للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

مجرد رأي .. الكداب والحركه العماليه

مجرد رأي .. الكداب والحركه العماليه

الكاتب : سقراط |

02:55 am 18/06/2023

| رأي

| 1511


أقرأ أيضا: Test

مجرد رأي .. الكداب والحركه العماليه


قادتني الصدفه في امسيه ليليه الي الشاشه الصغيره فشاهدت فيلم (الكداب) للقدير محمود ياسين والاستاذ الكبير فايز حلاوه وسيد زيان والفنانه شويكار .

ما شد انتباهي وفضولي لمتابعه المشاهده رغبتي في رؤيه وجوه واداء  هؤلاء الاساتذه العباقره الكبار بعد ان غيبهم الموت عن انظارنا .عمالقه هم في الفن والاداء يعملون بصدق و موهبه .

وشدتني احداث الفيلم نحو ثلاثه ملحوظات هامه فقدناها في حياتنا المعاصره غير هؤلاء الفنانين الكبار وسأتجه بعيدا عن الخط الدرامي للقصه الي تلك الملاحظات مباشره . 


الملاحظه الاولي:  هي ارتباط الناس بالمنتجات  المحليه المصريه والتي كانت الاقمشه الشعبيه مثالاً لها في هذه القصه وكيف كانت ذات أهميه وتحظي بأهمية عند كل اطياف الشعب كانت  هذه السلع والمنتجات تمثل  مجتمعاً كبيراً من المصانع والعمال و مصالح كثيره تربط المجتمع بعضه ببعض .
كانت الناس تثق في الصناعه الوطنيه وتلوذ بها من شر الحاجه التي كانت الفلسفه الحقيقيه لأهمية وجود المنتج الوطني والذي كان علينا مساندته حتي يشتد عوده ويتطور ويصبح منافساً  ويكون حائط الصد  الاول للمجتمع ضد التقلبات الاقتصاديه و الدوليه . 


الملاحظه الثانيه:  هو قوه الحركه العماليه وتأثيرها في هذه الشركات وتمثيلها في مجالس الاداره و قدرتها علي التدخل في شئون التشغيل و الاداره . وتبدو الشخصيات العماليه في تلك القصه مؤثره الي حد بعيد في العديد من الاحداث وتعبر عن مرحله كانت فيها النقابات العماليه لها ثقل كبير وتأثير واضح علي مجريات الاحداث في كل شركات القطاع العام في هذا الوقت  . 


الملاحظه الثالثه:  وهي في غايه الاهميه وهي قوه  تأثير الصحافه في هذا الوقت و التي كانت عاملاً حاسماً في كشف العديد من قضايا الفساد و صوتاً  عالياً جداً في هذا المضمار وكانت بحق السلطه الرابعه التي تكمل اركان السلطات المختلفه في المجتمع . 

 

عندما تراجع تلك الملاحظات تجد انه لم يتبق منها شئ في هذه الايام . فشركات القطاع العام اختفت الواحده تلو الاخري . المنتج الوطني اصبح غريباً في بلده . والحركه العماليه لم يعد لها ظهور أو تأثير واضح حتي في ابسط حقوق ما تبقي من عمال حتي ألان . 
لا ادري تحديداً هل هذا تطور طبيعي للحياه بعد ان اصابتها متغيرات السوق المفتوحه وتطور العلاقات بين الدول وتوقف الحروب الاقليميه . 


ام كان لدخول عصر الانترنت تأثيره العكسي علي ظواهر ايجابيه كانت تعطي للمجتمع قوه وصلابه ولا تزيد التنافر بين طبقاته. 
القطاع العام كان ركيزه هامه لهذا  الشعب لعشرات السنين . لا احد ينكر انه تعرض للكثير من الاهمال والفساد . و كان اهماله وعدم الرغبه في تطويره سبباً في ظهور الفساد به وتحقيقه لخسائر فادحه ادت الي الزهد في وجوده من الاساس . هذا الكيان الضخم كان سنداً قوياً للدوله إبان حروب المنطقه ودفع عن الشعب مذله الاحتياج للخارج علي قدر ما استطاع من انتاج . وفر العديد من احتياجات الناس الهامه بأسعار معقوله . ولكنه اضمحل بلا سبب مقنع بعد ان تدافعت امواج الانفتاح التي فتح بوابتها الرئيس (السادات) وتعرضنا لغزو سلعي ابهر الناس وخطف انظارهم  وضربت اركان الصناعه الوطنيه . 


و مع اضمحلال قوه القطاع العام انهارت الحركه النقابية في الوسط العمالي ايضاً  . لم يعد هناك وجود لشخصيات نقابيه عتيده لامعه مثل الاستاذ (البدري فرغلي)  النقابي اليساري المعروف كمثال ناصع للنقابي المتميز مثل هذه القيادات التي تستطيع تجميع  العمال علي كلمه واحده و تسيطر علي الاحداث وتمنع  الاضرابات والشغب في حاله حدوثها من عناصر مدسوسه. العناصر النقابية الحاليه اصبحت هزيله لا تؤدي الواجبات المتعارف عليها وأصبحت مجرد مجالس اجتماعيه لتحقيق بعض الامتيازات الهزيله مثل مجمعات الاسكان و المصايف او تقديم بعض الخدمات المخفضة  بالاتفاق مع الموردين

دور هزيل لا يرقي بدور النقابات الفاعل الذي تربينا عليه منذ اوائل الخمسينات وحتي اوائل هذا القرن . 


اما الصحافه فحدث ولا حرج انتهي دورها بطريقه دراميه فلم يعد هناك من ينتظر مقاله مثلما كان الملايين ينتظرون مقاله   الاستاذ هيكل  او عمود لأبراهيم نافع او ابراهيم سعده وصلاح منتصر أو استجواب احمد رجب الذي كان مثل طلقات الرصاص المفاجئ تهتز له اركان من يقصده بنص كلمه . كانت الصحافه قوه ثقافيه ورقابية كبيره انتهت ألان  الي نشرات اخبار تراها مطبوعه لا اثاره فيها  ولا ثقافه .

انهارت الصحافه الورقيه تماما واصبحت نسب توزيعها بعده الاف علي احسن تقدير  بعد ان كانت بالملايين . اغلقت معظم الصحف الحزبيه والاجتماعيه ابوابها . وفتحنا الباب لصحافه الخليج بمجلاتها الزاهيه الصور والالوان والطباعه الراقيه  ومواضيعها الاجتماعيه والفنيه  . اما الاخبار والتحليلات ذات الثقل المحلي والدولي اصبحنا نطالعها من الصحافه الاجنبيه العتيدة التي لم تهتز حتي الان  مع متغيرات الزمن . 


قد يعزو البعض  ذلك الي غزو ثقافه الصحافه الالكترونيه  وان الاخبار تصل الي الناس في نفس لحظه حدوثها . اوافقك الرأي،  ولكن تظل الصحافه الورقيه هي نشره نشاط المجتمع و مرأه حال الناس والرقيب علي كل إهمال وملاذ لكل سائل او مظلوم . الصحافه الورقيه كانت  تعيش وتزدهر   بمتابعه مواضيع الرقابه المجتمعيه والثقافيه و كذلك ابواب الرياضه والفن  في مكان واحد يسهل تصفحه بعيداً عن اضراء الشاشات المدمره لصحه العين والعقل . و كان يجد الناس فيها  شخصيات تستحق  متابعه كتاباته ، كان العمود في جريده الأخبار أو الاهرام و الجمهوريه و المساء كمثل عمود الازهر في قيمته العلميه والثقافيه ومريديه الذين يلتفون حوله لتلقي العلم والمعلومه . 

 

اثارت هذه الملاحظات مشاعري بلا شك وانا اتابع احداث هذا الفيلم الهادف  وكيف كنا في مثل هذه الايام الذي تدور فيها احداث الفيلم  والتي كنا نعتمد فيها علي انفسنا و لا نفتح ابوابنا الي استيراد اي شئ وكل شئ وكيف اصبحنا هذه الايام . 


 وسرحت بخاطري حزناً علي حاضر ممتد منذ سنوات طويله  استمرأنا  فيه الاستمتاع بجهد الاخرين وتميزهم واصبحنا مستخدمين من الدرجه الاولي وفقدنا قدرتنا وهويتنا كصناع و مبتكرين .

سيارتنا اصبحت اجنبيه و تجاهلنا تاريخ شركه النصر العريقه وقدرتها وامكانياتها  ،  نتباهى بملابسنا  المستورده ونحن ملوك الاقطان والازياء حتي وقت غير بعيد . ناهيك عن طعامنا الذي نستورد اغلبه قصراً بعد انهكنا اراضيناً الجميله  جوراً و تبويراً  ثم اذ بنا نجئر  من غلاء الاسعار بعد ان دمرنها  وحطمنا منها الكثير لنزرع فيها غابات اسمنتيه عقيمه لاذوق فيها ولا تنظيم وفقدت قيمتها الحقيقيه كونها  ركيزه لنشاط الزراعه والانتاج الحيواني .  

 

علينا الا نشكي حالنا قبل ان نحاسب انفسنا اولاً  و ماذا  فعلنا ونري ما وصلنا من كسل وتواكل والاعتماد علي غذاء وصناعه الغير . 


علينا النهوض من غفوتنا ونفيق من هذا السبات العميق وان نتجه بقلوب خالصه للعمل . كل منا يؤدي دوره فقط ولا علاقه له بالآخرين. علينا بالترشيد فهو اخر وأبسط وسيله نجاه مما نعانيه . اشتري الصناعه الوطنيه حتي لو كانت ذات جوده اقل ، اعتبر هذا مشاركه وطنيه منك  في اصلاح الحال ولك ان تناقش وتنصح المصنع بملاحظاتك علي جوده المنتج فبهذا يكون النقد الايجابي الذي يدفع للأمام . 
 


علينا ان نعلم جيداً ان ما يحدث حالياً من معاناه والم هو مخاض جديد لاعاده البناء ومحاوله الاعتماد علي النفس وايقاظ روح العمل مره اخري بعد ان تركنا انفسنا نهباً لكل مستورد . 

 

مطلوب منا الكثير والكثير الواجب عمله ولا اعتقد ان سطور هذا المقال ستكفيه . ويجب علي الجميع ان يعطي رأيه وتصوره فيما نطمح اليه من اعاده عجله دوران المنتج الوطني وتحقيق اكبر نسبه ممكنه من الاكتفاء الغذائي . هذه هي المعركه الحقيقيه التي يواجهها المجتمع اذا كان يرغب في اعاده ترميم اساسه وبنيانه لاعاده قوته الاقليميه ويرجع الي سيرته الاولي كنقطه ارتكاز محوريه في هذا العالم وبهذا فقط  تعود اركان الوطن قويه ليكون متسعاً لنا وللأجيال القادمه بدلا من ان ندعها تركب البحر هرباً  والموت فيه ضياعاً  . 


هذه رساله للجميع وعلينا نعيها وندركها جيداً حتي لايكون زمننا هو (الكداب) الحقيقي . 

والسلام ،، 
سقراط

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟