الكاتب : سقراط |
07:33 am 08/01/2024
| رأي
| 1536
تتهادي السياره علي طريق طويل تشعر معه انه لن ينتهي . الشمس تسطع لتغطي بساط البصر علي متسعه. لا يقطع الصمت الا اصوات السيارات التي تندفع من جانبك كالقذائف الموجهه و لا تعرف يقيناً سبباً لهذه السرعه الجنونيه وهل هناك في الدنيا ما يستحق ذلك ؟ تتجول بنظرك فتجد انبوب يتبعك اينما ذهبت او وليت نظرك . يلتوي تاره ويختفي تحت الارض تاره اخري ويواصل المسيره معك وكأنه الحارس الامين علي رحلتك . انه عضو من اسره انابيب البترول الكبيره التي تغطي عموم البلاد علي اتساعها لنقل وتوزيع الخام ومنتجات وغاز . تأملت في خريطه انابيب البترول في بلادنا وجدتها بصدق تمثل الدوره الدمويه لجسد الوطن التي تجعله حياً وتمنحه حركه وحيويه .
شبكه في غايه التعقيد والاهميه بها مختلف الاحجام والاقطار والاتجاهات . تتواصل وتتداخل في تنسيق بديع لتخدم كل شبكات الصناعات والتكرير والاستهلاك وكذلك محطات توليد الكهرباء. نظام محوري يمتد ويتفرع كمثل شرايين وأورده الدماء في الجسد الانساني . كثير من شعبنا وربما من العاملين بقطاع البترول نفسه لا يعلمون الكثير عن تلك المنظومة الفريده التي قلما تتواجد في كثير من الدول من حولنا . منظومه تدار علي اعلي كفاءة ومهنيه عاليه واجهزه حواسيب تراقب وتتابع مسارات السوائل وضغوطها وتنقذ الخطوط من عمليات السطو واستنزاف الكثير منها من محترفي هذه السرقه المسمومه. ما يجعلك تندهش بصدق هو تواضع التقدير والضوء لجهود هؤلاء القوم القائمين علي تشغيل هذه المنظومة المعقده والخطيرة في نفس الوقت قوامها الاف من الكيلو مترات عبر كل اتجاهات الجمهوريه من شرقها الي غربها و من شمالها لجنوبها . يعبرون اسفل النيل تاره ويتخذون مسارات بجوار الطرق تاره اخري ، يتشابكون في ميادين مزدحمه لا يدرك ابعادها واتجاهاتها الا اعين وعقول خبيره تراقب بحرص ودقه مسارات واشارات مرور رحلات الخام والمنتجات والغاز الطويله . ولك ان تتخيل عندما تفاجئ بتسريب بسيط في اي محبس في منزلك فأنك تعلن حاله الطوارئ وربما يكلفك ذلك بضعه مئات من الجنيهات لاصلاح هذا التسريب البسيط فما بالك بمدي خطوره صيانه واصلاح مثل هذه البلوف في حاله تعرضها لأي عطل ولو بسيط وهي التي تصل اعدادها الي الاف مابين ظاهر وباطن موزعين في عموم البلاد. شبكه عنكبوتيه عاتيه تتحمل عبء توزيع مصدر الطاقه الاهم في بلدنا في مختلف الأنحاء والاتجاهات بها . شبكه تتحمل التعديل والاضافه وتتسع لأعمال المناورات في حاله حدوث ايه اعطال او كسر . تجد عامليها متأهبين علي مدار الساعه لا يوجد لديهم ليل او نهار . عيونهم متيقظه وعقولهم مدركه لاهميه مايقومون عليه وخطورته. تعلموا كيف يستقبلون كل جهد وانتاج زملاؤهم العاملين في حقول الانتاج القريبه والبعيده و يبادلهم كافه العاملين بتلك الحقول بالثقه في انهم يصدرون عرقهم وانتاجهم الي ايد امينه لنقلها الي مبتغاها وتصل بالمنتج النهائي الي عتبات المواطن بلا كلل او ملل.
منظومه عنقوديه بديعه يفتخر بها قطاع البترول المصري لم ينفرد بإنشائها و الحفاظ عليها مسئول بعينه أو نسبت لأسم اي كان موقعه . ولكنها كانت كالبنيان يعلو عاماً بعد عام بجهود سابقين وحاضرين من عمال ومسئولين حتي اصبحت دره هذا القطاع وشرايينه النابضه . لم تشكو إهمالاً ولا عانت شيخوخه . فالجميع قائم عليها في حرص الاب لابنائه . فمن عمليات الصيانه والاحلال والتطوير و التحديث التكنولوجي تبدو دائماً شابه قويه تمتطي الصحاري والجبال وتهبط غير عابئه في الوديان والسهول ، لا يعنيها مطر ولا يؤذيها حجر .
مرحي ايها العاملون علي هذه المنظومة الهامه والتي تحسدنا عليها الكثير من الدول واصبحتم بحق حجر الاساس و ركيزه الاطمئنان لكل جهد يقوم في طول البلاد وعرضها وكذلك لعمليات التصدير الدوليه . كنتم بحق الجنود الشرفاء الذين يعملون في صمت ويحققون الانجاز تلو الانجاز بدون ضجيج او تحين فرص الظهور. انجازكم الاكبر في اطمئنانا لوجودكم معنا كحراس علي خزائن الجهد والعرق والمؤتمنين علي توصيله لهدفه المنشود.
تحيه لكل الشركات القائمه علي تلك المنظومة الفريده من زيت وغاز والعاملين فيها و نتمني لكم دوام السلامه والمثابره . وعذراً لتأخرنا عنكم سنوات طويله . والسلام ،،
سقراط