الكاتب : سقراط |
10:50 am 09/09/2023
| رأي
| 1443
تداعت الاحداث صبيحة السبت التاسع من سبتمبر لهذا العام. استيقظ العالم علي فاجعه انسانيه في جنوب المملكة المغربية اثر وقوع زلزال شديد مركزه بلده صغيره وصل تأثيره الي مدينه مراكش . باغتت الارض الناس وهم نيام في منتصف الليل وتحركت بعنف من تحتهم لتعلن غضبها اثر اصطدام مروع بين طبقاتها وحتي عمق ١٨ كيلو متر في اتجاه باطن الارض .
حركة مباغته اصطدمت فيها طبقات ارض في القاره الافريقيه ببعض طبقات اخري من قاره اوربا نتيجه التقارب الذي يحدث بين قارات الدنيا وخاصه بين افريقيا واوربا . الاصطدام حدث مثل تصادم سيارتين تمشي احدهم عكس الاخر وبسرعه كبيره ولك ان تتخيل عنف التصادم والتشوهات التي حدثت في تلك السيارات لتدرك كذلك عنف التشوه والتكسير الذي انتاب الطبقات الارضيه من تحتنا . هذا بالضبط ماحدث في باطن الارض ، تصادم مروع ينتج عنه طاقه حراريه و تردديه عاليه جداً تؤدي الي تشوه كبير في الطبقات التي تصادمت وتصبح ذات شكل جديد غير تلك التي كانت عليه قبل حدوث التصادم .
كل هذه التأثيرات المروعة ينتقل جزء منها الي سطح الارض ليحيل ما فوقها خراباً ودماراً نتيجة تململ القشره الارضيه التي تحمل اساسات البنايات وكافة سبل حياة الانسان وعمرانه .حركة الارض عموماً حركه غادره مفاجئه و عنيفه . ولك ان تتخيل ان جبالاً يمكن دكها ومساواتها بالارض في مثل هذه التحركات . قد لا تستطيع تخيلها ولكنها مرعبه مفزعه تؤدي الي اهوال وتصيب البعض بالمرض النفسي طوال حياته .
غضب الطبيعه هو انذار بأن الانسان مهما كان قادراً فلن يستطيع سبيلاً مع اي تحرك صغير في قشره الارض الساكنه التي يعيش عليها ويمشي علي متنها مختالاً بعلمه وتقدمه. حضارات كامله و مخلوقات كثيره و متعدده اندثرت في غياهب باطن الارض عشيه ليله وضحاها و اصبحت اثراً بعد عين . معظم هذه التحركات هي تنفيس عن طاقه محمومه مختزنة داخل الارض ، وبدون حدوث ذلك التنفيس من وقت لأخر وفي اماكن مختلفه علي سطح هذا الكوكب تنفجر الارض كلها بمن عليها وتتناثر في الفضاء الواسع . اذا فليس كل ما يحدث شر علي كل حال . وبين الحادث والاخر يخرج عامه الناس تلوم العلم والعلماء علي عدم قدرتهم علي التنبؤ بمواعيد هذه التحركات الغادره المدمره . لم يستطع الانسان بكل ما اوتي من علم واجهزه وابحاث و علماء علي ان يتنبأ بوقوع مثل هذه الحركات. ولكنه علي كل حال استطاع ان يفسر اسباب حدوثها واماكنها وما ينتج عنها من اختلاف جيولوجيا الطبقات . وربما استطاع ايضاً ان يحدد فتره زمنيه تفصل بين حدوث زلزال واخر في نفس المنطقه كعملية احصائيه ليس الا. قد تصدق وربما تخطأ. اذا فالعلم سيظل عاجزاً عن مجابهه كثير من الظواهر التي تحيط بحياه الانسان علي الرغم مما حظيت به البشريه من تقدم علمي هائل في كافه المجالات .
وتبدو حالياً تزايد حدة نبره الاصوات التي تدعو الي الاهتمام بالتعليم ولها من محددات ومبررات هذا التوجه الكثير . و تظهر ايضاً وجهات النظر المتباينه في دور اهميه التعليم وضرورة التوسع في الانفاق عليه وان يكون مقدماً علي ما دون سواه من مشاريع وبناء وتعمير وغير ذلك من اعمال التنميه المختلفة. لا احد ينكر اهميه التعليم علي مطلقه . ولكن ان تنحصر معالجه الامر علي زياده المدارس والفصول وتخفيض كثافه الفصول فتبدو تلك التوجهات رنانه و سطحيه لا تؤدي الغرض منها علي اهميه الغرض منها . التعليم هو امتزاج بين ثقافه المجتمع واحتياجاته وقدرات من يتلقونه ينتهي بعمليه فرز دقيق لمشروع عالم وسيكون ذلك بنسبه لن تزيد بأي حال عن واحد في الالف او ربما اكثر . ولكن مايهمنا ان يتلقي الجميع التعليم علي عموميته حتي تتكون الشخصيه القادره علي ادراك الواقع ومتطلبات الحياه في حدود ما تعلمه من قواعد واصول التعايش السليم مع نفسه و مع المتعاملين معه والفهم الصحيح لما يعرض عليه من افكار الاخرين وقدرته علي تحديد و التواصل الصحيح مع المشاكل التي تحيطه واسبابها كيفيه التعامل معها .
فعلي سبيل المثال هناك دولاً زلزاليه بالدرجه الاولي مثل اليابان وتركيا وغيرها تعاملت مع تداعيات الزلازل بها بكل ثقه وعلم . فأن كان العلم فشل في التنبؤ بميعاد الزلازال فأنه استطاع بقواعد علميه وهندسية ولوجستية متطوره ان يقلل من حده تأثيرها المرعب الي حد كبير ويقلل من وقوع اصابات شديده بين الناس. العلم هنا امتزج بثقافة الناس واحتياجاتهم الفعليه ثم قدرتهم علي استقبال الجديد من المعلومات وتطبيقها بطريقه صحيحة وهذا هو المهم. ومن اهم امثله اهميه العلم هي تطبيقات نظريه الاحتياج وستجدها حاضره بشده مثلاً في عمليات الاخصاب الخارجي لمن يعانون من العقم لأسباب مرضيه فاتجه العلم بضراوة لحل تلك المشكله التي كانت هاجساً والماً كبيراً لقطاع كبير من البشر . استطاع العالم ان يضئ حياتهم من جديد ويجعل لها معني وطعم اخر . هذا هو العلم الحقيقي الصحيح الذي يتجه الي احتياجات الناس بصوره مباشره يدرسها ويحللها ويستدعي كل النظريات العلميه والفيزيائية للوصول الي انسب الحلول . اذا علينا قبل ان ندخل في دوامه ايهما اولي العلم بأدواته ام انشاء المدن والطرق الجديده ان نحدد احتياجاتنا بدقه وان نتوجه اليها بكل دقه وان ننشئ لها الاكاديميات المتخصصه ذات عدد سنوات الدراسه المحدود ويتجه فوراً الي التخصص التي تعالج احتياج او مشكله محدده يعاني منها المجتمع بعيدا عن اسلوب التعليم الجامعي النظري الذي لم يقدم لنا اي اضافه منذ عام ١٩٥٢ .
لم يعد من المقبول ان يتم تكديس الشباب في فصول ومدرجات لأجراء عمليه تلقين لموضوعات اغلبها نظري او تاريخي .العلم الحديث المطلوب هو معاهد متخصصه في الزراعه وصناعه السماد والكيماويات . مدارس متخصصه في اعمال صيانة وسمكرة السيارات ليخرج منها عاملاً يملك الحد الادني من الثقافه والخبرة بكيفيه هذا العمل الهام . مدارس اعمال التشييد والبناء والانفاق واكواد البناء المختلفه التي تواجه كافه الظروف المحيطه بالبيئة المختلفه لكل اعمال بناء على حدة . كل مجالات الحياه المختلفه تحتاج التعليم المتخصص الواعي الذي يتجه مباشرة الي التخصص والضرب في جذور المشكلة ومعالجة ظواهرها المجتمعية . هذا هو التعليم المطلوب بحق بعيداً عن انتظار السنوات الطويلة للحصول علي صك الشهادة الجامعيه لبروازها علي حائط صالون البيت قبل ان يعلوها التراب وتختفي كلماتها عاماً بعد عام . هذا هو التعليم بعيداً عن اتهامات عدم انشاء الفصول والمدارس والدخول في دائرة لا تنتهي في فقه الاولويات والتي تصطبغ معظمها مكايدات سياسيه ولا تهتم بمصير الاحتياجات الفعليه لمجتمعنا ومستقبل الشباب . وهذه النقطة تحديداً ستكون مدخلاً هاماً لحل المشكله السكانيه والتي اخذت زخماً بين مؤيد ومعارض وللاسف فالكل يتجه بها الي السياسه لا الواقع المرير الذي نعيشه بالفعل نتيجه وجود اعداد هائله من المواطنين بلا عمل او هدف وهذه هي الكارثه الحقيقيه .
كافه احداث الدنيا وفواجعها ومشاكلها المجتمعيه هي ظواهر طبيعيه تحكمها معاملات علميه وانسانيه و فيزيائيه متشعبه . و تمثل اوجاع المجتمع واحتياجاته ومشاكله تحدياً كبيراً لوسائل الفكر والدراسه القائمه علي قاعده تعليميه راسخه تحاول ان تجد انسب الطرق الغير تقليديه للخروج من تلك المشاكل . التعليم ليس ابهه او الفخر بقطعه كرتون مطبوعه ومزركشه بالاختام . ولكنه وسيله وخبره ودراسه تندمج وتختلط بثقافة المجتمع واحتياجاته فينتج ظروفاً اكثر سعاده وامان البشر وهذا هو الهدف الاسمي لكل جهد بشري يسعي للعيش علي وجه هذه الارض .
خالص التعازي والمواساه للملكه المغربيه ولشعبها العظيم الصابر . و نعلم يقيناً انكم اقوياء وان الحياه ستستمر بعد هذا الزلازل وبالتأكيد سيحدث تطوير للمناطق المنكوبه بناء علي معطيات تلك الكارثه وتجنب الاثار المدمره مره اخري . وبالتأكيد سيقف الاشقاء الاغنياء بجوار هذا البلد الجميل ليكون المال العربي في مكانه الصحيح بحق . والسلام ،،
#سقراط