للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

قلب فى وطن وجسد فى غربة ..ياسمين الجاكي

قلب فى وطن وجسد فى غربة ..ياسمين الجاكي

02:19 pm 16/05/2023

| رأي

| 1602


أقرأ أيضا: Test

قلب فى وطن وجسد فى غربة ..ياسمين الجاكي

 

الغربه إحساس مخيف وقرار صعب يتحدد فيه مصيرك ومستقبلك ، نقدم عليها للحصول على فرصة عمل او شهادة علمية او حلم يسكن ذهنك أو  احتراف  أو هروب من واقع أوحقيقة ما.


 فما أصعب أن  تتخذ قراراً فجاءياً تتغير فيه ترتيبات وأولويات حياتك ، قراراً بأن تبتعد عن كل من يحبونك بصدق ، تبتعد عن الدفء و الأمان والوفاء ،تبتعد عن لحظات الطفوله والبراءه والحلم .

الغربة بأن تبقى متحجر المشاعر، تقوى على البعد والفراق،تقوى ان تعيش بمفردك بمجتمع غريب لا يفهمك ولا يحتويك،، لا تجد من تبوح له بمشاعرك وأحزانك ، ليس هناك من يشاركك طعامك ، من يمد له يديك ليداوى جراحك ويلملم أحزانك  .


تعيش فى واقع مزيف تقوم بدور البطوله فيه بمفردك ، تمثل فيه على من حولك بإبتسامه وهميه ترتسم على شفتيك ، تضحك دون فرحه، تأكل دون شهوه،  تنام دون راحة بال، تسير غريباً بين من حولك ، تشعر وكأنك مختلف عنهم فى كل شيء حائر النفس مشتت البال .

تتذكر ضحكات كانت تنبع من القلب، تتذكر خطواتك فى شارع منزلك مع أصدقائاك وأقاربك وكل خطوه تسبق الأخرى فرحاً ، تتذكر أيام الصبا واول حب ، تتذكر الأعياد والمناسبات فى أحضان عائلتك ..تستعيد الطفل الذى يسكن بداخلك بكل أفعاله من شغب ومرح وكبرياء وطيبه وبراءه .
تتذكر أصوات أمواج البحر التى كنت تداعبها منذ الصغر ، وحكايات الجده التى كنت تسرع لأن تكون أول من يسمعها وتظل مستيقظاً حتى نهايتها.
فماذا تساوى الغربه أمام هذه الذكريات وهذه الأحاسيس التى لن تعوضها ايام الغربه الصعبه ..نعم أصبحت الحياه مخيفه وقاسيه على كثير منا ، وصرنا نواجه صعوبات وهموماً وحمولاً ثقلى، تجعل الكثير منا يهرب إلى الغربه بحثاً عن تحسين الأوضاع وسد الحاجه واشباع لرغبه النجاح والإنفرا د والأستقلاليه ، 
ولكن فلنفكر لبرهه هل تجدى الغربة وأنت تعيش وحيداً مغترباً شارد الذهن مفكك المشاعر؟ تحيا بقلب فى وطن وجسد فى غربه ؟ فإنك تترك قلبك ومشاعرك وأحساسيك وأجمل لحظات العمر فى وطن كان يحميك ويأويك ويداويك من أوجاع الزمن لتهرب إلى وطن الغربه والظلمة والوحده و الجمود والصمت الذى لا تسمع حولك سوى صداه الخفي.
فأى غربه تسوى حين تمنعك المسافات والحدود عن رؤية من تحب ؟حين يمرض ويحتاج إليك من منك  ولا تقوى على رؤياه  ومداواته والإحساس بدفء روحه حولك  ؟ أى غربه تسوى وانت تحتفل بنجاح حققته او بدرجه وظيفية حصلت عليها دون أن ترى يداً تصفق لك وتصافحك وتحتضنك ؟دون رؤيه الفرحه الحقيقيه فى أعين أحبابك .. أى غربه تسوى وأنت تفكر بمفردك ولا تجد المعين ، وتقرربمفردك ولا تجد الدليل ، وتحزن بمفردك ولا تجد من يمحو دموع عينيك، وتمرض بمفردك ولا تجد من يخفف عنك أوجاعك ومن يهب حياته وروحه فداء لك  .


فغربة المشاعر والأرواح حولك هو أصعب ما يتعرض له الإنسان فى حياته ، حين يختفى من حوله من يحنو عليه،  من يأمن بوجوده ، من يأنس بروحه ، من يطمئن ويسلم له..
أن تكتشف فجأه ان العمر قد مضى ولم تعشه كما أردت، مع من أحببت ، حين تهرب منك اجمل لحظات العمر بين أحضان وطنك، وعلى تراب أراضيه، وبين أنفاس أحبابك وتحت أجنحتهم . 


حاول ان ترضى بما قسمه الله لك وأن تكتفى بذاتك ، وأن تعمل جاهدا لتظهر تميزك ، ولتكن لك بصمه خاصه بك وحدك ، أبحث عن مواطن القوة بداخلك ، حدد حلمك واجرى خلفه وإسعى نحو تحقيقه  ،
 حب ما تعمل واخلص فى عملك لتكون الأفضل والأبسط والأسعد بأرض الوطن بين نسمات هواؤه الدافئة وبين أحضان أحبابك.

سؤال دوماً يدور بخاطرى ؛ هل هناك غربه تساوى غربة  القلب والروح والجسد؟  لأجدنى أجيب بلا تردد ان غربه القلوب أشد قسوة وجفاء وحزناً من غربه الضائع وسط زحام وطرقات وطن غريب تحاول ان تتعايش معه وتسكن فيه.
فإياك ان ترضى بأن تعش بقلب فى وطن وجسد فى غربة .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟