للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

من قال لك أنك أحق بهذا المنصب!

من قال لك أنك أحق بهذا المنصب!

الكاتب : سقراط |

01:35 am 25/07/2023

| رأي

| 2118


أقرأ أيضا: Test

من قال لك أنك أحق بهذا المنصب!

 

 

والحقيقة أنني لا أعرف سبباً واحداً يجعل شخصاً ما يغضب أو يدخل في حالة هيسترية تفقده توازنه وعقله إذا قيل له أنه سيُنقل من مكانه لمكان أخر ، أو انه سيترك منصبه وسيتولاه شخصاً أخر ، معظم الموظفون في مصر وخاصةً الكبار منهم عاصروا آبائهم وأقربائهم وحتى مديريهم "وقد كانوا ملئ السمع والبصر" ، وهم يودعون مناصبهم ويجلس بدلاً منهم أخرون .
———————
والحقيقة أن كرسي رئيس الشركة أو الوزير أو أي كرسي ، مثله مثل كرسي "الحلاق"، كل واحد يجلس عليه لفترة ، طالت أو قصرت ، حسب ما إذا كانت "الحلاقة شعر وذقن أم شعر فقط "، المهم أنك ستغادر الكرسي بعد فترة ، وهذه نماذج وأمثلة لا يستوعبها الناس رغم أنهم يعيشونها ويمارسونها في حياتهم ، بل والادهى من ذلك أنهم دائماً يحكون عنها ويشبعوننا ورعاً وزهداً فى المنصب والكرسي ، إذن لماذا الغضب !
——————-
مع اقترب حركات التنقل والتغيير في قطاع البترول ، ينبري المتابعون بكتابة ملامح للحركة ، قد تكون شبه صحيحة وقد تكون مخطئة وقد تكون مجرد تكهنات من بنات وأبناء أفكار من يكتبها ، وللأسف تجد من يذكر إسمه غاضباً شائطاً من ذلك ، ويشعل الدنيا صراخاً وعويلاً ، والأخطر أنه يدخل في حالة فكر وصراع دائم مع النفس ، وقد يصاب بجلطة أو يأتيه مرض السكر ، كل هذا لأنه قيل عنه أنه سيترك منصبه لمكان أخر ، وكأن المنصب الذي يتولاه خلفه له الأجداد وورثه كابراً عن كابر ولا يمكن زحزحته منه ، ويتناسى أنه تولى هذا المنصب دون أن يكون له تاريخ فيه ولا صولة ولا جولة واحدة ، ويتناسى أيضاً أن اقرانه الذي هم أكفأ منه لا يزالون قابعين في اماكنهم الواحد منهم لم ينل نصف ولا ربع ما نال هذا الشخص ذاته .
———————
والحقيقة أن هذه عادة الموظفون في مصر ، هذه العادة تحكمها عادات متوارثة منذ بدأت الوظيفة العامة تكون تشريفاً وليس تكليفاً ، تكون بغددة وعطاءًا وليس مهمة ومسئولية وخدمة عامة ، وطبعاً لا يمكن لك بحال من الأحوال أن تنكر على أحد غضبه ، فأسطول السيارات والبدلات والعضويات والميزات والسفريات ، والمصايف والمشاتي وكوبونات كنتاكي وبونات البنزين ، تفقد البني آدمين صوابهم وعقولهم ، فهذه كلها عطايا تذهب عندما يذهب المنصب ، إذن من حق صاحب الوظيفة أن يغضب ويحزن ويمرض ، ويصاب بكل الأمراض ، هو في نظره المميزات أفضل من صحته وراحة باله والأيمان بالقدر .
——————-
ولو كانت لدينا ثوابت راسخة وقوانين حاكمة "شرط أن تكون معدلة"، لما بكى صاحب منصب على كرسيه ، ولما غضب من كلمة تكتب ، ولما اتشح وجهه بالسواد من مجرد الكلام ، فالوظيفة هو يعتبرها تشريفاً وليس تكليفاً ، وعطايا وليست عطاء ، ومن ثم لابد وان يحزن ويغضب ويموت ويستقتل .
————————
الغريب أن معظم الموظفين وليس جميعهم حصلوا على هذه الوظائف لأسباب عدة ، منها: أنه مطيع ولا يتحدث ولا يظهر وليست له حدود لأنه غير موجود أصلاً ، وعدم وجوده ليس إنكاراً للذات ، ولكن لخوفه من صدور قرار بإبعاده لأنه تبسم وقت الحزن وتكلم وقت الصمت واستيقظ وقت النوم ونام وقت الصحو ، لذا هو خاضع خانع مستكين ومسكين ، ودون أن يُطلب منه تجده مادحاً ممجداً في من خدمه ومنحة مكان لا يستحقه .
أما النوع الأخر : فهو الذي جاء بتوصيات لا يستطيع أحد الوقوف ضدها ، هذه التوصيات من موظفين أكبر منه واعلى شأناً فى الخضوع والخنوع .
طبعاً هناك نوع أخر ، وهو الذي يدير دولاب العمل بكل ثقة وتفاني ، وهذا النوع مطلوب وجوده ولا يمكن الاستغناء عنه ، وهؤلاء يطلقون على أنفسهم لفظ "الفواعلية"، لأنهم يعرفون كل شيء وهو الترس المحرك لمنظومة العمل ، وغالباً هؤلاء لا يحصلون على مزايا ولا عطايا ، بل يحصلون على الملامة عند الفشل والصمت عند النجاح ، بالبلدي كده "فى الفرح منسية وفى الهم مدعية"، لأنهم لا يطلبون ترقية ولا منصب أكبر ، وغالباً يخافون من الطلب ، فليس لديهم عائل أو حائط صد ، ومن باب "إن جالك الغصب خده بجميله"، يعتبرون العمل عبادة ، ويتأصل فيهم ذلك ، فينسون الميزايا ويقدمون العطايا .
—————————
تركيبة الموظفين تركيبة غريبة ومخيفة ، وهي أعقد من التراكيب الجيولوجية للأرض ، كل ما هنالك أن من يستطيع اكتشافها وإدارتها مثله مثل الجيولوجي الشاطر الذي يعرف أن يوجد الزيت والغاز والذهب ومتى يستخرجه ومتى يتركه قابعاً في مكانه ، وهذا ما عهدنا عليه الآباء والجداد وسيمتد للاحفاد واحفاد الاحفاد .
————————-
ومن قبل كتبت عن ضرورة تغيير هذا النمط وهذه الصورة السيئة والتي كانت سبباً في إضاعة حقوق المبدعين والمتفوقين وقتل المواهب و وأدها للأبد ، وهذا يتحقق بوضع الرجل المناسب فى المكان المناسب ، واختيار من يحقق المصلحة العامة لبلده ومؤسسته ، وجعل المنصب تكليفاً وليس تشريفاً ، ووضع تصنيف مثلا لرؤوساء الشركات A B C ومن الممكن إكمال بقية الحروف ، فلا يُمنح رئيس شركة تخسر "وهو السبب في ذلك" كل المزايا والعطايا ، ومن يتحمل ثقيل الأحمال لا ينوبه إلا تقطيع هدومه ، والأمثلة والنماذج كثيرة ، وأن لا تأخذ القيادات من مكان واحد وتوزعهم على القطاع ، هناك أماكن اقدر واحدى وافيد ، وأن تكون عينك على أهل الخبرة وليس أهل الثقة ، وأن تمنح الجميع حرية القيادة والتصرف ، ومن يخطئ تقطع رقبته ويحاسب ، ومن يُحسن العمل يكافئ ويشد من ازره .
————————
والأمور عندما توزن بميزان واحد وتُرى بعين واحد وتكون هناك وجهة نظر واحدة هي الحاكمة والفاعلة ، سيصل بك الأمر فى النهاية أنك لا تجد قيادات رغم كثرة الموجودين ، وفي طريقك للبحث عن رئيس شركة تجد مئات الجثث وللأسف تراها غير صالحة ، لأنك ساهمت في تحللها عندما منحت ما لا تملك لمن لا يستحق .
———————-
لستُ هناك في معرِض ذكر نماذج موجودة بالهيئة والشركات القابضة والشركات ذاتها ، حتماً هناك العديد والعديد من الشخصيات الناجحة والمؤثرة والقائدة والوطنية الشريفة العفيفة ، لكن هناك أيضاً ما لا يستحق وهو مؤثر وفاعل ، والماء العذب يصيبه العكر من أبسط الأشياء ، لذا نتمنى أن يرزق من يختار حُسن الاختيار ، ويلهمه الصواب .
———————
وأتمنى أيضاً من البعض أن لا يغضب ولا يحزن ، حضرتك هتسيب الكرسي هتسيبه ، ولك أحد الاجلين ، إما الموت وإما الإبعاد ، لذا لا تبكي على شيء لا تملكه ، فطالما أنه ليس ملكية خاصة فابتعد ، وخذ العبرة ممن سبقوك ، ولما تروح للحلاق حاول تتدبر حال الناس هناك ، ساعتها سترى وتعلم أن دوام الحال من المحال ، ولو دامت لغيرك وا وصلت إليك ، ولو ظل كرسي الحلاق مشغولاً لطال شعرك وكسى عينيك فلا تُبصر بعدها أبدا .

#سقراط

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟