الكاتب : سقراط |
07:24 am 12/11/2023
| رأي
| 823
حقيقة اصبحت وسائل التواصل التي تعيش بيننا الان هي موسوعة ودائرة معارف حيه تفوق كل ما اعتدناه من وسائل الحصول علي المعلومات والمعرفه في الازمنه السابقه . اصبحنا علي بينه بكل ما كان يدور في الماضي بضغطه بسيطه علي اسم موضوع بعينه ونري الرجال و مواقفهم المختلفه حقيقيه ومجسمه علي مدار اللحظه بدون تمثيل او اخراج. كان سؤالًا عادياً لوزير استثمار احد الدول النفطيه الكبري اذا ما كانت ستستخدم سلاح النفط لاجبار الدول الكبري علي وقف الحرب في غزه ؟ .
——-
السؤال خبيث وماكر ولكن الصحافه والاعلام الغربي لا يوجد في قاموسها المهني خطوط حمراء كما تعلمون . الرد كان بأبتسامه لا معني لها واجابه تعبر حقيقه علي نوعيه رجال ومواقف هذا الزمن الذي نعيشه .من منا لا يتذكر مواقف الملك (فيصل بن عبد العزيز) المجيدة في حرب اكتوبر وتركيع الدول الغربيه بسلاح النفط و تبعه وزير البترول السعودي العظيم ( عبد العزيز يماني) الذي هدد بتفجير ابار النفط اذا ما فكرت الدول الكبري في احتلال مناطق النفط لتأمين تدفقه اليها . ————
مواقف عتيدة لا يستطيعها الا الكبار من ذوي البأس والوطنيه والتجرد من متاع الدنيا و في حدود ما تمليه عليهم ضمائرهم . الدنيا تغيرت بالتأكيد واصبحت الناس والشعوب اكثر حرصاً علي الدنيا وتغيرت المفاهيم والحاجه والاحتياجات . وكلما زادت درجه التقدم انزوي معها شعور الوطنيه الجارفه والتضحيه في سبيل المبادئ والقيم . فلماذا الموت وترك كل هذه المتع ؟ . لا تستطيع ان تقارن بين قادة العالم الحاليين بعبد الناصر ونهرو وتشرشل وروزفلت ؟ لا يمكن لك ان تقارن وزير الخارجيه الامريكي الحالي بأسلوبه المتواطئ العنصري مع هنري كسينجر (ثعلب الدبلوماسيه) وعمرو موسي (اسطورتها) وسعود الفيصل (حكيمها) وعبد العزيز بوتفليقه (مجاهدهم) . هؤلاء من اعتي واقوي وزراء الخارجية حول العالم واكثرهم حنكه ودبلوماسيه وكان لهم تأثير كبير في العلاقات الدوليه . لم يعد يستطيع جنود هذه الايام في كل الدول ان يتحمل مثل ما تحمله جندي اكتوبر المجهول الذي تسلق حاجز بارليف العالي وعلي ظهره مدفع واسلحه وزنها اثقل من وزن الجندي نفسه عده مرات . اين قاده اسرائيل الأن من قادتهم القدامي من ذوي البأس الشديد والتفكير اليهودي المنهجي الصحيح مع اختلافي معهم بالطبع ولكنها الحقيقه . اين هم من جولدا مائير ( السيده العجوز) وديان( المقاتل الذكي) و شامير ( صاحب المبادئ اليهوديه ) و رابين ( ضحيه السلام ) وشارون ( القاتل العنيد) و ياجوري ( مقاتل الميادين) وغيرهم . هؤلاء هم من امنو بصدق في حق اسرائيل في البقاء وحاربو من اجل ذلك بكل غال ورخيص و اقامو السلام مع (السادات ) عدوهم اللدود للحفاظ علي شعبهم وعلي الدوله اليهودية .
——-
اما الان فتري قادتهم مشغولين بمصالحهم الشخصيه والنعرات الدينيه العنصريه التي اضعفت شخصياتهم وجعلتها تبتعد عن المنطق والاتزان في علاقاتهم الدولية . اما جنودهم فتراها اصبحت لا تستطيع المنازلة او قتال المواجهه .فالجندي الان مشغول بحياته وصديقته وتليفونه المحمول وملابسه وحياته في تل ابيب . اصبحت اسلحتهم في قمه التطور التكنولوجي ومع ذلك فهم مرعوبين من غزه وانفاقها وشياطينها الذين يخرجون من الجحور بقضاء الموت .
———
لا اناقش هنا منطق الحق التاريخي والانساني بين هذا وذاك ولكني اناقش نوعيه الشخصيات والمواقف في كل زمن . نوعيه الجندي والمعلم والمهندس والعامل كلهم تغيرو في كل دول العالم . حتي الشخصيات التي يسردها هذا الموقع حالياً عن القيادات الاداريه بالبترول فلنا ان نقول له وهل هذه الشخصيات تقارن بالاستاذ فاضل عثمان وحمدي عبد السميع وهادي فهمي وعليوه ونجوي ابراهيم وثريا لبنه وسناء البنا وابراهيم خطاب وغيرهم من فطاحل العمل الاداري الجاد في البترول الذين كانو من ذوي القامات واصحاب القرار والخبره و مثلو اضافه للمركز ولم تكن الوظيفه هي من جعلتهم كذلك فتلك سماتهم التي اختص بها كلا منهم دون غيرهم . الحياه تغيرت والطباع أيضاً تغيرت . الناس اصبحت اكثر غيره علي المصالح الشخصيه وهدأت جذوه الاهتمام بالمصالح الوطنيه الا من مناسبات متباعده وتفرقت المصالح القوميه بين الدول في الاقليم الواحد وانكفأت كل دوله علي مشاكلها واحتياجاتها . يخطئ من لا يعجبه بعض قرارات قيادات الدول ويعتبرها ان فيها نوعاً من الضعف و التخاذل . فالشعوب هي ظهير القياده وهي من تؤثر علي قراره وقوته . فالقيادات حالياً تعلم ان شعوبها لم تعد تطيق الحروب وتبعاتها الاقتصاديه والاجتماعيه . لم تعد تطيق الخراب وانقطاع الكهرباء ونقص المواد التموينيه وانقطاع الانترنت وتوقف التعليم وانهيار الخدمات الصحيه . لم تعد تطيق ان يختل ناموس حياتها وما اعتادته من استهلاك وترفيه . لذلك لم استغرب رد هذا المسئول عن هذا السؤال الخبيث عن امكانيه استخدام سلاح النفط مره اخري . تغيرت قوانين الزمن والاحتياجات والاخلاقيات واهم من ذلك كله (القدره علي الاحتمال) . فلم يعد بمقدورنا ان نقول ماقاله الملك فيصل بأننا سنعود لأكل التمر وشرب لبن الابل ولن نحتاج الي منتجات الغرب الغذائيه . ولم يعد بمقدورنا ان نقنع الناس بإيقاف اجهزه التكييف صيفاً حتي لا نستهلك كل انتاجنا من الغاز . ستنتهي الحرب يوماً ما واياً كانت نتائجها ستعود الناس الي ما اعتادته و تنسي المقاطعه لمنتجات الغرب وستري الطوابير تقف مصطفه من جديد علي مطاعم الماركات الغربيه وتعود الكافيهات ذات الاسم الاجنبي لتزدحم بروادها من جديد . سيذهب الشهداء وسيرتهم واعدادهم الي غياهب النسيان . وسيعمل الجميع علي تحقيق اقصي مصلحه ممكنه لبلده أو مملكته بعد يسكت هدير المدافع . ستظل القضيه حائره فهي قضيه عقائد وتراث واديان و سينجب الشعب الفلسطيني المزيد من الاطفال ليقومو بمثل هذه الحرب مرات اخري في سنوات بعيده قادمه لن نكون نحن فيها . وستظهر شخصيات ومواقف اخري لا نعلمها وسيكتب فيها اخرين ربما متحسراً علي مواقف من الماضي كنا نراها نحن في وقتنا تخاذلاً او ضعفاً. سيعود كل شئ الي مساره فلا صوت يعلو علي صوت الحياة، والسلام ،،
#سقراط