الكاتب : سقراط |
01:13 pm 27/05/2023
| رأي
| 1327
العلم نور .. والجهل ظلام ، جملة تبدو ساذجة في حاضرنا اليوم بعد ان تشعب العلم وتمدد الى افاق الفضاء بل وما بعده . فلم يعد الانسان يرضي الا بكشف المجهول وان يواصل تحديه لكل ما تخفيه الطبيعة بل وتحقيق ماكان خيالاً في الماضي . فنواتج العلم هي بالتأكيد في معظمها نافع وأمدت البشر بالعديد من المكتسبات جعلت حياتهم اكثر سرعة وسهولة و رفاهية ايضاً . وعلي الجانب الأخر مازالت تمثل الحوادث التي تقع هنا وهناك ارقاً للمختصين فهي وليد شرعي للخطأ والاهمال . و يكون الظلام و الضبابية هي الغلاف الحتمي لها . وهنا يأتي المحققون والمتخصصون ليكشفوا عن الاسباب بنور العلم والخبرة .
الجميع يجتهد لأن يكشف عن اسباب الحوادث لتحليلها وايجاد السبل والوسائل لمنع تكرارها ولا مانع ابداً من تغيير التصميم او طريقة التشغيل وما الى ذلك لتكون اكتر امناً .
هناك العديد من الصناعات التي تكون فيها الحوادث كارثة كبيرة ومصيبة عظيمة، ويأتي علي رأسها بكل تأكيد حوادث الطيران تلك التي تودي بأرواح المئات من الابرياء في الحادث الواحد بل وتقضي تماماً علي سمعه الشركه الناقله. وتجعل سمعة هذه الصناعه الكبيرة برمتها في مهب الريح . ثم تأتي حوادث وسائل النقل واهمها السيارات ثم تأتي الحوادث الصناعية ويأتي علي رأسها صناعة البترول والمفاعلات الذرية.
نحن نري افلاماً كامله تشرح لنا كيفية التحقيق في حوادث الطيران المميته . وكيف تستغرق الدراسات وتحليل البيانات و دراسة كافة العوامل المحيطة ربما بضع سنوات حتى يصدر التقرير النهائي الذي يوضح سبب الحادث . قد لا تتخيل كم المعلومات التي يتم تحليلها وبرامج الحاسوب التي يتم استخدامها لعمل تصور للحادث وبعض هذه الدراسات تتكلف الملايين . فهذا يرتبط اولا بسلامة الناس وهي الاهم ، ثم سمعة الشركة الناقله وكذلك الثقة في أمن النقل الجوي ككل.
ثم تأتي شركات السيارات كأحد اقوي الصناعات التي تهتم بأمان واتزان وثبات السيارة، وتقوم علي ذلك بالعديد من الدراسات والاختبارات المتعددة والمتنوعة بمختلف المعايير والمقاييس . وكلما ارتفع ثمن السيارة وطرازها فأعلم انها تحترم وتراعي وسائل الامان وانها تمثل عنصراً اساسياً في تصميمها وصناعتها اكتسبت به شهرتها وتأتي الصناعة الالمانية في المقدمة بلا منازع .
ثم تأتي حوادث الصناعة وهي كثيرة ومتنوعه . والبترول كصناعة يتعرض ايضا لحوادث متنوعه وبصورة تلقائية ظهر نشاط الامن والسلامه به فحوادثه مميته و خسائرها بالملايين .
وأصبح لصناعة البترول مراجع ومعايير تطبق لتحقيق السلامه في التشغيل واجهزة الحفر والانتاج ونقل المنتجات وخطوط الانابيب ومصانع التكرير وخلافه . فلكل نشاط من تلك النشاطات محددات مدروسة لتحقيق التشغيل الامن وكيفية الحفاظ علي حياة العاملين بها .
واتسع هذا الاهتمام بصورة واضحة بعد عدة حوادث شهدتها هذه الصناعة في اوائل هذا القرن . وكان اشهرها حادث حقل التمساح بالبحر المتوسط واشتعال البئر نتيجة قوة اندفاع الغاز به وعدم القدرة على السيطرة عليه . وتعتبر هذه الحادثه او المشكلة "ان صح التعبير" احد اهم المشاكل التي تواجهها هذه الصناعه خلال حفر الابار . فعدم الخبرة وعدم وضع البرامج الصحيحة للحفر والاصلاح و كذلك امكانيات وخبرات العاملين علي هذا النشاط هي التي قد تزيد من عوامل ظهور تلك المشكلة وتؤدي الي عدم القدرة علي السيطرة عليها .
نحن نعلم تماماً كيف يلعب القدر احياناً كثيرة دوراً كبيراً في اتحاد العديد من العوامل المتباعدة التي تجتمع بلا سبب في وقت واحد وفجأة لتؤدي الى الحادث . ولكن ما زال العنصر البشري يمثل اكثر من ٩٠٪ من اسباب الحوادث . والمثير في حوادث البترول عموماً انها تأتي بلا سابق انذار وبعد عدة مرات قد يكون ارتكب فيها نفس الخطأ ولم يحدث شئ.
وقد احسن المهندس (طارق الملا) منذ تولي المسئولية ان اعطي نشاط السلامة الكثير بالفعل خلال السنوات الماضية بل زاد من إحكام الخبرة والالتزام على العمليات بصفة عامة ان انشأ ادارة خاصة (لسلامه العمليات) وهي تبين ادراكه لأهمية وخصوصية مثل هذه النوعية من المشاكل التي تحدث علي اجهزة الحفر والاصلاح . ويجب ان تتأكد كافة الاجهزة المعاونة له من تنفيذ تلك التعليمات في كل الشركات العاملة بالقطاع .
الحياة تستمر بإنجازاتها واخطائها ايضاً ولكن علينا ان نتخذ من الاجراءت العملية وزيادة خبرة المسئولين الكثير لتكون من وسائل الحماية الاولية اللازمة لضمان امن وسلامة العاملين والحفاظ علي ممتلكات الشركات وثروات البلد بصفة عامة وان تخضع جميع الشركات العاملة الي لجان تفتيش مفاجئة في كل المواقع وكل اجهزة الحفر والاصلاح لتتأكد من خبرات القائمين عليها ومسئولياتهم ومدي تطبيق كافة الاجراءات التي تضمن سلامتهم وسلامة ما يقومون عليه . والضرب بشدة على المخالفة وإظهارها وتحديد المسئول فوراً وابعاده مهما كانت الظروف ومهما كان موقعه.
السلامه امن وسلام وحياة ولن تتحقق الا بالانضباط والتركيز في العمل وخبرة المسئول. ولم يبخل القائمون علي شئون القطاع بأي طلب او انفاق لهذا النشاط الهام والحيوي . فلا يوجد اي مبرر لحدوث كارثة او ضياع لنفس او مال بعد كل هذا الاهتمام ومن يقصر في ذلك فيجب الضرب بيد من حديد لا بنبله .ودمتم سالمين .
سقراط