الكاتب : سقراط |
09:06 am 29/07/2023
| رأي
| 1297
قادتني الصدفه الي متابعه بعض المقاطع المثيره لاحتفالات فنيه كبيره جداً في بلاد ( المغرب) الجميله . هؤلاء الاخوه اصحاب الذوق العالي في الفن والبلد العريق الذي قدم الينا الكثير من الجواهر الفنيه النادره مثل الاستاذ ( عبد الوهاب الدوكالي) والسيده ( عزيزه جلال) و غيرهم . بلاد المغرب العربي ذواقه للفن العربي الاصيل بكل اشكاله وخاصه ( المصري ) منه . اصبحت مصر قبله لكل المواهب المغربيه و التونسيه والجزائرية املا في ان تجد فرصه للالتحاق بمدارس الفن المصري الكبري وخاصه مدرسه الاستاذ الخالد محمد عبد الوهاب و عبقري الموسيقي الشرقيه الاستاذ ( بليغ حمدي) يظهرو فيها موهبتهم و يصقلوها علي يد هؤلاء العباقره . وأعود الي هذا الاحتفال الجميل لأري الاف الشباب تغني وراء الفرقه الموسيقيه مقطع من اغنيه لقيثارة الغناء المصري ( حليم) . المقطع جميل بل اكاد اصفه بأنه ملحمه للوطنية والعروبه في ابهي صورها علي الرغم من ان الاغنيه عاطفيه من الدرجه الاولي . شباب في عمر صغير جداً لا يعرف عن ( حليم) سوي اغانيه الخالده وصوته الذي لن يتكرر . بنات و سيدات في منتصف العمر تغني مع الموسيقي في حاله من الوجد والشوق والاحترام للفن الجميل . وغمرني شعور نشوه و زهو لأن هؤلاء جميعاً وهم بالاف يغنون بالمصري وبنفس اللهجه تقريباً . المقطع يثير الوجدان ويعود بنا الي ايام الزمن الجميل و ايام الفن الساهره في القاهره العامره . استغلت بعض العواصم العربيه الفنانين الكبار لدينا لتصنع زخماً ثقافياً عالي المستوي لديها، وكان رأس تلك المناسبات ( مهرجان الرياض) الذي استقطب بحق كل ما هو ثمين في الفن المصري . هذا هو الذكاء في صناعه جو من الترابط بين الحاضر المشحون بالعديد من المشاكل والسلبيات و ايام الماضي الجميله ، تنشأ فيها حاله من الرضا والهدوء النفسي ويعيد اليك القوه في هويتك و اعتزازك بوطنك وتاريخه و يبتعد بك عن منغصات الاخبار المتلاحقه التي تلح علي اذاننا ليل نهار و تجعل في الحلق مراره وتطفئ انوار الامل في العيون .
الاعلام الذكي ليس بالسهوله التي يتوقعها الكثيرين . فهو ليس ميكرفون او كاميرا او حتي فنان او كاتب . ولكنه منظومه عمل متكامله تجمع بين السياسه والفن والثقافه وعلماء المجتمع وخبراء صناعه الرأي العام .
عندما احتفلنا بعيد ثوره ٥٢ منذ ايام قليله لم اري اي مشاهد للاحتفال الشعبي بهذا الحدث التاريخي الهام. لماذا لم ترفرف اعلام الدوله في كل الميادين؟ ، لماذا لم تصدح اغنيات هذا الزمن في كل مكان في الشوارع ، لماذا لم يقام عرض فني يعرض فيه كلثوميات الثوره ومعها عبد الوهاب وعبد الحليم وغيرهم ممن تغنو بالتحرر وقوه الشعب و ارادته . كل هذا يخلق شعور وطني جارف لدي الناس ويوقظ فيهم الاحساس بالوطنيه و تحدي الصعاب . يعود بأخلاقيات الناس الي هدوئها وذكرياتها الجميله .
لماذا كل ما يعرض علينا ونسمعه مثير للاعصاب والاحباط؟ . ابتلينا بأجنحة اعلاميه اخوانجيه خارجيه تبث بين الناس كل ما هو مثير للغضب والنار في الصدور دعماً للفوضى التي يرجونها . واعلامنا ايضاً لا يعطي فرصه لنا للراحه والتأمل والخروج من دائره سماع المشاكل التي لا تنتهي . فتجد الصديق رئيس تحرير هذا الموقع لا يتركنا ليل نهار الا و يلاحقنا بأسعار النفط والذهب اذا ما ارتفعت او هوت منخفضه، هل نما الي علمه اننا من اصحاب الاسهم وارباب البورصه ؟ . تلاحق وتتابع المشاكل والالحاح في عرضها يوغر الصدر ويغل العقل وينفذ الصبر . وهذا ما يريده اعداؤك بغير زياده او نقصان .
ما تفعله المغرب والسعوديه ذكاء اعلامي منقطع النظير ينفث مكنون الصدور ويعيد الامل و يداعب الذكريات وينشأ ثقافه ذات شأن . لم يذهب الي امثال الشاب ( بيكا) الي هناك لانهم ذوقين للفن الجميل ولن يجد له هناك من سبيل . اما نحن فقد ابتلينا بهذه المجموعه وبدأنا نردد كلمات الغدر والاهانه و الانتقام في صوره مواويل شعبيه مثيره للبغضاء في حد ذاتها علاوه علي رتمها السخيف . وتتضافر هذه النوعيه من الاغنيات مع الاخبار التي لا تتركنا حتي الفراش وبها من الهم والغم الكثير . كان لكل هذا تأثيره المباشر علي الشخصيه المصريه فقدت فيها هدوئها واتزانها واصبحت متعجله دائماً بلا داعي ، لا ترضي عن اي شئ ولا تقدر جهد او تبدي عذر . ودائماً تجدها في حاله صراع مع كل ما يحيطها .
لا ادري لمن اوجه حديثي ؟ ، ولكن ارجو ان تصل كلماتي هذه الي اذان كل ما هو مسئول عن اعلام وثقافه هذا البلد . عليكم بأحياء نغمات الزمن الجميل الراقي حتي لو كان ذلك بالتنسيق مع الفنانين الحاليين في حفلاتهم الصيفيه التي يحضرها الاف . ا عيدو احساس الوطنيه والشعور الجارف بها . علمو الشباب الصغير اناشيد الثوره ، غازلو شعورهم بأغاني الحزن في ايام النكسه و ارتفعو بها الي عنان السماء بأغاني العبور و النصر وطبعاً سيكون ذلك برتم هذه الايام و شكله الحديث .
برامج التلفزيون هنا لا تكفي وانما اتكلم عن مهرجانات الصيف الحاليه والاحتفالات المختلفه و زيدو عليها بمهرجانات للشباب الغلابه بنفس الفنانين الكبار فهذا واجب وطني عليهم .
ابتعدوا بنا عن شباب الاغنيات التافهه المثيره للغيرة والاعصاب فهي ليست مجرد الا اظهار لثراء هذا او ذاك تضغط علي مشاعر المراهقين و تزيدهم غضباً وغلاً تجاه المجتمع. نريد ان نخرج بشعورنا من دائره المشاكل المتتابعة واخبارها التي لا تنتهي وان نبتعد عن سموم ما يبث في اذاننا من مجموعه معينه مكلفه بذلك . لن يكسر هذا السم سوي احياء شعور الوطنيه من جديد واحياء ذكريات الزمن الجميل في ايقاع حديث يأخذنا معه الي اجواء اخري غير التي نعيشها . ابعدونا عن ( حمو) وغيره و الا سنذهب للمغرب لنسمع الغناء المصري الاصيل لان ( حمو) لا يذهب الي المغرب .
والسلام ،،
سقراط