للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مروه عطيه تكتب : عجائب من رحلات ابن بطوطة (1)

مروه عطيه تكتب : عجائب من رحلات ابن بطوطة (1)

02:09 pm 14/07/2023

| رأي

| 1486


أقرأ أيضا: Test

مروه عطيه تكتب : عجائب من رحلات ابن بطوطة (1)

 

يعد " مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ ٱللّٰهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ٱللَّوَاتِي ٱلطَّنْجِي " الشهير باسم " ابن بطوطة " هو أشهر الرحالة المسلمين على مدي العصور والأزمان ، فليس لاتساع المساحة التي غطتها أسفاره المدهشة وحدها عدت رحلته الكبيرة ، التي وثقها وحفظها في كتاب ،الفضل في خلود تلك الرحلة الهامة ، بل كذلك لجملة الأخبار والتفاصيل والحقائق التي ساقها عن بلدان وأوطان ما كان المسلمون والمشارقة عموما يعلمون في عصره شيئا عنها ، وربما لم يكونوا يعرفون بوجودها أصلا ،وتأتي في مقدمة تلك الأخبار القصص الغرائبية المدهشة التي احتشدت بها تفاصيل رحلاته ، التي استغرقت أكثر من ربع قرن من الزمان !
في السطور التالية سوف نعرض لقرائنا الأعزاء بعضا من تلك القصص الغريبة والمدهشة :
‎(1) المصريين القدماء يدفعون أجرة فتح الهرم !
من العجائب التي يذكرها " ابن بطوطة " في مصنفه الموسوعي الضخم ( تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ) عجيبة تتعلق بهرم مصر الأكبر ، هرم الملك خوفو ، الذي كان ، مع الهرمين الأوسط والأصغر ، مغلقا ومصمتا طيلة العهود القديمة ، غير أنه مما كان يشاع أن ملك مصر الذي بني الهرم سأل منجميه ، عند فراغه من بناءه ، عن الموضع الذي سيفتح منه الهرم ، فأجابوه بأنه سينقب من طرفه الشمالي ، فجمع الملك مالا يوازي في قيمته التكاليف التي ستتطلبها عملية فتح الهرم وكدسها داخل الركن الشمالي منه ، وبالفعل فعندما نجح أمير المؤمنين " عبد الله المؤمن " في فتح ثلمة في ذلك الصرح المهول أـخيرا ، بعد محاولات مضنية استعملوا فيها النار والخل والمنجنيق ، وجدوا قبالة الشق المفتوح حديثا مالا مكدسا ، وزنوه فساوي في قيمته قيمة تكاليف عملية الفتح دون زيادة أو نقصان ، وهذا هو النص الذي ذكر تلك الأسطورة المدهشة :
((ومما يذكر في شأنها أن ملكا من ملوك مصر قبل الطوفان رأى رؤيا هالته وأوجبت عنده أنه بنى تلك الأهرام بالجانب الغربي من النيل لتكون مستودعا للعلوم ولجثث الملوك، وأنه سأل المنجمين: هل يفتح منها موضع؟ فأخبروه أنها تفتح من الجانب الشمالي، وعينوا له الموضع الذي تفتح منه، ومبلغ الانفاق في فتحه، فأمر أن يجعل بذلك الموضع من المال قدر ما أخبروه أنه ينفق في فتحه، واشتد في البناء فأتمه في ستين سنة، وكتب عليها: بنينا هذه الأهرام في ستين سنة فليهدمها من يريد ذلك في ستمائة سنة، فإن الهدم أيسر من البناء  . فلما أفضت الخلافة إلى أمير المومنين المامون أراد هدمها فأشار عليه بعض مشايخ مصر أن لا يفعل، فلج في ذلك وأمر أن تفتح من الجانب الشمالي فكانوا يوقدون عليها النار، ثم يرشونها بالخل ويرمونها بالمنجنيق حتى فتحت الثلمة التي بها إلى اليوم ووجدوا بإزاء النقب ما لا أمر أمير المومنين بوزنه فحصر ما أنفق في النقب فوجدهما سواء فطال عجبه من ذلك ووجدوا عرض الحائط عشرين ذراعا. ))
‎(2) عجائب في المالديف !
في فصل مثير للعجب يروي " ابن بطوطة " قصة رحلته المدهشة إلي جزر المالديف ، التي كانت تسمي في زمنه (ديبة المهل ) ، والتي رأي فيها جملة وعجائب مدهشة نقتطف البعض منها :
العفريت الذي أسلمت المالديف بسببه : يروي "بطوطة" في رحلته أن تلك الجزء الفاتنة كانت محط زيارات مزعجة ومرعبة من عفريت مائي كل شهر ، وأن ذلك العفريت كان يتلقى قربانا من فتيات الجزيرة في كل مرة ، ويتركها خلفه قتيلة ، حتى جاءها " أبو البركات البربري " المغربي ، الذي تمكن اعتمادا على إيمانه وحسن ظنه بالله من تخليص الجزيرة من شر ذلك الجني المخيف ، كما أنه أدخل أهلها الإسلام بحسن تصرفه ، وهذا النص المحمل بالعجائب :
((حدثني الثقات من أهلها كالفقيه عيسى اليمني، والفقيه المعلم على، والقاضي عبد الله وجماعة سواهم أن هذه الجزائر كانوا كفارا، وكان يظهر لهم في كل شهر عفريت من الجن يأتي من ناحية البحر كأنه مركب مملوء بالقناديل، وكانت عادتهم إذ رأوه أخذوا جارية بكرا فزينوها وأدخلوها إلى بدخانة، وهي بيت الأصنام، وكان مبنيا على ضفة البحر، وله طاق ينظر إليه منها ويتركونها هنالك ليلة، ثم يأتون عند الصباح فيجدونها مفتضّة ميّتة! ولا يزالون في كل شهر يقترعون بينهم، فمن أصابته القرعة أعطى بنته! ثم إنه قدم عليهم مغربي يسمى بأبي البركات البربري وكان حافظا للقرآن العظيم فنزل بدار عجوز منهم بجزيرة المهل فدخل عليها يوما وقد جمعت أهلها وهن يبكين كأنهن في مأتم، فاستفهمهن عن شأنهن، فلم يفهمن فأتى ترجمان فأخبره أن العجوز كانت القرعة عليها، وليس لها إلا بنت واحدة يقتلها العفريت، فقال لها أبو البركات: أنا أتوجه عوضا من بنتك بالليل، وكان سناطا: لا لحية له، فأحتملوه تلك الليلة وأدخلوه إلى بدخانة وهو متوضئ وأقام يتلو القرآن ثم ظهر له العفريت من الطاق فداوم التلاوة فلمّا كان منه بحيث يسمع القراءة غاص في البحر، وأصبح المغربي وهو يتلو على حاله فجاءت العجوز وأهلها وأهل الجزيرة ليستخرجوا البنت على عادتهم فيحرقوها، فوجدوا المغربي يتلوا فمضوا به إلى ملكهم وأعلموه بخبره، فعجب منه وعرض المغربي عليه الإسلام ورغّبه فيه، فقال له: أقم عندنا إلى الشهر الآخر، فإن فعلت كفعلك ونجوت من العفريت أسلمت! فأقام عندهم وشرح الله صدر الملك للاسلام فأسلم قبل تمام الشهر وأسلم أهله وأولاده وأهل دولته، ثم حمل المغربي لما دخل الشهر إلى بدخانة ولم يات العفريت فجعل يتلو حتى الصبّاح، وجاء السلطان والناس معه فوجدوه على حاله من التلاوة فكسروا الأصنام وهدموا بدخانة وأسلم أهل الجزيرة، ))
ومن القصص الشيقة التي ساقها ابن بطوطة أيضا حكاية مفجعة ، برغم طرافتها ، عن رجل فقد حياته بسبب إقدامه على تذوق حبة عنب واحدة ، فأمر السلطان بقتله وتمزيقه إلي شطرين ، ولا نعلم المبرر وراء تلك القسوة المفزعة لسبب هين وتافه كذلك :
((أخبرت أن سلطان كولم ركب يوما إلى خارجها وكان طريقه فيما بين البساتين، ومعه صهره زوج بنته، وهو من أبناء الملوك، فأخذ حبّة واحدة من العنبة سقطت من بعض البساتين وكان السلطان ينظر إليه فأمر به عند ذلك فوسّط وقسم نصفين وصلب نصفه عن يمين الطريق ونصفه الآخر عن يساره وقسمت حبة العنبة نصفين فوضع على كل نصف منه نصف منها وترك هنالك عبرة للناظرين.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟