف للمرأه المصريه التي اعادت لنا ذكريات عظيمات مصر هدي شعراوي ونبوية موسي وصفيه زغلول و اعطتنا الامل في تجديد دماء العمل الدبلوماسي واظهار الوجه الحسن للمسئولين الحكومين و ما يجب ان يكونوا عليه . وتحيه لوزاره الخارجيه المصريه علي هذا الاختيار الموفق والجهد المشكور .
والسلام ،،
سقراط