مجرد رأي .. خالده تفتح عهد جديد لحوكمة الشركات. 

اثارت بعض القرارات التي صدرت بتشكيل مجلس اداره شركه الانتاج الكبري بعض التساؤلات  يشوبها بعض الاستغراب من نوعيه المعينين في هذا المجلس ، حيث يختلف في شكله الاداري عن المجلس السابق الذي يسري عليه النظام السائد في القطاع. 

و اود هنا انا اوضح بعض مفاهيم مجلس اداره الشركات وحوكمة الشركات بصفه عامه ، وارجو مشدداً ان لا يعتبر هذا الرأي يمثل اي جهه اداريه او رسميه ولكنه يأتي كرأي شخصي تم بلورته بعد دورات تدريبيه متخصصه في هذه النوعيه من الاجراءت الاداريه الهامه. 

في  اوائل عام ٢٠١٥ قام المهندس (شريف اسماعيل ) رحمه الله وكان وزيراً للبترول في ذلك الوقت بإيفاد مجموعه مختاره من اعضاء مجالس ادارات الشركات العامله بقطاع البترول في دوره تدريبيه هامه تحت عنوان ( دور عضو مجلس الاداره الفعال) ، وكانت دوره تدريبيه غايه في الاهميه قام عليها العديد من الخبراء واساتذه جامعيين علي مستوي عال من الخبره والتقنية. وكان من اهم عناصر تلك الدوره هو كيفيه اختيار عضو مجلس الاداره و دوره الفعال في اداره الشركه بالاضافه الي التعريف بمعني  الحوكمة في الوقت الحاضر ، وقد اوضحت لنا هذه الدوره ان من اهم مبادئ اختيار عضو مجلس الاداره  بشركه (ما) بطريقه صحيحه ان يكون غير شاغل لأحد الوظائف التنفيذيه او الاشرافيه بها . 

ويكون هذا ايضاً من صحيح القوانين المنظمه لأعمال الشركات ذات الكادر والطبيعه الخاصه بالاضافه الي شركات القطاع العام   .وكان هذا للحق مثار استغرابنا جميعاً لهذا المضمون الجديد علينا  فكلنا كنا اعضاء مجالس اداره ونشغل وظائف تنفيذيه في نفس الشركات. 

اوضح لنا  المحاضرون  بأن هذا يتنافي مع القانون ومع القواعد الصحيحه لحوكمة الشركات بالطريقه الحديثه للاداره . 

وبدأنا نتعلم ونعرف الكثير و العديد عن دور عضو مجلس الاداره بصوره اوضح ، و زادت دهشتنا عندما علمنا ان عضويه  مجلس الاداره هي عمل و وظيفه مستقله  في حد ذاتها وانها وظيفه مستقله في الدول الاوربيه والامريكيه حيث  يدخل بعض الاشخاص الي الشركات بطلب وظيفه ( عضو مجلس اداره)  كأي طلب وظيفه عادي مهما كان تخصصه و مهما كانت نوعيه نشاط الشركه . فعضو مجلس الاداره ليس بالضروره ان يكون متخصصاً في نشاط الشركه ولكن لا تنقصه الخبره اللازمه في طلب البيانات و التقارير  التي تحدد مستوي  اداء الشركه ككل او اداء كل اداره علي حده . طبعاً لا مانع من ان يكون عضو مجلس الاداره متخصصاً في نشاط الشركه ولكن لا يشغل منصب تنفيذي بها علي كل الاحوال. 

اوضحت لنا هذه الدوره الهامه بأن عضو مجلس الاداره قد يكون من المتخصصين مثلاً  في نشاط صناعه الغزل والنسيج  ويمكنه ان يصبح عضوا بمجلس اداره شركه اغذيه او بترول او كهرباء ولكن كما اوضحنا سابقاً يبقي علي خبره و درايه لما يتطلبه طبيعه عمله كعضو مجلس اداره  من بيانات محدده وله ان يطلب من البيانات والاسئله ما يشاء وعلي الشركه ان تمده بكل ما يطلب من بيانات والاجابه علي كل ما يدور في ذهنه من اسئله وله ان يطلب مستندات محدده ويقوم علي دراستها خارج الشركه ليصل الي رؤيه محدده ثم يعرض رأيه علي المجلس ، ويكون للمجلس في مثل هذه النوعيه من الحوكمة رأي في الثقه او سحبها من المديرين المتخصصين في مختلف ادارات  الشركه . ويجوز ايضاً تحديد مده محدده لعضوية المجلس نفسه وهي في العاده( ٣ سنوات)  في شركات القطاع العام ومده محدده للمديرين الفنيين داخل الشركه ايضاً . 

هذا هو نظام الحوكمة الخاص بتلك النقطه تحديداً والتي لا يعلمها الكثير من اعضاء مجالس الادارات الحاليين . ومن القواعد الاخري التي كانت مثار اهتمامنا هي امكانيه ان يشغل اي مدير  عام اداره  تنفيذي في شركه (ما) عضويه مجلس اداره في شركه اخري لا يشغل فيها اي منصب تنفيذي . 

خلاصه القول ان القاعده الاساسيه الحاكمه تقع في ضروره الفصل بين (عضويه مجلس الاداره) وبين شغل (منصب تنفيذي)  في نفس ذات الشركه . 

ونشير هنا الي ان بدأ تنفيذ هذا المبدأ الهام في حوكمة  الشركات سيعطي زخماً ومسانده  لما قمنا باثارته  سابقاً مراراً وتكراراً  في طريقه اعطاء الفرصه للكوادر الشابه والتي  يجب ان تكون  بصفه تدريجيه بدلاً من الزج بهم مباشره الي مستوي مدير عام  لأداره تنفيذيه وعضواً بمجلس الاداره في نفس الوقت بينما تكون خبرته  الاداريه  و القياديه مازالت محدوده . 

علينا ان نتيح له ان يتعلم اولاً فن القياده والتعامل مع المرؤوسين وأن يدرك فعلياً  ماهو الدور الحقيقي لعضو مجلس الاداره وكيفيه التعامل مع هذا المنصب الحساس المؤثر ، وان يأخذ الوقت المناسب  يكون فيه  ملازماً ومساعداً  اولاً لعضو مجلس اداره محترف ذو خبره ينهل منه كيفيه التعامل مع المحيطين من حوله علي تلك الطاوله ومعرفه كيفيه تحقيق الاهداف العليا للشركه من خلال هذا المجلس بعيداً عن التفاصيل الصغيره والعمل الروتيني العادي وعرض ما يستحق من امور هامه ذات تأثير لمناقشتها واخذ القرار المناسب فيها  . 

تطبيق هذا المفهوم علي كافه الشركات سيفتح مجالاً  واسعاً لاستعاده قوه و تأثير  دور ( مجلس اداره الشركه )علي مجريات الامور بالشركات ويعطي نوعاً من الانضباط في وتيره العمل حيث سيعلم الجميع ان لغه الارقام والتقارير الفعليه هي من ستتحدث عن نشاط كل اداره وبيان نجاحها في مهمتها من عدمه  امام اعضاء هذا المجلس المحايدين كلياً والبعيدين تماماً عن تأثير العلاقات الشخصيه  وعلاقات العمل علي رأيهم و قرارهم .  

يخطئ من يتصور ان هذا المقال يدخل في تحديد او تبرير معايير اختيار لأشخاص بعينهم  فهذا شأن سلطه اعلي تري اهداف الصالح العام بطريقه اوسع و ارحب عن اي وجهه نظر اخري ولا يتطرق  هذا المقال الي ذلك . 

وستكون الارقام والنتائج هي الحكم الوحيد في قوه و سلامه الاختيار او العكس . لذا يجب ان نتعلم ان نعطي الفرصه لصاحب الرؤيه في اسلوب الاداره  والاختيارات الخاصه بها لتحقيق الهدف من رؤيته  في التحديث والتطوير  ، اما الارقام والنتائج فيحق للجميع بالطبع  معرفتها و التعليق عليها . ويمكن هنا ان تظهر محددات نجاح التجربه من عدمه . وقد يظهر بعض القصور او العوامل  المؤثره علي فاعليه هذا التوجه الجديد و هو ما  يمكن اعاده النظر فيه وتصحيح المسار للوصول الي انسب التوجهات والشخصيات ايضاً . 

واخيراً فاعتقادي ان ما حدث هو خطوه كبيره  علي الطريق الصحيح لإسراع وتيره التطوير والتحديث  ، و سيفتح باب  الاستفاده من الخبرات المحترمه التي يخسرها قطاع البترول سنوياً بدلاً من تركهم نهباً لوظائف واعمال لا تليق بتاريخهم او سنهم . و أري ان من اعتقد غير ذلك  تخوفاً او دهشه ان عليه ان يفهم المغزي من ذلك اولاً في ضوء ضروره  تطبيق صحيح القانون ثم التوجه نحو العمل بنظريات العلم  الحديث لحوكمة اداره الشركات   ومن ثم فالنتائج ستكون الفيصل بين كافه الاراء  وله من التعليق  عندئذ ما يشاء . 

خطوه جريئه وصحيحه يجب العمل علي تعميمها في كافه الشركات في اسرع وقت ممكن . 

بالتوفيق للجميع ،، 
سقراط