للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مجرد رأي…احلام طائرة

مجرد رأي…احلام طائرة

الكاتب : سقراط |

05:34 am 21/09/2023

| رأي

| 1068


أقرأ أيضا: Test

مجرد رأي…احلام طائرة

 

لم يحظ اي نوع من وسائل التنقل بهذا الكم  الهائل من المشاعر المتضاربه والجهد المضني  مثل ما حظي به النقل الجوي او السفر بالطائره . قرار السفر بالطائره تسبقه عاده  احداث كثيره وجهود حثيثه  بذلت لتصل بك الي محطه الجلوس علي مقعدك بالطائره   . فما بين اوراق واجراءات لانهايه لها وزيارات متتابعه لسفارات وقنصليات ثم تدبير المال اللازم  لثمن تذكره الطيران الباهظ  ثم التوجه للمطار وانهاء الاجراءت الاداريه والامنيه المشدده كلها اخذت من وقتك ومالك واعصابك الكثير  . و يتبقي بعد ذلك بعض الانتظار المملل في صالات السفر المزدحمه بألوان متعدده من البشر لا يبدده سوي انشغالك بدوران عقلك وفكرك بسرعه متناهيه لحسابات فيما انت ذاهب اليه . ملايين مثلك  ومن حولك في مطارات العالم يمر عليهم نفس الشعور و بذلو  نفس المجهود وربما اكبر . وعندما تستقر علي مقعدك داخل الطائره تشعر بأن وزنك قد تلاشي بعد ان انزاح عن كتفيك كثيراً من التعب والقلق وكأن المقعد قد امتصها كلها  . تجلس و عينك تتجول وتراقب فيمن حولك وانت تراهم مشغولين بترتيب متاعهم وحزم حقائبهم و أحاديثهم التي لا تنتهي . وهكذا حتي تحين لحظه الاستعداد و تبدأ الطائره بالتحرك . لا تدري لماذا تنظر من النافذه الصغيره ولكنك تفعل . تبدأ الطائره في التسارع و اطرافك تزداد بروده. وعندما تحين لحظه مغادره الارض تتحرك شفتيك دوناً عنك بالدعاء والابتهال طالباً السلامه وتري الجميع من حولك في حال من الهدوء في تعبير واضح عن الخوف والقلق الذي يعتمل داخلهم فهي لحظه فارقه بين  مفارقه الارض و ملامسه السماء  وربما بين الحياه والموت . وترتجف الطائره للحظات و يرتجف معها قلبك . تستقر الطائره وتشعر انها اصبحت في حاله سكون فتعود الطمانينة اليك وتهيئ نفسك لتكون في انتظار الطعام فقد استنزف المجهود والقلق من طاقتك الكثير .  قد تلقي نظره متأمله او ربما متألمه علي ما تركت خلفك وانت تنظر اليه من السماء ، وتتعجب علي هذا  الاتساع والعمران الشاسع الذي لم يستطع ان يحتويك  او يحقق الحد الادني من احلامك البسيطه . وربما تكون نظرتك حزينه علي مغادرتك لمكان تحبه ولا تريد ان تفارقه حتي لوكان غير وطنك . سيناريو يتكرر ملايين المرات في اليوم الواحد حول هذه الارض التي لا تهدأ فيها حركه ولا ينام فيها بشر . يطير في سماؤها صباحاً ومساءاً ملايين من الركاب والمسافرين صوب كل اركان الدنيا . وفي الحقيقه هم ليسو بركاب أو مسافرين ولكنهم ( احلام طائره)  في السماء  . كل من يجلس علي مقعد طائر هو ( حلم) . كل حلم مختلف في الشكل والمضمون عن الاخر .  فمنها احلام العمل والهجرة لبلاد بعيده  ومنها احلام الزواج  وجمع المال واخري لزياره اماكن مقدسه أو الهروب من المشاكل أو  حلم العوده الي الوطن بعد سنوات بعيده من الغربه  وهناك ايضاً حلم البحث عن الامل في علاج مرض ارهق صاحبه . كلها احلام مشروعه فيها الكثير من الدراما والذكريات المؤلم منها والقاسي ،  الجميل والسعيد ايضاً  . و لكنها تشترك علي اختلافها فيما تحتويه من الرجاء والخوف من المستقبل .  استطاعات هذه  (الاحلام)  ان تذيب لحومهم وعظامهم في لحظات الطيران وان تبتعد بهم عن سجن اجسادهم و تحلق بهم في اجواء السماء التي يطيرون فيها و يبدأ مسلسل حلمك وهو الاهم في بضع ساعات تتخفف فيها من الالم والمسئولية و تعيش اجواء محلقه في سماء شاسعه لا تلوث فيها ولا ضوضاء ، تحلق فيها بخيالك  الي طريق المستقبل الذي ترجوه  و ترنو  اليه وكان سبباً في طيرانك  الي بلاد بعيده  . ضباب السحاب تحت الطائره هو نفسه داخلك يخفي عن ناظريك ماذا سيحدث  لك في المستقبل ؟ . لا تدري هل ستوفق في تحقيق احلامك التي تطير من اجلها اما تخذلك وتهرب منك بعيداً  الي مكان اخر ابعد ؟ . هل ستجد الامان في هذا المكان الجديد ؟ ، هل يقبلك البشر هناك  وتستطيع التعامل معهم ؟ وتظل هذه التساؤلات والاحلام في تسلسل متصل  حتي يقطعها صوت مذيع الطائره بقرب الهبوط في  نقطه الوصول التي ترجوها  . عندها يلملم كل حالم ذاته البشريه و يبدأ الاستعداد العملي لخطوات البحث عن المستقبل في المكان الجديد و  تحقيق الحلم الكامن في العقول والنفوس . قد يترامى الي ذهنك ان الاحلام تخص المسافرين فقط . ابداً فقائد الطائره (يحلم) برحله امنه هادئه حتي يستمر في وظيفته ذات الراتب المرموق . الشركه الناقله (تحلم) بوصول الطائره في سلام لتحقق المزيد من الارباح وتبتعد عن شبح التعويضات والخسائر. اما الشركه التي قامت بتصنيع الطائره و محركاتها  فأن  (حلمها) متواصل دائماً في ان تظل طائراتها تحلق طبقاً للتصميم الهندسي والميكانيكي لها وان لا تختل اي من موازيين هذا التصميم او الماكينات في مواجهه اي تغيرات مفاجئه ربما لم تؤخذ في الحسبان  . هي تعلم انها تتعامل مع ارواح ناس واستثمارات هائله وسمعه علي المحك دائماً . لذا تجد ان الشركات الخاصه بهذه الصناعه من اعتي الشركات واعظمها اسماً  وعلماً في عالم الصناعه بأكمله . العمل فيها جاد لدرجه قد لا تحتمل  ، تبذل استثمارات هائله من اجل تفادي اي هفوه او تطبيق معاملات فنيه تزيد من الامان والقدره علي السيطره  . رأيت فليماً تسجيلياً عن كيفيه تصنيع محرك الطائره في شركه ( رولز رويس RR) العالميه وهي احد شركتين فقط علي مستوي العالم التي تستطيع القيام بهذه الصناعه البالغه التعقيد  والشركه الاخري هي ( جنرال اليكتريكGE ) الامريكيه.   وهالني هذا الكم الهائل من المكونات وهول و تعقيد التصميم الداخلي لمحرك الطائره . وكيف يتم وضعه في  اختبارات غايه في القسوه لقياس قدرات المحرك قبل الاستخدام الفعلي بل ويتم وضع امامه ما يمكن ان يحطمه لقياس كل شئ علي الطبيعه وتفادي اسباب اي خطر ممكن حدوثه في الجو . عدد هائل من المهندسين واجهزه كمبيوتر لا نهايه لها تتابع كل مراحل الاختبار وتحدد فاعليه التصميم وحساباته بكل دقه  . الطيران بالبشر والتجاره في عنان السماء ليس نزهه بل مسئوليه هائله لا يتصدي لها الا هؤلاء العظماء من الشركات والدول . و لعلك عزيزي القارئ ادركت  جيداً ان رحله الطيران التي تقوم بها هي مهمه مضنيه لكل الاطراف المشتركين فيها بدايه من صانعي الطائره انفسهم وحتي اصغر عامل بالمطار وصولاً اليك شخصياً وما تكبدته من جهد بدني ومادي حتي تصل اليهم . هذه هي وسيله السفر الوحيده التي جمعت كافه انواع البشر علي مضمون واحد وهو المعاناه لتحقيق ( حلم) . و بذلك ارتبط (الحلم ) بالطيران.  ولكنك حتماً ستفيق من حلمك وانت تسمع نداء ربط الاحزمه استعداداً للهبوط . الهبوط الي الواقع والحقيقه والعناء من جديد  . والسلام ،، 
سقراط

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟