الكاتب : سقراط |
05:04 am 21/06/2023
| رأي
| 1211
مجرد رأي .. نظره في سيره الامام
تظل الاديان ورجالاتها معيناً لا ينضب لأي باحث او دارس . بحور علمها لا شواطئ لها ، تلعب اللغه فيها دوراً اساسياً في توصيل مضمونها وقواعدها لعامه الناس .
ويبقي الدين الاسلامي بين الاديان الاكثر جدلاً و تفاصيلاً علي الرغم من وضوح مقاصده وقوانينه. وحظي شيوخه وعلماؤه وخاصه من ذاع صيتهم بين الناس بالجدل حول كافه مناحي تواصلهم مع العامه و فتاويهم وحواراتهم .
ظلت اللغه العربيه دون غيرها هي عصب مفاهيم ومضمون تعاليم الدين الاسلامي وتاريخه الطويل كانت تلك اللغه ايضاً الحصن المنيع له ولكتابه و مراجع مذاهبه المعتبرة . واصبحت هذه اللغه هي البوابه الاولي لدخول فسيح هذا الدين لتعلم قواعده و الفخر بمآثره. و كان الالمام بها واتقان علومها وقواعدها البدايه الحقيقيه لكل من تصدي لعلومه تدريساً و تفسيراً وتوضيحاً صحيحاً ذو قيمه.
العالم (الشيخ الشعراوي) كان من اهم العلماء الذين ادركو هذا جيداً بحكم دراسته في الازهر و بدأ من نقطه الانطلاق الصحيحه وهي دراسه اللغه العربيه بصفه علميه بحته اولاً وما لبث ان تمكن منها وغاص في اعماقها وتجول في دروبها . اجزم بأن هذا هو التصدي الصحيح لأي دور دعوي ارشادي للناس ذلك الذي يلزمك ان تعرف اساسه وعصب فهمه اولاً وسند قيامه ثم تتجه الي تخصصه و كتبه ومراجعه المتعدده في مراحل اخري .
هذا هو المسلك القويم والمختص بالعلوم الدينيه تحديداً كونها تمس عقيده و تصرفات الناس وتحدد معاملتهم مع بعضهم البعض علي مختلف مشاربهم ومستوياتهم .
لا تعتقد عزيزي القارئ ان كتابه اي موضوع عن (الشيخ) هي امر هين ، فالشخصية عميقه الابعاد متراميه الاطراف لا حدود لأدراك فكره وعلمه اللغوي والديني . و عليك ايضاً ان لا تتوقع مني بكتابه موضوع تمتلئ سطوره بكيل المدح في سيره الشيخ وفضائله. فهناك من هم اجدر مني علماً وثقافه للقيام بهذه المهمه الشاقه . هؤلاء هم الذين يعرفون للمدح والقدح اصوله الثابته وأولها وأهمها ان تكون علي درايه و ذا علم تام بما تسطره من نغمات المدح او اقاويل الذم . و بدون ذلك يصبح مدحك ممجوجاً مردوداً عليك ويكون ذمك للأخرين علي الجهه الاخري هو من نقائصك .
فكل ما نريد توضيحه ان الرجل لم يكتم علمه بتلك اللغه الفريده وقواعدها والقي بها في غياهب الكتب والادراج بل ذهب متسلحاً بها علي مهل حيث كتاب الله معجزه اللغه الكبري . ولك ان تتخيل ما افناه من الوقت و الدراسه الذي قضاه في تفسير هذا الكتاب العجيب . لم يظهر الشيخ للناس كداعية وأمام الا بعد ان تجاوز عمره الستون تقريباً . اكثر من خمسون عاماً قضاها في دراسه وتفسير اياته ومعانيها منها ما هو واضح صريح وأكثرها يلزمه العلم اللغوي والديني لتدرك اهميته ومعناه المقصود الصحيح.
نحن هنا نحاول ان نجد في سيره الشيخ ما يضئ لنا كقراء بسطاء نبراساً في كيفيه التعامل مع المحيطين بنا وطرق الاقناع لمن حولنا (كعلم ) في ابسط صوره . هذا هو المراد من طرق باب سيره هذا الشيخ الجليل .
الرجل تقلد من المناصب المدنيه في الدوله ارفعها و تواري كل هذا وراء رغبته في توصيل العلم للناس بسيطاً سهلاً يقبله اصحاب الفكر والعلم المتواضع ويضع اصحاب الفكر المتشدد بكل تأكيد في مأزق وبرع في ذلك و اجاد .
تابع احاديث الرجل وقد انحني كتفه تحت وطأه الايام والزمن وهو يبتسم ويجاهد نظره وسمعه ليكون في حضره محبيه ومريديه في تبسط ولغه عاميه خلال شرح ايات ومعانيها بطريقه صحيحه بلا مبالغه او شطط و بدون الاخلال بالثوابت المعروفه التي لا تتغير ولا تتبدل.
تراه في بعض الاحيان يشرح متعمقاً في بعض اصول اللغه . ويصل بها في بعض الاحيان الي قواعد النحو الصعبه ليوضح لماذا تأخر (الخبر) او حذف (الفاعل) في ايه من الايات او حديث او حكمه يبين فيها اعجاز اللغه لإسقاط معني محدد علي مسامع الناس . كان سلاحه في ذلك ايمان جارف وسنده هو علم اللغه العربيه التي تمكن منها وعشق مفرداتها ومعانيها . اتخذ ذلك لتبسيط اعجاز صياغه المعاني من المقام الالهي العالي الي مستوي استيعاب وفهم العباد . حاول الرجل ان يكون حلقه الوصل بين المقامين . دور غايه في الدقه ولا ابالغ ان قلت انه يقترب من اهميه وحي السماء فالخطأ فيه غير وارد او مقبول علي اي حال .
الصوره المعبره في حياه الانسان تتشكل كأي صوره فنيه ابداعيه . لا بد لها ان تشمل معلومات واحداث واشخاص وقواعد وافكار . و هذه هي عناصر الحياه تقريباً . فأذا فقد عنصر منها اصبح من الصعب الاستفاده من كافه العناصر الاخري . وتصبح اللوحه غير ذات مضمون او تشي احداثها بنقص معيب . فاذا رغبت في تكوين فكره او رأي فعليك ان تتيح المعلومات الصحيحه لمن يشاركك في الحياه أو الرأي . وان يعلم الجميع ماقد يكون خفي من قواعد و ضوابط تحدد الشكل النهائي لما يتم دراسته او تنفيذه .
من هذا المنطق تسطع علامه في سيره الامام تضئ الطريق للجميع بضروره بل و حتميه التعامل الصحيح والايجابي مع من حولك وخاصه من هم في محيط عملك او دراستك .
هذه النقطه تظهر تحديداً في ضروره تبسطك في عرض المعلومات بطريقه صحيحه وواضحه للجميع وان تضع من حولك في الاطار الجامع للهدف النهائي .
عندما تكون في موضع يتيح لك توافر المعلومات والتفاصيل عن موضوع او مشكله بعينها لا يعني هذا انك اصبحت ذو ميزه اضافيه عمن هم حولك . المعلومات والدراسات هي حق متاح للجميع بها تفتح مجالاً واسعاً لمختلف الاراء والاختلافات وخاصه البناء منها .
هذا المثال اوضحته لنا سيره الامام وهو يحلل ويفسر من نفس مصدر المعلومات المتاحه للجميع بلا استثناء . و تنجلي موهبه الشيخ وعلمه وعمق دراسته في تبسيط تلك المعلومات وصياغتها في صوره جديده بها الكثير من الاختلاف عما قد يكون قابعاً في الاذهان من ازمنه بعيده ولكنها علي الرغم من ذلك تراها مستساغه الفهم يظهر تأثيرها في وجوه وعيون من حوله رغم ما يحويه مضمونها من احكام و دحض بعض المفاهيم الموروثه .
سيره الامام بها الكثير والكثير من المحطات والنقاط المضيئه لا تسعها عده سطور عنه وعن مشواره الطويل في الدعوه والتنوير . وما استوقفني فيها تحديداً لكتابه هذه السطور هي ما حاولت توصيله من رغبه صادقه في ان نسير علي خطي الامام فيما قام به عندما امتلك زمام المعلومه والعلم ومن ثم الوصول الي عقول الناس و وجدانهم ببساطه الشرح وعرض كافه المعاني بكل أمانه. واذا التزمنا هذا النهج الرائع في كل اوجه عملنا فأنتظر تعدد اوجه الاجتهاد والابداع من حولك وقد نسعد بسطوع شخصيات كبيره من الجيل الجديد مثل فضيله الامام او طه حسين او دكتور زويل وغيرهم كثير من هؤلاء العظماء مازالت مكانتهم شاغره لم تجد من يطاولها علماً وعملاً وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
تحيه اجلال وتقدير لروح الامام الخالد .
والسلام ،،
سقراط