01:11 pm 10/04/2023
| رأي
| 1274
حلقات يكتبها: سقراط (18)
حاولت ان اجمع شتات فكري لأمسك بالقلم واكتب لي وللناس عما يدور بخلدي في ظل مانعيشه من ازمة، امسكت بتلابيب كل منا ولا استثني احدا . فالغني والمتوسط قد تأثرا بشدة وبدرجات متفاوته. اما الفقير فلم يزداد الا حمدا وشكراً لربه.
لن احاول ان اطيل هذه الرسالة حتى يمكنها ان تصل الي اكبر عدد ممكن بعد ان اصبحت القراءة موهبة صعبه على الكثير بعد ادمان التعليقات ذات السطر الواحد ومعظمها اخطاء املائية ساخرة او التويتات التي يكون كاتبها كمن يقذف بالقول وهو يجري فلا تلحقه.
لست هنا في مقام ان افند اسباب الأزمة الحالية وابعادها لنلقي اللوم علي هذا او ذاك . ولكن الأزمه اصبحت واقعاً يعيش معنا ونري ان هناك ازمات لها نفس المواصفات تحيق بدول ومنها العظمي نفسها . وقد تكون ازمتنا المحلية قد سببت غضب وحنق الكثيرين وهذا صحيح بلا جدال . والغضب والحنق يعمى الأبصار ويغلق الصدور والعقول فتجد منهم من تطرف في القول بأن كل شئ قد انهار وانتهي واخر يعد بالويل والثبور وعظائم الأمور وانها لتلكم هي القاضية ليس لها من دون الله كاشفه.
اتفهم هذا واسمعه فهذا حال البشر علي كل حال . ولكن مااراه شيئا اخر .. فالناس تسير في الشوارع بالملايين تبيع وتشتري والسيارات لم تتوقف وهي كالسيل المنهمر و الحياة مستمرة رغم الصعوبات والتحديات .
لم نسمع عن موتي جوعا مثلاً ولا شركات اغلقت ولا مرتبات توقفت . وتيرة الحياة مستمرة .. الغذاء والوقود وكافة احتياجات الناس الاساسية متوافرة . قد يكون اصابها صرع الغلاء نعم بلاشك . ولكن جموع الناس تعاملت وحاولت . فذلك هو نصب الحياة منذ ان خلقها الله.
اذاً هل حري بنا ان نقف عند ذلك بغير موقف او تصور لتغيير ما نحن فيه ؟
أبداً لم يكن هذا هو المقصد ولكن التغيير له وجهان احدهما قبيح يتداري بين اوجاع الناس ويتخفي كالذئاب النهمة للفريسه. وهذا للأسف ينتظره الكثير من العامة التي لا تدرك سوي نظرة ضيقة للتعامل مع الحياة ككل او من هو علي انتماء لأفراد وجماعات لها توجهات ايدلوجية معينه تريد فرضها واقتناص حكمنا بها . ووجه اخر للتغيير فيه الأستفادة من دروس الماضي والبناء علي ما هو موجود والاستفاده منه وتعديل المسار وتنشيط عجلة العمل والقائمين عليه.
فأذا كنت من انصار الوجه الأول فأنت راغب للتغيير لتنقض علي مالم تدركه وما فاتك من هذه الدنيا من اهواء ورغبات . فتتقوى بمتاعب الناس وترقص عليها كالرقص على النار ولا يعنيك في ذلك هدم او بناء ، نظام او فوضي ، فرغباتك مشوشه وصدرك وافقك ضيقين ، فتريد الهدم والدم في سادية دموية تكمن داخلك.
اذا فلتعلم بأنك ستكون اول من يقضي عليه . فالناس سئمت الفوضي والبيوت لها حرمه الدم حتي لو ضاقت بها المعيشة والارزاق فلن يسمح لك احد بأن تعيث فينا فسادا وفوضى مرة اخري . ولن يفرط اي منا في امنه وامانه وفي ماله وعياله حتي لو بات طعامنا كسرة من خبز . فلا تخاطر معنا بذلك الهوس الذي يتملكك ويملئ عليك حياتك وحاول مع نفسك لعلك تجد من امرك رشداً وتعيش حياتنا حلوها ومرها .
اما الوجه الثاني الذي ينشد تغييرا حقيقيا في اسلوب العمل وتجديد الدماء والبناء على ماسبق بدون لطم الخدود وشق الجيوب والترصد لكل ما هو سابق فهو ما يمكننا ان نتحاور فيه لنجد الأساليب التي تمكنا من عبور تلك الأزمة وأن نستكمل مسيرة الحياة .
هناك العديد مماينبغي عمله فهناك قطاعات تحتاج لتغيير اساليب العمل واولوياتها بلا شك. تغيير التعامل مع ثوابت في حياتنا مازلنا نصر عليها وهي قد فات زمنها ولم يعد في الأمكان الأستمرار فيها.
يجب علينا ان نتكلم مع بعضنا البعض بصراحة بعيداً عن لغة المصالح الضيقه لتكون افكارنا مجردة للصالح العام .
ولا تنشد التغيير بدعوى الملل من الوجوه ولا تنشده وانت غاضب فكلاهما خطأ جسيم.
فأذا كنت من انصار التغيير لكسر حالة الملل فأني اقول لك : ولماذا لايصيبك التغيير انت في عملك اذا شعر مرؤسيك بالملل منك خلال فتره عملك معهم ؟ لأن القائمين على ذلك لهم التقييم المجرد ومصلحة العمل وحقك انت ايضاً ان لا تنهدم حياتك بالتغيير العشوائي تحقيقا لرغبات غير مسئوله ممن حولك . اذا فتصور التغيير للملل سيكون قاصراً وينتهي اثره سريعا واذا تحقق لك فسيصيبك الملل بسرعه عند كل خلاف ويصبح كأصابتك بالأنفلونزا كل عام الأمر الذي لا تستقيم معه ادوات العمل ووتيرته ولا طبيعة الحياه ذاتها فليس بهذا يتم التعامل مع المقادير فحياة ومسئوليات الشعوب لا تعرف لغة الملل القاصره ولكن تعرف لغة المصلحة العامة وتأمين ابحار السفينة المحملة بمئات الملايين من البشر رغم بعض الصراخ .
اما اذا كنت تطلب التغيير غاضبا فهون عليك وأسأل ذاتك : هل انت على استعداد لتطبيق قواعد التغيير علي نفسك اولاً؟
هل تعاملت مع ازمة المجتمع اياً كان سببها بمنطلق المسئولية. انك ايضا مسئول ولست متفرجاً ناقدا وكفى ؟
هل حاولت ترشيد ولو جزء بسيط من استهلاكك للوقود والكهرباء وما الي ذلك حسبه لله اولا وتقديرا للموقف وتحقيقا لصالح جماعة الناس ؟
هل تنازلت عن قدر ولو يسير مما افاء الله به عليك لمساعدة جمعيات او مستشفيات لتخفيف حدة الأزمة على الناس وهل يسرت علي احد منهم حاجه او سؤال ؟ فهذا هو من تحمد أعماله ويضعك ايضاً في مرتبه عاليه من الألتزام والمسئولية امام ربك ثم نفسك وأمام الجميع .
فأذا لم تفعل هذا واكثر فلماذا انت غاضب ؟
وهل تريد من الناس ان تقوم بعمل ذلك بالنيابة عنك لتظل انت عند غضبك وسخطك على اي شئ ؟
وأعلم ان التغيير هو سنة من سنن الكون فلا شئ دائم والاشخاص الي زوال مهما طال بهم الزمن لا ينقصه ولايزيده غضبك وسخطك . فأترك الايام لأعنتها .لنعيش حياتنا بمنطقها ونتعامل مع متغيراتها بمرونه ولا يجب علينا ان نتصلب فينكسر العود .
وافهم ابعاد اي ازمة او مشكله تواجههك ولا تلقي اراء ونقد عن غير دراسة ومعرفة و بينة . ساعد اولي الأمر بالترشيد و حمد الله علي نعم كثيرة لا تدركها من فرط توافرها واعلم ان هناك واقعا وعملاً على الارض قد تم فعلا وتغيير في حياة الكثير من الناس ومن حولنا قد حدث واصبح واقعاً ملموساً وهناك صعوبات ايضا.. نعم ولا شك .
واعلم ان كل مسئول مهموم ولا تعتقد انه في حياة هانئه سعيدة تبتعد عما نعانيه نحن فبلادنا كبيرة جداً وحملها هائل .
واعلم ان الله قد اعفي كاهلك من هول مسئوليات تنوء بها الأكتاف وهذه من نعمه عليك فأحمدها ولا تكن من الساخطين .
و لا تستقي توجهك ورأيك مما يحيط بك من اكاذيب فكلها موجهه ولها أغراضها وانت تعلم ذلك جيداً وتدركه والعجيب انك تسمعه والأعجب انك تتأثر به .
اهدأ وتعامل مع الايام بمقاديرها فهي مكتوبة و ابدء بتغيير نفسك اولاً فهذا هو الأهم . فتغيير الناس لأنفسهم هو في مجموعه التغيير الشامل الذي نحلم به . ولن يحدث تغيير بغير ذلك . وهذا كله بيدك انت وحدك فبها اما ان تعيش هانئاً مطمئناً وإما تعيساً ساخطاً لا ينالك الا ماكتب لك وعليك.
وكل عام وانتم بخير ورمضان كريم .
#سقراط #حكاوي_علام