02:18 pm 05/07/2023
| رأي
| 2126
احببت هذه الصدفة التي جعلتنى اليوم اقرأ مجموعة الوصايا التى قد كتبها ماركيز لقراؤه وهو يحتضر بعد أن اكتشف مرضه بالسرطان وعلم يقينا انه قد اقترب من نهاية الطريق.
كتب ماركيز مجموعة من الوصايا والتي تُعد وبدون شك روشتة علاج للحياة وأبعادها والاعتراف كم هي قصيرة مهما طال فيها العمر.
من أعظم هذه الوصايا كانت بعض الجمل البسيطة التي لمستني واستشعرت انها هي الأهم وهي تُعد بالفعل دواء لكثير من الأمراض التى تطرأ على العلاقات الانسانية بمختلف صورها، وشعرت انها تعبر عني تماما لإدراكى أنها من أهم الأشياء التي قد توطد العلاقة مع الآخر.
هذا الشىء هو (التعبير عن الحب) بشكل مستمر ودون خجل أو حتى تأجيل لكلمة أحبك ولو لدقيقة واحدة،وكانت نص كلمات هذا الروائي الاستثنائي:
" لو قـُدِّر لي أن أعيش وقتًا أطول، لن أترك يومًا واحدًا يمر دون أن أقول للناس كم أحبكم، أحبكم جميعًا، ولأقنعت الجميع، رجالًا ونساءً، أن لا شيء أثمن من الحب"
هو غابرييل غارسيا ماركيز الكاتب الروائي الكولومبي الذي ولد في مارس عن عام 1927 وتوفى في 17 أبريل 2014 عن عمر ٨٧ عام عاش في المكسيك وعمل كمراسل صحفي في بداية حياته العملية ثم انتقل لعالم الرواية الذي عشقه وجعل في نهجه الأدبي عالما يتشابه فيه الخيال والأسطورة بالحياة اليومية.
حصل ماركيز على جائزة نوبل للآداب عن روايته العبقرية "100 عام من العزلة" التي ترجمت إلى أكثر من 35 لغة مختلفة وباعت الملايين والملايين من النسخ حول العالم وكانت سببا لأن يكون واحد من أشهر ادباء العالم في القرن العشرين.
عندما قرأت هذه الوصايا لم أتعجب كتابة هذا الكاتب العبقري لهذه الأشياء البسيطة التي هي خلاصة هذه الحياة، وهي تبرز تركيزه على أهمية التعبير عن الحب والامتنان والشكر ، عن المحبة والود الذي أمرنا به الله سبحانه وتعالى.
فبعد أن جال هذا الرجل شرق وغرب الأرض وعرف فيها الكثير وتعلمنا منه الكثير والكثير رأى أن من أهم مكاسب هذه الحياة أن تكسب قلب من تحب وتعبر له دائما عن ذلك وبشكل مستمر.
اكتشف أن العلاقات الطيبة التي هي أساس هذه الحياة لا تستقيم الا بافشاء الحب والود وبالتعبير عنه في كل فرصة تسمح بذلك دون تأجيل، لذلك بادر وسارع وعود نفسك دائما على أن تقول كلمة أحبك وتعلن لمن تحب أنك تحبه، امتن لأولائك الذين لهم تأثير في حياتك،لا تؤجل كلمة طيبة لساعة واحدة أو لدقيقة واحدة فربما لا تأتي تلك الساعة،
فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( وَالذي نَفسي بِيدِهِ، لا تَدخلونَ الجنةَ حتى تُؤمِنُوا، ولا تُؤمِنوا حتى تَحابُّوا). أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة.
ويقول الله تعالى في كتابه العزيز : "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم 21).
فالمودة والرحمة والتعبير عنهما هي القوة الحقيقة التي ترتكز عليها كل علاقات البشر.
فكم من المرات أذرفنا الدموع بسبب تأجيل كلمة حب أو شكر أو تقدير لأشخاص كانوا فى حياتنا ولم نعد نستطيع البوح بها لأنهم رحلوا ، كم من مرة ندمنا على شيء أردنا فعله لحبيب أو صديق أو أب أو أم أو أخ أو حتى إبن وأجلّنا فعله ولم نستطع لأنهم رحلوا،وعشنا عمر كامل فى حسرة على كلمة رقيقة أو فعل بسيط ربما كان لها قدر كبير في نفس هذا الشخص قبل أن يرحل.
لذلك أقول لك عزيزى يا من تقرأ هذه الكلمات البسيطة، عبّر عن حبك مرارا دون تأجيل ولا تستكثر ذلك على من تحب، كن ودودا وامتن ولا تخجل أن تبدي ذلك لأي شخص مهما كان، لا تترفع عن التعبير عن هذه المشاعر الانسانية العظيمة فبها تتوطد العلاقات ويرتفع الحب إلى أعلى الدرجات وتزول المشاحنات والخلافات، ولا تنسى أن الدنيا مهما طالت قصيرة.
الكاتب والشاعر / أيمن حسين
مدير عام الإعلام بجهاز تنظيم انشطة سوق الغاز