الكاتب : سقراط |
05:13 am 15/02/2024
| رأي
| 2844
هبوط الرئيس التركي طيب رجب اردوغان في مطار القاهرة هو جول ملعوب بكل براعة للسياسة المصرية حققت به انتصار تاريخي علي اطراف متعدده نجحت علي مدار عشر سنوات في الوقيعة بين البلدين .
———-
بلا شك نجح الاخوان المسلمون وحزبهم وقيادتهم الهاربه في تصوير اوضاع سياسيه واجتماعيه في مصر تجافي الحقيقه و الواقع . وربما كانت المشكله الرئيسيه التي تواجه القياده التركيه انذاك انها لا تدرك طبيعه العلاقه بين الشعب والجيش في بلادنا كونها علاقه فريده من نوعها لا يعيها او يفهمها الا ابناء هذا الوطن او من هو علي خبره اجتماعيه واسعه لطبيعه الحياه في مصر منذ قيام ثوره ١٩٥٢. ربما كان للاتراك في هذا الوقت بعض الحسابات الخاطئه نتيجه حساسيتهم تجاه بعض محاولات الجيش التركي هناك تغيير الحكم و اسقاط هذه الاحداث علي حركه القوي الوطنية في مصر في يونيو ٢٠١٣. بالطبع استثمرت كثير من القوي الخارجيه اللعب في المياه العكره والنفخ في النار وكانت القاهره ثابته علي موقفها ولم تغير توجه التنميه والبناء لديها بعد التخلص من حكم الاخوان حتي في ظل هذه الاجواء العدائيه . تثبيت هذه الانجازات علي الارض والابتعاد عن محاولات الصدام او المواجهه الاعلاميه كانتا سياسه هادئه انتهجتها مصر مع تركيا حتي هدأت حده الخلاف واعطت القياده التركيه نفسها بعض من الوقت لتتفهم طبيعه ان ما حدث تجاه التخلص من حكم الاخوان كان شعبياً ولم يتدخل الجيش فيه واقتصر دوره علي حفظ مقدرات الدوله من العبث والتخريب وهذا واجبه ، وان ما يحدث علي ارض مصر من بناء وتطوير هو تعبير عن اداره وطنيه تمثل بحق اختيارات الشعب الديمقراطيه . قامت قطر بلا شك بدور مؤثر في اذابه الجليد بين قيادتي البلدين في افتتاح بطوله كأس العالم التي اقيمت في قطر بتحرك ذكي ودبلوماسي من اميرها الشاب الواعي تماماً الذي يدرك أهميه وجود مصر وتركيا كقوتين اقليميتين لهما ثقلهم ويمكن لهم تغيير موازيين القوه في هذه المنطقه المضطربه بشكل دراماتيكي .
————-
تركيا لها تاريخ طويل مع مصر منذ عهد الخلافه العثمانيه وكلاهما من اقطاب المذهب السني الوسطي الذي يقف بصمود ضد المد الشيعي بقياده ايران . تجذرت العلاقه الشعبيه عندما ارسل ( محمد علي ) والي مصر كل الصناع المهره الي اسطنبول للقيام بمختلف الحرف التي برع فيها صناعنا المهره وكانت لهم اعمال فنيه في البناء والمشغولات الخشبيه و النحاسيه غايه في الروعه مازالت باقيه حتي الأن . كانت مصر دره التاج للباب العالي وقوه بحريه وبشريه قويه علي البحر المتوسط ضد اعداء الدوله العثمانيه . كان لتركيا تاريخ قديم مع قطاع البترول المصري فقد عمل به شركه TPIC التركيه في اواخر القرن الماضي وحققت كشف غرب قارون البترولي بالصحراء الغربيه في منطقه WD34-15.
———
و تأسست الشركه المصريه التركيه للبترول و كان اول من رأسها الدكتور عاصم حجازي احد اهم قيادات الاستكشاف بالهيئه في ذلك الوقت واصبحت حالياً شركه (الواحه للبترول) في ظل شريك اخر . بالتأكيد ستتغير خريطه شرق المتوسط الاقتصاديه وعمليات استكشاف الغاز به بعد هذا التقارب الصحيح التي قامت عليه الاداره المصريه بإقتدار . هكذا تمثل زياره الرئيس التركي لمصر زخماً اقتصادياً كبيراً وستفوت الفرصه علي محاولات اليهود في افراغ دور مصر في سوق غاز شرق المتوسط من مضمونه واهميته والاهم من ذلك دور تركيا ونفوذها القوي جداً في اثيوبيا التي تدين لتركيا بالولاء بعد ان انقذت حكومتها الحاليه من هجوم المتمردين بواسطه طائراتها الذكيه (البيرقدار ) اقوي طائرات مسيره في العالم التي اوقفت تقدم جحافل المتمردين نحو اديس ابابا ونزع الحكم من المدعو " ابي احمد" وستري تغيير في موقف اثيوبيا المتعنت قريباً جداً. فهذا الحاكم يعرف ثقل وقدره تركيا جيداً .
تركيا دوله تجاريه من الطراز الاول تقدمت فيها الصناعه بشكل مذهل واصبحت منتجاتها تضاهي الصناعه الاوربيه المتطوره علاوه علي انتاج زراعي هائل وهو مايفيد الخبره والسوق المصريه بفاعليه . علاقات الشعبين لم تنقطع يوما وظلت عمليات الاستيراد والتصدير بينهم تسير بصوره منتظمه ولم تتأثر بالعلاقات السياسيه فالشعبان تربطهم علاقات وثيقه منذ مئات السنين . لعلك لا تعلم ان هناك مئات الاف من المصريين يعيشون في اسطنبول في احياء للمصريين كامله يسكنوها كأهل البلد بلا تمييز يعملون ويتاجرون بحريه تامه . زياره رسميه في الوقت المناسب تغير بقوه قواعد اللعبه في الشرق الاوسط وتدعم موقف مصر بشكل كبير وستري تغييرات جذريه في مواقف العديد من الدول من حولنا في وقت اسرع مما نتوقع .
—————-
تحرك ذكي مدروس في وقت غايه في الاهميه يؤكد علي وعي قياده هذا البلد وتغليب المصالح الوطنيه علي ايه اعتبارات اخري و تفهم واضح من الجانب التركي الذي اصبح علي وعي بعد طول غياب ان المرجعيه الدينيه في هذا البلد هي (الازهر) دون سواه وان الاخوان لم يمثلوا الا انفسهم كجماعه دينيه شارده لا تري الا مصالحها السياسيه والاقتصاديه علي حساب هذا الشعب الذي ابتلي بهم وعملوا علي ضرب مصالحه في كافه الدول التي فروا اليها . وتظل رؤيه الاستاذ ( هيكل) الهامه بأن مصر لديها مؤسستان لا تتغير قوتهم شعبياً ولا يسمح الشعب بالمساس بهم إطلاقاً وهي ( الجيش والازهر ) وستبقي رؤيته الصائبه هي الاساس السهل و الصحيح لتعامل الدول مع مصر . جميع اطياف الشعب ترحب بهذه الزياره الهامه وتعلم انها في تأتي في جانب مصالحه الاقتصاديه والسياسيه. و هكذا تعود مصر بذكاء الي نوادي وتحالفات الكبار وتكشف عن قوه ادارتها في اتخاذ كل ما يهم مصالح شعبها أولاً وأخيراً . ولا عزاء للموتورين و اسرائيل وبعض الاصدقاء من ذوي التوجهات الغير مفهومه تجاه بلدنا وشعبها الذين فوجئوا جميعاً بهذا الهدف وهو يهز شباكهم . وتحيه صادقه الي (دوله قطر) واميرها المحترم واضح الرؤيا والتوجهات الذي مهد الطريق لعوده العلاقات الرسميه الطبيعيه الي سابق عهدها بين مصر وتركيا.
والسلام ،،
#سقراط