الكاتب : سقراط |
11:33 am 15/06/2023
| رأي
| 1703
رائعة سيدة الغناء الخالده والتي تغنت بها بكلمات عبد الوهاب محمد و الحان محمد الموجي. ثلاثتهم من قامات الغناء والكتابة والتلحين . الاغنية تصف العديد من العلاقات الانسانية الصعبة بين المحبين وكانت كلمات وصفات الصبر ومعاناته هو قاسمها المشترك .
و منذ فترة سمعت هذه الاغنية متزامنة مع مطالعتي للعديد من الدراسات الاجتماعية ومنها ما كان يناقش ويحلل اخلاقيات وظروف وطباع (الصبر ) في العديد من الاوجه . فعرفت ان (للصبر) مهارات وان له اخلاقياته وطرقه وكلاهما علم كبير ومتشعب لا يكفيه الاعجاب باغنيه او قرأه كتاب .
ولكن ما لفت نظري بشدة دراسه مختصرة بعض الشيء بعنوان ( لا تدع صبرك يؤذيك) . العنوان كان مفاجئاً بعض الشئ ولكنه تناغم بشكل ما مع مطلع اغنيه (الست) التي غنتها منذ اكثر من خمسين عاماً وكنت اسمعها في احدى الامسيات بلا ترتيب لذلك .
نملك جميعنا قناعه راسخة ان (الصبر) هو فضيلة بلا شكً ويمثل عنواناً للحكمه و الرضا .ولكن هل تصلح هذه الفضيله علي كل مايمر علينا في معترك الحياه الحاليه ؟ . هل لك ان تصبر بلا حدود علي ظلم او اهانه او ما قد تتعرض له من غمز ولمز . هل وجبت فضيله الصبر تجاه الاهانه والخيانه وسوء الظن ؟ هل لك ان تقضي عمرك في التبرير واثبات براءتك ؟ .
قد لا استطيع الاجابه بصفه مطلقه علي هذه الاسئله فما قد يناسب البعض قد لا يناسب الاخر . وفي نفس مضمار الحديث لا تتجه بفكرك اني سوف اطلب منك ان تتهور وتتفاعل تجاه اي فعل او تصرف يسيئك أو يغضبك . فيكون هذا اعلاناً خاطئاً تلفظ معه معاني الحكمة و الرويه في معالجه الامور ويكون الهدوء في المعالجه والفهم هو الاطار لما تقوم به من أفعال . ولكن ما اتوجه به اليك ان لا تدع هذه الفضيلة تؤذيك في النهايه وتكون نفسيتك في مرمي نيران الاحداث والتصرفات لتدمر ماشاء لها من هدؤك و اطمئنانك وتبدو السكينه في حياتك كحلم بعيد المنال .
ما اقصده تحديداً ان لا تتذرع بفضيله الصبر في كل ما يواجهك من احداث وتصرفات فكثره اعتصامك بما تسميه صبراً يصبح في النهايه حملاً ثقيلاً ذو تكلفه عاليه قد لا تتحملها صحتك ومزاجك و تستحيل حياتك معها جحيماً .
لا تعتقد انك ستعيش في هذه الدنيا بدون منغصات او عوائق وستجد من يداهم حياتك بالاشاعات والكذب وستجد من لا يطيق وجودك ولا شكلك واخر يقف في مسيره تفوقك أو تميزك او منافساً عنيداً لنشاطك. و كثيراً هي تلك الشخصيات التي تمتلئ بهم الحياه لتصنع احداثها ومعاناتها وكذلك مآسيها. ولكل حاله من هذه وتلك لك ان تتعامل معها بشتي الطرق بعيداً عن مفهوم (الصبر) ولك في ذلك طرقاً اخري ، اما بالتجاهل او التحدي وربما المراوغه وبعض الحرص وقد يكون زياده الثقافه علاجاً ناجعاً . اما ان تلزم جانب (الصبر) كما يهئ لك في كافه ما تواجهه من الاحداث فلن يكون هذا الا نوع من السلبيه والضعف و تعزو لنفسك تمسكك بفضيله (الصبر ) .
وقد ينبري احد الاصدقاء الذي يهوي ان يرجع كل مناقشه او تحليل الي القواعد الدينيه ولا احد بأساً في ذلك . فنجده يشير الي ان الله قد امر بالصبر في كتابه وقال "و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " نعم لا جدال في هذا ولا نقاش ولكن ما هو (الصبر) المقصود في تلك الايه الهامه التي حملت تأكيدا لغوياً بارعاً كعهد الكثير من ايات القرآن.
الصبر هنا هو التحمل الواجب علي من يؤمن حق الايمان بأن الطاعات هي عهد ومجهود وهي تكليف مستمر له قواعده وأوقاته عليك الحفاظ عليه مهما كانت المعاناه ويكون استمراره هو بحق ( الصبر) علي الطاعات . ويدخل الصبر ايضا بهذا المعني الحقيقي له في فقد عزيز وغالي واحتساب ذلك لله . جحود الابناء أو مرضهم، ضيق الرزق والصبر علي الفرج مهما طال انتظاره ، ابتلاء المرض والعجز فهذا ما قدر لك مهما كان عمرك أو مركزك .اذاً (الصبر ) الحقيقي هنا يتجه في عمومه الي مواجهه اقدار الله جاءت فرديه او مجتمعه . ولم يطلب الله الصبر علي افعال الناس مثلما طلبه في مواجهه اقداره . وأستثني الانبياء من ذلك عندما طالبهم بالصبر علي اذي الناس فهم عباده وهو ادري و كفيل بهم علي اي حال .
اما حالات العلاقات البشرية العامه فلم يترك للصبر العنان ان يكون هو الحل الوحيد بين الناس .فقد اوجب (القصاص) مثلاً بين الناس فالقاتل يقتل ولا يصبر عليه . وفي اخري "وأعدو لهم ما استطعتم من قوه " ولم يطلب صبراً علي قهر او غزو أو احتلال . و كثير من تلك المعاني ستجدها بنفسك عندما تتجه الي قراءه القراءن و الكتب المقدسه . هذا هو (الصبر) المقصود في الامر الالهي .
اما( الصبر ) علي نقائص الناس هو نقيصة تشين صاحبها .
اياك ان تؤذي نفسك (بالصبر ) بعد ان علمت كيف تحتفظ به ليكون في الاتجاه الصحيح .
ارجو ان تقبل وتتفهم تلك النصيحه حتي لا تجدك احداث الزمن ارضاً ممهده تتراكم عليك حتي تخنق انفاسك . عليك ان تضع فضيله الصبر في مكانها الصحيح لتعنيك علي نوائب الدهر الثقيله التي لا راد لها ويستلزم لها ان تكون متسلحاً لها بصبر حقيقي عماده الايمان واليقين.لا تجعل من صبرك عمله رخيصه تبذله عند كل عواء .
قاوم ، امرح ، تجمل لتعيش وتغيظ عدوك ، لا تزهد في ترف الحياه ، حافظ علي صحتك وقوامك ، لا تهمل في شئون اسرتك نتيجه ضغوط العمل او منغصاته ، اقرأ واعمل علي زياده ثقافتك بالافكار و الاحداث لتفتح لك افاق جديده في التعامل مع مختلف المواقف .
لا تجعل ما تعتقده انت (صبراً ) يقتل كل فضائل و واجبات ومتع الحياه الاخري .
واعوذ ان تكون من القوم الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً . هي حياتك في المقام الاول احياها كما شئت . والسلام ،،
#سقراط