الكاتب : سقراط |
04:24 pm 13/05/2023
| رأي
| 1995
لا أرى غضاضة في مناقشة أسباب اللجوء إلى الوزير اياً كان موقعه او وزارته في كل تفكير أو مبادرة أو مشروع .
لا شك بأنه المسئول الاول عن نشاط الوزارة و تحقيقها للأهداف المرجوة منها . ولكنه غير مسئول بكل تأكيد عن اهتزاز قيادات لا ترغب في تحمل المسئولية او عقول متجمدة فقدت القدرة على الابتكار بل والاتقان .
فعندما تضع اسم (الوزير) في بدايات العمل فأعلم انك تحاول ان تجد غطاء او مسوغ يعفيك من المسئولية في حالة الاخفاق وخاصة مايأتي منه لعدم الدراسة بصورة صحيحة او الرعونة في التطبيق والتنفيذ .
(الوزير ) منصب سياسي رفيع يضطلع بمسئوليات جسيمه معروف لدينا بعضها ولا نعرف عن الجانب الاخر الكثير منها .
فهو مسئول أمام الحكومة التي هو عضو فيها وأمام رئيس الدولة عن تحقيق استراتيجيات ادارة الدولة بصفة عامة ويكون نشاط وزارته جزء من تلك المنظومة البالغة الصعوبة والدقة .
وكلما كانت الصورة واضحة لدى الوزير المسئول ونشاط مؤسساته وشركاته يدار بحرفية من خلال من هم منوط بهم ذلك ويتقاضون عنه اجورهم ومزاياهم فيكون اتخاذ القرار النهائي والتصور المستقبلي اقرب للدقة ومحققاً للصالح العام .
وهذه الصوره لن تتكون الا بعمل جاد لكل ما يندرج تحت منصب (الوزير ) كلا في حدود امكانياته وصلاحياته . ثم تأتي الحرفية والابتكار كعوامل تحفيز وتمييز للعمل حتى يتحقق الهدف الاسمى لكل جهد والوصول الى عتبات النجاح.
جميعنا يرنو الى النجاح وهذا من طبيعة البشر وقوانين الحياة في العمل والتي لها معاييرها المعروفه من دراسة وأمانة وجهد وابتكار وإتقان .ولكن ان تجد ان معايير النجاح قد أختلفت وأصبحت واقعاً مختلفاً وتصبح ان يكون النجاح في ان تبقى صامتاً منتظراً للتعليمات حتى تنفذها اليا طلباً للسلامة وتوهم حدوث العقاب بصفة مستمرة ومرضية احياناً حتى لو كانت لأي هفوه فأن الموازيين تختل ويصبح النجاح في مضمونه هو السكون وطلب السلامة وهو الامر الذي يصبح معه في واقع الأمر (الفشل الذريع ) مغلفاً ومتخفياً في اطار ( كله تمام) وادواتها المعروفة لدينا المقولة الشهيره ( ما باليد حيله) .
مثل هذه التوجهات هي التي ادت الى ظهور مفردات الامر الواقع الحالي واهمها الجمود والسكون ثم النجاح في استنزاف فكر وقدرة (الوزير) في تلك المحاولات المستميته التي تبذل في تحميله بكل تفاصيل العمل صغيرها وكبيرها(طلباً للسلامة) لتجده في النهاية غير قادر على رؤية الصورة بشكل عمومي وشامل . ولن يكون ذلك الا عيباً فينا بأن جعلنا صاحب التصور والفكر النهائي لدينا منغمساً في تفاصيل منذ البداية تصيبه بالارهاق وعدم القدرة على ملاحقة كافة هذه الاحداث فهو في جميع الحالات بشر مثلنا .
ولا اتجاوز في الفكر عندما اري ان (الملا) تحديداً قد ادرك هذا وأستشعره و بدأ في الاعتماد على فكر جديد بل وجيل جديد يمتلك توثب الفكر ويطلع على متغيرات العالم ويقول رأيه بصراحه وبثقة . ولم يكن ذلك سوى ناقوس انذار قام بدقه لكافة القيادات من كافة الأجيال ، عندما بدأ في الاعتماد علي مجموعات مختلفه من مجموعات الشباب بعد ان قام بأعدادهم وأختار العديد منهم للانغماس في بعض النشاطات المهمة الخاصة بإستراتيجيات الاستثمار والتعامل مع الشركاء وكذلك فيما يخص النشاط التجاري والمالي للقطاع . فالرجل مسئول عن توفير ملايين الاطنان يومياً من الوقود والمنتجات لبلد كبير مثل مصر ولا وقت لديه لمناقشات متسلسله في تفاصيل ينتهي معظمها الى لا شئ سوى ارضاء البيروقراطية وتحقيق حلم السلامة الوهمي .
ونصل الى محطه اخرى لا تقل أهميه عن ذلك فكل من يريد ان يثير الانتباه الى موضوع معين فتجده وبالضرورة يزج بإسم( الوزير )فيه طالباً تدخله وانه هو المنقذ لذلك التصور او تلك الفكرة . اذاً فأنت تطلب من منصب (الوزير ) ان يقوم بالدراسة والبحث بالنيابة عنك . ولم تجهد نفسك سوى بإلقاء فكرة او مقترح ثم تولي الادبار .
لم يكن المنصب الوزاري مخصصاً لذلك ولكن احترام هذا المنصب وتقدير أهميته وقرارته تنبع فيما تقدمه من دراسة جادة متكامله او حتى شبه متكامله وتوضح فيها تحديداً ماهي النقاط او الصعوبات التي تتطلب تدخل المنصب الوزاري فيها . هذا هو المنطق وهذا هو التفكير القويم . فالمنصب الوزاري تنتهي عنده الدراسات وخطوات التنفيذ والموازنات الفعليه لا الافكار ولا الاقتراحات .
الافكار والاقتراحات لها مكانها وطرقها ومحدداتها ومخرجاتها . وعندما تصل الى مرحلة متقدمة من النضوج جاز عرضها بتوصياتها المختلفه . وبذلك يؤدي كلا منا دوره ويقوم بعمله . وليس كل ما يرفض او لا ينفذ هو تقليل من الجهد المبذول فيه ولكن تأتي الاولويات والاستراتيجيات العريضة التي يراها المنصب الوزاري القاعدة الحاكمة لتنفيذه او تأجيله او حتى رفضه .وفي كل الأحوال فهذا وسام علي صدر كل من اشترك وساهم وبذل الجهد في تلك الدراسه .
لن يكون الغرض من اي كتابه ابداً هي توجيه النقد واللوم لأي مسئول او قيادة ولكنه عرض للحقائق التي نعلمها وندركها جميعنا . ونعلم بأنه لن يحدث تغيير الا بحدوثه داخلنا اولاً.
ولا تطلب تغيير الاحوال وانت مازلت على نفس تصوراتك وقواعد العمل البالية التي تتبعها . فالعالم من حولنا يتغير ويقفز بعنف حتى الدول الغنيه من حولنا نفضت عنها الركون الى مجرد استقبال المال وإنفاقه وبدأت في استثماره وتنميته بأساليب وعقليه متفتحة وعمل جاد ودراسات لكافة الظروف العالمية وجرأة في اتخاذ القرار .
فما بالنا نحن ومتى سنصحو من غفلتنا والى متى سيكون (الملا) دائماً هو المنقذ في هذا القطاع ؟
الاجابه لديكم ايها الاصدقاء .
#سقراط