الكاتب : سقراط |
10:09 pm 30/09/2023
| رأي
| 881
عاده ما يلتزم الرؤساء والزعماء والروائيون بالكثير من التعبير المجازي في خطاباتهم وكتاباتهم لتوضيح الفكره و جعلها ترتدي ثوب مادي يستشعره الجميع . فالكاتب عندما يعبر مثلاً عن بكاء السماء او نحيب الارض فأنه لا يقصد ذلك المعني حرفياً فلا السماء تبكي ولا الارض انتحبت . ولكن هو تعبيراً مجازياً عن شدة الحزن وهول المصيبه . وهذا مثال بسيط لهذا النوع من الاسقاطات اللغويه والتي لها من الحلي والتصريف الكثير .
————-
واذا كان الرئيس في حديثه بالامس قد وضع (الجوع) مقابل التنميه والبناء فأنه لا يقصد بكل تأكيد ان نمتنع عن الاكل او يتوقف ناموس الحياه الطبيعي لحياه البشر . ولكنه اراد توضيح اهميه البناء والتنميه وجعله في مرتبه اهميه المأكل والمشرب لنا . و لم ينصرف مقصد (الجوع) في حديثه علي الامتناع عن الاكل وانما كان واقعه الضمني في المعني واللغه هو الرغبه في بذل التضحيه و العناء للنهوض بحال البلد ورفع ما تراكم عليها من وهن الزمن ومظاهر التخلف والفقر . هذا التوضيح اللغوي لم اقصد به التعبير عن وجهة نظر محدده قد يجدها البعض مدعاه لفتح نقاش لا نهائي في ترتيب الاولويات و وضع الاسعار الحالي وان التنميه ليست بالمبرر ان تكون الحياه بمثل هذه الصعوبه . ————
ستختلف الاراء بكل تأكيد ولكن ما احببت ان اوضحه هو مجازيه القول في حديث الرئيس كانت من الاهميه بمكان ان يتفهمها الناس اولاً لأنها استغلت للأسف كأداة تحريض ضد الرجل لإيهام البسطاء بمطلب الجوع بمعناه المجرد المعروف وهو مالم يقصده او يعنيه . نفس هذه الكلمات قالها عبد الناصر ابان اتخاذ قرار بناء السد العالي بأموال المصريين وطالبهم بتحمل الجوع بل و الاقتصاد في احتساء الشاي. وتفهم المصريين ذلك المعني جيداً ولم تكن تلك الكلمات مدعاه للغضب او التأويل .
————-
بلا شك يشعر الرئيس بمراره من عدم تقدير الكثيرين لما تم من انجازات خلال فتره حكمه الوجيزة ويرجع ذلك ان توقيت تنفيذ هذه المشاريع الكبيره قد مرت عليها تداعيات عالميه كبري كان لها تأثير علينا وعلي تكلفتها بلا شك . ايضاً كان الشعور الوطني الغامر لديه سبباً بلا جدال في تأجج رغبته في الاستمرار مهما كانت الظروف لانشاء وتغيير الكثير من مظاهر الفقر والاهمال في فتره قصيره مما اثقل كاهله بأعباء كبيره . كان يعول علي دوران عجلة الاقتصاد العالمي مع تلك المشاريع ولكنها دارت في اتجاه التضخم وارتفاع اسعار الفائده العالميه ومن ثم المواد الغذائيه والطاقه وكافة مدخلات الصناعه . و لكني سأطرح عليك مثالاً بسيطاً لتري كيف يعاني الرئيس فعلياً ولعلك تشعر بشعوره . فأنك عندما تبني بيتاً وتقوم علي تأسيسه تجدك مندفعاً الي ذلك بكل ما اوتيت من قوه وتوجه كافه امكانياتك للانتهاء من استكمال المنزل بكل ما يلزمه من احتياجات . وفي خضم هذا الحدث لعلك تستدين قرضاً من بنك وتجعل جل همك تجاه هذا المشروع . و اثناء ذلك قد تجد احد من افراد اسرتك يغضب لأنك اهملت بعض الاحتياجات المعتاده او قطرت في الانفاق نتيجه توجهيه معظم ميزانيتك للبيت الجديد وهذا امر طبيعي وارد وجميعنا مر به. هذا هو مثال مصغر للحاله الحاليه فالرجل يسابق الزمن حتي يتغير وجه الحياه في هذا البلد ويقوم علي تأسيس وطن جديد يليق بالمصريين . هو يشعر بالغضب من معايرة الاخوان العرب لنا مراراً بالعشوائيات والفوضى وهم يتباهون بمدنهم الكبيره الحديثه و نظل نحن نرثي حالنا الاليم منذ عشرات السنوات . هي غيره وطنيه بلا شك ولكنها باهظه التكلفه وكل ما يطلبه الرجل المشاركه ولو بالشعور حتي يستطيع استكمال هذا الحلم . لن يأخذ احد هذه المشاريع والانجازات معه . ستظل موجوده علي الارض مملوكه لهذا البلد تتوارثها الاجيال تلو الاجيال .
—————
وكما قلت فلست هنا بمعرض الدفاع عن فكره او سياسه ولكن هذا ما افهمه من مجري الاحداث و مشاكل الواقع ومتاعب الناس بالتأكيد ونحن منهم . ولكن علي الرغم من ذلك علينا نتوخي الحذر فأن سياسه معاقبه صعوبات الواقع وخيمه وادت بنا الي مصاعب ومصائب جميعكم يتذكرونها حينما اتي الاخوان نتيجه تلك السياسه بالتصويت العقابي الفاشل . الوضع واضح تماماً والجميع يجب ان يفهم جيداً ان اختياراته ستؤثر علي وطنه واسرته وعمله ولا مجال في ذلك الي التسرع والغضب . نحن في منتصف الطريق ولا يجب علينا ان نرجع للخلف ابداً مهما كانت الاخطاء والتضحيات. علينا ان نشارك بالرأي وان يصل صدي صوتنا الي مسامع الرئيس فهذا حق له و واجب علينا . نعطي رأينا في كفأه الجهات التنفيذيه الحاليه التي شاخ بعضها في مكانه وتستوجب التغيير واعاده الحيويه بأفكار ونهج جديد للكثير منها . علينا ان نتكاتف بالافكار والاراء وليكتب كل منا اليه بما يراه من مقترحات وحلول . هذا هو دور المواطن الايجابي الصحيح بعيداً عن محترفي أشاعه الاحباط و فقدان الامل . علينا ان نبحث عن الامل في الغد ربما يكون افضل . اري ان مررنا باقصي درجات الصعوبه وحتماً سينكسر هذا المنحني المتصاعد وتهدأ الاحوال وتعود حركه الاقتصاد الي طبيعتها بالتغييرات المنتظره من الرئيس .
الحياه على هذا وذاك ولن يستمر ضيق ولن تدوم نعمه هذا هو منطق العيش في الدنيا .الجميع مطالب بالوقوف بجانب وطنه وهذا هو المقصد والمرام . والسلام ،،
#سقراط