فوانيس علام…الشركة العامة للبترول ..بين ناصر والسيسي

حلقات يكتبها: سقراط (17)

اذا اردت ان تري عهد عبد الناصر والسادات والزمن الجميل وبدايات النهضة فأذهب الي الشركه العامة للبترول . واذا اردت ان تري الحي الجديدة وحداثتها في عهد السيسي ووزيره الملا فأذهب ايضا الي الشركه العامة للبترول. 

تاريخ طويل لأسم هذه الشركة العريقه التي تبدو كقطار عتيق يأتي من الماضي البعيد تناسب وراءه عربات تلو العربات لكل منها زمن وتاريخ وجهد وعرق وقصص نجاح وايضا اخفاق . ولكن جميعها تصل في نفس الوقت وهذا هو سر الحياة المتجدد في الشركة العامة . 

لن تجد ابداً شركة تداخلت في النسيج المجتمعي وتأثر بها وتأثرت به مثل الشركة العامة . شركة قلما تجد ماتحظي به من تنوع في جميع اوجه العمل و حتى البشر . 

فعندما كان عهد ناصر والسادات فكل ما هو مستخدم صناعه الكتله الشرقية الاوربية في ذلك الوقت وتظهر في تلك الوحدات واجهزه الحفر العتيقه التي كانت مازالت تعبر عن تباشير فجر صناعة البترول منذ القرن التاسع عشر . 

وبتقدم الزمن والأيام تتفاعل الشركة بمرونة بالغه بالمتغيرات وتبدأ في الانفتاح علي مدارس اخري وصناعات احدث وتكنولوجيا مختلفه . وهكذا هي الشركة العامة تراها مرتبطة بمجتمعها و متغيراته وتتفاعل مع احداثه في كل مرحلة وزمن. 

كانت شركة ذات صفات فريده فهي   ملك خالصاً للمجتمع حتي أن العديد من الأعمال الدرامية التي مازالت حاضرة علي الشاشات حتي الأن كانت الشركة العامة مركز الأحداث وموضوعا لها ، ولكم ان تتذكروا فيلم ( للرجال فقط) للراحلة سعاد حسني وناديه لطفي لتعرفوا قيمة وتاريخ تلك الشركة الرائدة . و كانت القصة بأكملها  تدور حول الرغبة العارمه لدي كل الشباب للألتحاق والعمل بها  في تعبير دقيق عن تعلق المجتمع بها منذ بداياتها . 

ولكل مدينة اسم شركة يميزها ولكن لن تجد لأي شركة مدينه مثل الشركه العامة . فمدينة غارب وحتي حدود مدينة الغردقة هي مدينة داخل الشركة العامة فبغيرها ما كانت المدينة  .

مدينة بأكملها ومجتمع كامل بكل  نشاطه وإقتصاده يقوم علي ضفاف  تلك الشر العتيقة او كأنها باتت بيتا يطوف الناس من حوله. 

عائلات عريقه كاملة انتسبت علما وعملاً للشركة العامة واسست شركات خاصه بها بخبرة ونشاط وخير الشركه العامة ، وكانت عائلة المرحوم الخالد ( صالح عوض الله ) واخوته اكبر مثالاً حاضراً حتي الأن . 

جميع شباب المدينة امتهنوا كل ما يخدم العمل في تلك الشركه . لم يعرفوا مهنه اخرى غير العمل في النشاط البترولي بكافة خدماته ونشاطاته المتنوعة . 

كانت الشركة العامة بالنسبة لهم هي اشعاع الرزق والخبره وتعلم المهن المختلفة بل وتأسيس الشركات الخاصة لكافة الخدمات المتعلقه بالنشاط البترولي واضحت مدينة غارب هي مدينة داخل شركة بحق  .  تستمد اقتصادها وسبل حياتها  منها  . 

اصبح للعمل بها نظريات في تنفيذه واساليبه بتوقيع الشركة العامة ابتكاراًخالصا لها ، فكان للعمل على الأبار ومابها من مواسير وادوات التحكم بها ابتكارات واساليب خاصه بها،  ايضاً كان رصف الطرق الداخليه  بأرخص تكلفة كان للشركة العامة تصميمها المعتمد بأسمها ولم تبخل به علي جميع الشركات . 

جابت الشركة العامة للبترول الصحاري والجبال ودخلت غمار المياه والبحار . اوكلتها كافة انظمه الحكم المتعاقبه علي مصر بمهمة البحث والتنقيب عن الذهب الأسود في كافة ربوع مصر. لن تجد اي حقل  او قطاع او منطقة امتياز لا يوجد به بئر حفرته الشركة العامة سواء كان منتجاً او جافاً. 

واصبحت هذه الأبار علامات علي طريق الأستكشاف الحديث . كانت مراجعة بيانات تلك الأبار واماكنها والمشاكل التي واجهتها هي السبيل لأكتشافات كبري ، و مهدت لنشاط الاستكشاف الأجنبي في مصر كلها . 

ربما لم يحالفها الحظ في العديد منها  فلم يكن التطور الكبير في هذه الصناعة و في كافة العلوم قد ظهر  بتلك الصورة التي عليها حالياً. وعلى الرغم من ذلك كان عطاء الشركة متواصل فأن لم تحقق كشفا فقد فتحت الطريق لغيرها لتحقيقه بوسائل اكثر حداثة و دقة. 

ولم تتوان الشركة العامة عن اللحاق  بهذا التطور ، وتفاعل القائمين علي الأستكشاف بها كعهدهم دائماً مع متغيرات العلم وتحليل البيانات واستخدام الأجهزه الحديثة وحققت  الشركة اكتشافات كبيرة هائله في مياه خليج السويس بحقل شمال عامر البحري (الحمد) والذي حقق طفرة هائله في انتاج الشركة ونشاطها وكان سنداً للأقتصاد الوطني بشكل فعال بعد وضعه علي الأنتاج . وامتد نشاط الشركة من الخليج الى الصحراء الغربية والشرقية والى سيناء  بتحقيق العديد من الأكتشافات الهامه التي كانت حجر الأساس لقطاع البترول بصفة عامة.

اعطي عمل الشركة العامة في اي منطقة في ربوع مصر كلها  قيمة مضافة هائلة، فالجميع يثق في خبره الأستكشاف بها وما قاموا به من اعمال حتي ان منطقة امتيازها بعلم الشاويش بالصحراء الغربيه قد حققت ملايين الدولارات نظير منحها الي احد المستثمرين الاجانب في صفقة كانت من العيار الثقيل لقطاع البترول وقتئذ . 

ايضاً دخلت الشركة العامة غمار الأستثمار في بعض حقولها بنظام المشاركة مع مستثمر اجنبي وحققت بعض النتائج الأيجابيه في بعض منها وطبقت الكثير من اساليب زيادة الأنتاج كحقن البخار او الكيماويات وهي تقنيات لا يستطيع التعامل معها الا من هو في حجم الشركة العامة وخبرتها وإمكانياتها . 

اصبح للشركة العامة مجتمعات  عماليه في كل انحاء مصر .واصبحت حقول الشركة العامه هي نقاط مركزية لكافة الحقول المجاورة لهم والتابعة لشركات اخري ، ومثلت لهم السند الفني واللوجيستي . ومازالت تقوم بهذا الدور حتي الأن .ففيها فنيات تدبير المعدات والتعامل مع كافة الامكانيات المتاحة والتغلب  علي مشاكل الأجهزة و المعدات و هو موهبة وفن يقتصر على ورش و عمال الشركة العامة دون غيرهم وبلا منازع . 

كانت ومازالت الشركة العامة على مر السنوات مدرسة للقيادات . انتشر ابناؤها في كافه الشركات الأخري والى عهد غير بعيد كان القائمين عليها من ابناؤها فقط فهم ادري الناس بشعابها وطريقة العمل بها ودستوره . 

وكان البرقوقي وحسين كامل وفؤاد عبد العظيم وحمدي الدويك وهاني نصار من الجيل الأول لتلك القيادات التي اعطت من العمل والجهد الكثير  ليظل اسم الشركة علامة من علامات قطاع البترول . 

وقد استوعبت الشركه بعض القيادات من خارجها وكان اكثرها شهره هو تولي المهندس (حاتم طير البر)  رئاستها وهو المعروف عنه سرعة اتخاذ القرار وتحمسه للتغيير والتطوير . وظلت الشركة العامة على عهدها مع العمل بغض النظر عن من يتولي قيادتها فلها نظامها وادارتها وثوابت عملها التي لم تتغير علي مر الزمن . 

لم تنغلق الشركة العامة علي نفسها وظلت تعطي كافة شركات القطاع خبرتها ونظامها الاداري والعملي واضفت الأطمئنان والثقة على كل طالب خدمه او مستعيناً بعقدا من عقود خدماتها فذلك فيه قوة وحصانة جواز السفر الدبلوماسي داخل القطاع فكافه عقودها وادواتها هي محصنه ادارياً ومالياً وفنياً  بالخبرة والثقة والامانة فلا صوت يعلو علي صوت الثقه في خبرة هؤلاء القائمين علي هذه الشركة الحصينه وفي كافة معاملاتها . 

تحيه وتقدير للمهندس طارق الملا الذي عمل علي تطوير اداء هذه الشركة وبمساندة فعالة و بذكاء القائد في توظيف مايملكه القطاع من امكانيات ليصل بها الي مستويات كبريات شركات الانتاج بمصر . 

تحية الى ارواح القيادات العظيمه التي تولت امر هذه الشركة وتحيه تقدير واعزاز لأرواح شهدائها الابطال الذين ضحو بحياتهم لتظل الشركك العامه كياناً مزدهرا عبر الأيام . 

تحية الي جميع العاملين بتلك الشركه الفتية وتحية تقدير واعزاز خا للمهندسين والفنيين الكادحين  واسطوات الزمن الجميل بحقول هذه الشركه العريقه ، فقد كنتم ومازلتم القلب النابض لها . واقول لكم (الله - الله) في الانتاج يا رجال انه امانة في  أعناقكم فهو مصري خالص لنا وهو درع نحتمي به ضد غوائل الدهر  و سؤال اللئيم . لا تبخلوا بجهد ولا تفرطوا بعهد . فهذا قدرنا معكم . 

تحية لحقول غارب وبكر وعامر وام اليسر وخير والغردقة وشجر وعسران وأبوسنان و سدر وعسل وغيرها وكل العاملين بها . تلك الاسماء الجميلة العريقة التي ستظل دائما شموعا منيره في خريطة انتاج البترول المصري  . 

كل عام وانتم بخير ورمضان كريم ،، 

#سقراط #حكاوي_علام