الكاتب : سقراط |
07:48 am 14/07/2023
| رأي
| 2499
ارتبط ميلاد كافة الكائنات بالصعو . فلا ميلاد بغير الم وتوجع . ودائماً الميلاد يمثل البداية. وهكذا صارت بدايات الاشياء صعبة وعسيرة .فالطفل يصرخ في بداية العام الدراسي والكاتب يعاني من اخراج السطور الاولة لقصته او كتابه . حتي الآلة فأنها تخرج من حاله السكون بألارتجاف والاهتزاز وكأنها تستيقظ رغماً عنها .
وتبدو كذلك كل البديات في الحياة العملية والاقتصادية صعبة تحتاج الى الحكمة والرؤية الثاقبة وتعدد الاراء من ذوي الخبرة والاحتكام لأليات السوق و واقعه.
ويبدو مصطلح ( الحوكمة) جديداً في حياتنا العملية نتطلع اليه كمن يستيقظ من سبات عميق بنظرات ملؤها الشك واللوم فالنوم (سلطان) . ولكن وان كان الاستيقاظ صعباً فأنه لازم وحتمي لاستمرار الحياة . فنحن نواجه ألان ظروفاً استثنائية علينا ان نتخطاها مهما كانت الصعوبات والتضحيات . لسنا هنا بمعرض لشرح هذه الظروف واسبابها ولا تنسيق الكلمات الرنانة لشحذ الهمم والتوعية بضرورة استمرار العمل والاخلاص فيه . ولكن نتعرض لما يواجهه قطاع البترول تحديداً وهو احد اهم اعمدة الاقتصاد في هذا البلد . فهذا القطاع جزء من نسيج الاقتصاد لابد ان يعاني من آلام الجسد وعليه ان يبقى متحملاً ليكون خط دفاع مناعي قائم ضد هزال والم بقية الاعضاء . و اقتصاد البترول هنا ليس زيتاً او غازاً متدفقاً ولكنه نظام عمل وادارة تقوم على كل ذلك تضمن به هذا التدفق وتنظم الاستفادة القصوى منه .وبالطبع يأتي عنصر العامل البشري من يتحكم في كل هذا و تنعكس قوة هذا العامل على ابجديات الصناعة وتطورها ومدى مساهمتها الحقيقية في تفعيل دوره المحوري المعروف للجميع .
و لكن الواقع الحالي يفرض ثمة تغييرات يجب ان تتخذ لاعاده ترتيب البيت وهذا شئ متعارف عليه في كل مناحي الحياة المختلفة . كانت تبدو في الافق منذ سنوات قليلة ملامح لتغييرات جوهريه على هياكل القطاع العتيقة وبعض شركاته والتي ترهلت بحق على مدار سنوات طويله .فقد فيها السلم الوظيفي بريقه بل ومسئولياته . واصبحت الترقيات فيه غير ذات معني او مضمون اللهم إلا من بعض عائد مادي محدود . اصبحت الشركات تضج بأصحاب المناصب الكبيرة بلا عمل حقيقي و افتقرت الي الكفاءات الصغيرة والمتوسطة عمودها الفقري الذي تقوم عليه حركة و تفاصيل العمل .
انتشرت الشركات التي لا تحقق عوائد ملموسة و باتت مكدسة بالعشرات بل المئات من الموظفين . فرت الكفاءات الفنية الى شركات البترول في صحاري الخليج والسعودية ومنهم من انخرط في العمل في شركات الخدمات الاجنبيه وفقد قطاع البترول اهم عناصر الحيوية والنشاط به من مهندسين وفنيين .ارتفعت تكلفة العماله بشكل رهيب مما تسبب في بروزها كأحد معوقات زيادة الاستثمار الاجنبي في النشاط البترولي .
و كان المجئ الثاني للخبير الاداري ( إبراهيم خطاب) موحياً بأن شئ ما سيحدث تجاه كل ذلك وسيعاد النظر في خريطة هذه الاجواء الصعبة ومحاولة اعادة تطويع تلك القدرات في اتجاهات مختلفة تساعد على اعادة التوازن المفقود و دوران حركة العمل النشط مره اخرى .
و للحقيقة فقد استهل الرجل عمله بإعادة الانضباط الى دولاب عمل القطاع بعد موجة من الانفلات الاداري اعقبت رحيله للتقاعد .و بعد ان اصابت حمى الترقيات العشوائية القطاع في تلك الفترة واصبح عدد المساعدين والمديرين العموم من الكثرة التي ادت الى فقدان هذه الدرجات الكثير من اهميتها و مسئولياتها ، و غفلت فيها العيون المفتوحة على ما يجري في الشركات فانتشرت العديد من الشطحات والتجاوزات .كانت مرحلة إعادة الانضباط واجبه بلا شك بمزيد من الحزم والقرارات التصحيحية وهذا لا غبار عليه. وكان لهذه المرحلة ان تنتهي سريعاً للتفرغ الي الهدف الاسمي وهو العمل علي اعاده خطوات و دراسات التطوير و الهيكله الي مركز الاحداث الساخنه .ولكن الرجل واجه مقاومة شرسه ضد خطوات اعادة الانضباط . ولم يتحمل الرجل اكثر من هذا وطلب المغادرة في هدوء .
كانت مغادرة الرجل احد علامات و انطباعات (الميلاد الصعب ) لنظام الحوكمة الجديد و استمرار مرحله المخاض المؤلمة ولم تظهر قواعد التطوير المنشوده. وتظل العديد من الشركات بلا قيادة حتى الآن ،و قيادة شركات البترول ليست ترفاً او منظره فهي اعضاء حيوية في جسد هذا الكيان الكبير والمهم يجب ان تؤخذ في الاعتبار . واذا كانت الشخصيات الفاعله في مجتمع تواجه عادة بالمقاومة وبعض المكايدات الخفيه فأن انشاء ( مجلس حكماء) لهذا القطاع قد يستطيع تخطي تلك المعضله .نحن في حاجة الى هذا المجلس يكون اعضاؤه من ذوي الخبرة المتقاعدين ومن هم من اعمدة العمل في هذا القطاع العريق حالياً في كافة تخصصات العمل به.
عندنا من الشخصيات والاسماء ما يمكن ان نجد فيهم ضالتنا . و اعتقد ان لهذا المجلس (الاستشاري ) اجندة ساخنة وعامرة تتطلب البدء فوراً في مناقشتها ودراستها والخروج بتوصيات محدده تجاهها .مطالب التطوير والتحديث ليست بالضروره ضد الافراد لا بصفتهم الشخصيه أو الوظيفيه ولن تجد من القائمين عليها من هم من هواة تحطيم ومنع اي من الامتيازات بل ستجدهم بالضرورة من يساند زيادتها وتعظيمها على ان يكون ذلك نتاج عمل شاق وجاد يحقق مردود اقتصادي واضح و ملموس للشركه و القطاع بصفه عامه.
هذه هي اهم عناصر الحوكمة المنشودة في اداره الشركات فيها يجب ان ينتهي عصر الاداء بلا حساب و ارباح بلا نتائج فلم يعد احد يتحمل تبعات ذلك في ظل ما نعانيه حالياً من اختناق . وليعلم الجميع ان لا سبيل الي ذلك الا العمل والعمل الجاد فقط ،وسيكون الانتاج عند ذلك هو قارب النجاه الوحيد لهذا البلد .
ونرجو من هذا المجلس ان يكون على رأس اولوياته وضع مقترحات واليات استعادة المناصب العليا في الشركات هيبتها المفقودة في اسرع وقت وبدون الدخول في مهاترات تمكين الشباب وما الي ذلك فالوقت والظروف لا تسمح بهذا الترف فالخبرة هم كبير وسلم طويل ينبغي للجميع ان يسير عليه بطريقه صحيحه وتدريب متقن . وعلى الجميع ان يعلم ان المنصب الذي نرجو ان يكون شغله ( محدد المدة) لم يعد تشريفاً ولا منظره ولا ترضيه وانما اصبح اداة فاعله لزياده الانتاج وتحقيق الاهداف ومن قدر عليه وأجاد فليستمر ومن لا يستطيع أو يفشل يتركه لغيره غير اسف . عليه ان يوجد نظم عمل موحده تربط كافة هياكل القطاع ، وان يدرس الفوارق المادية بين عامليه في مختلف قطاعاته لوأد حاله التنافر بين العاملين في هذه القطاعات المختلفه بعضهم ببعض. عليهم بدراسة اصدار اللائحه الموحده لجميع العاملين فجميعهم ابناء لقطاع واحد . عليهم بدراسه نظام جديد للترقيات التي اصبحت صداعاً مزمناً في هذا القطاع وفقدت جدواها العمليه . عليهم تحديد كيفيه ربط معاملات القطاع مع الجهات الخارجيه بالنظم الجديده للمالية والجمارك والامن وغيرها.
عليهم ايجاد صيغه واضحه للاستفاده من كافه امكانيات القطاع في كافه مناطقه و التخلص الاقتصادي من كافه رواكده فكل عائد مطلوب حالياً وعلي وجه السرعه .
الكثير والكثير مطلوب دراسته واعطاء الرأي والخبره فيه ليكون هذا المجلس بحق هو الساعد القوي للقرارات التنفيذية المؤثره .
نتمني ان نري صحوه تطوير كبري وعلينا ان ننتظر رؤيه مولود الحوكمة الجديد في اسرع وقت ليعطي الامل في حياه ارحب واجمل وان لا تستمر الام الميلاد الجديد اكثر من ذلك .
التوفيق للجميع غايتنا ، والسلام .
#سقراط