أمى إمرأه بلا عنوان…ياسمين الجاكي

كل شىء فى الحياة له عنوان، وهدف واضح وصريح ، مفهوم ومنطقى، له رؤية واتجاه،  مزايا وعيوب له معنى ومغزى محدد..

فالسلام عنوانه الرضا ..والطفولة عنوانها البراءة.. الرجولة عنوانها القوة .. الصبر عنوانه الحكمة..الفن عنوانه الذوق الراقي..الصحة عنوانها الأمل..الحياه عنوانها التجارب ..النجاح عنوانه الجد والإجتهاد..الأخلاق عنوانها الرقى..السماء عنوانها النقاء ..الإيمان عنوانه اليقين بما تؤمن به..

وهناك أشياء وأِشياء كثيرة كل منها له عنوانها الواضح المقتصر ، الذى لا يقبل العديد من التفسيرات ..

ولكن هناك شيئاً واحداً اذا تأملت فى معانيه تجده متنوع ومتشعب، يحمل معانى غائره وعميقه ، تفسيرات عده ، يعجز الفلاسفه على شرحه ووصفه  بكلمه واحده تحمل وتفى معانيه الجميله الجمه وهى (الأم).

فعندما تريد وصف كلمه ( أم)  فماذا ستسطر ؟
هل هى تلك المخلوقة ذات العطاء اللا محدود بلا مقابل داخل قلبها حباً غير مشروط ؟ 
أم هى تلك الصبوره التى تتحمل قسوه الدنيا وعناء التعب والمشقه؟
أم هى تلك المخلوقة التى يسرقها الزمان لترتسم فوق جبهتها خطوط العمر الممزوجه بذكريات الطفوله والأمومه والألام والفقد؟
أم هى تلك الروح التى تحوم حولك بأستمرار ولا تفارقك مهما طالت المسافات والأيام؟
أم هى تلك الحب الصادق النقى النابع من القلب الذى يمنح دون مقابل حباً مجرداً من المصالح والشروط ؟
أم هى تلك النعمة التى تظل مستوراً ومحمياً بوجودها طالما حييت،  فهى الغطاء والستر والحمى والسند؟
أم هى الحضن الدافىء التى تجده ينتظرك اى وقت لترتمى فيه وتبكى وتشكو وتفرغ كل ما بداخلك فى أعماقه لتستريح وتكمل المسيره من جديد؟
أم هى المرشد والدليل عندما تضيق الطرق وتنطفىء الأنوار ؟
أم هى تلك المرأه التى ان وجدت فيها عيباً ستدرك ان العيب حتماً يكمن في عينيك؟
هى الكلمه التى ليس لها جمع وليس لها مضاد،  فهى حب واحد لن يتكرر، وهى معنى جميل ليس له تضاد او معنى آخر يخالفه ويعكس معناه.

ان أردت أن تصف كلمة (أم)  فلن تكفيك آلاف المجلدات والقصص،  وستستخدم كل مفردات اللغه لتصف معانيها ، وستعجز كل معاجم اللغه لتصل إلى عنوان يوفيها..

فان طال الحديث عنها فلا شعر يكفيها ولا قلم يسطر معانيها  .
فمهما بلغت من الصبر والقوه فلا يضاهيها أحداً ..
فتتمثل الأم فى نماذج عده تحيا وتعيش بيننا ،  فتجدها من هى ترملت وتحملت المسؤوليه والشقاء والحزن والحمل بمفردها .

وهى تلك المريضة التى قد يسكنها اخبث الأمراض و أقواها وتخفى هذا التعب بابتسامتها ورضاها لتكمل المسيره وتحنو على عائلتها.

وهى تلك التى قد تتحمل قسوه وجفاء رجل تعيش بجانبه من اجل ان ترى ابناءها فى احسن الأحوال ، وقبلت ان تمنح كل رعايتها وحبها واهتمامها لمن حولها بكل الحب الذى افتقدته.

وهى تلك التى قد تكفيها ساعات قليله من النوم لتبدأ يوماً جديداً من العمل خارج المنزل وداخله لتوفر حياه مناسبة لأفراد أسرتها .
وهى تلك المخلوقه التى وصلت إلى أعلى الدرجات فى العمل وأثبتت ان بذكاءها وطموحها قد تصل لعنان السماء وتكون مصدراً للفخر والدعم لأبناءها.

هى من ينجح الرجل بمساندتها له ووقوفها بجانبه ،  ومن يستقيم المنزل بوجودها فيه ، ومن تعم الطمأنينه بأنفاسها التى تحويه.

هى تلك الجميله التى جفت وتشققت يدها من غسيل الصحون والملابس .. هى من انحنى ظهرها عندما حملتك وحملت عنك ما يتعبك ..هى من ضاقت أنفاسها من شدة خوفها الشديد عليك ..هى من تنتظرك ليلاً حتى تطمئن انك عدت إلى احضانها من جديد مهما تقدم عمرك فستظل فى عينيها ذلك الطفل الصغير المدلل التى تخاف عليه من نسمات الهواء .

 
وهى تلك المرأه التى أخر اولوياتها هى نفسها ومتطلباتها ورغباتها فيتربع على عرش حياتها اسرتها الجميله.
تسعد لفرحهم ، وتحزن لحزنهم، وتتعب لمرضهم وترضى برضاهم ..هى من ينجو من حولها بدعاءها وبرضاها عنهم ..
فلو بحثت عن أولى الإهتمامات فستجد الأم ..الراحة الأبدية هى الأم..البلسم الشافى هو الأم ..أجمل نعم الله هى الأم..هى الوساده التى نجد فيها الراحه ..هى مدرسة الحياه..هى بحر من العاطفة ..هى الكنز الحقيقى فى هذا العالم ..
بحثت عن الأم فى كل شيء جميل ؛ بين أمواج البحور الجاريه ..وبين أزهار الكون الرائعة ..وبين طبقات السماء الصافيه ..وبين نغمات والحان الموسيقى الهادئة.. وبين طيات الكتب وقواميس اللغه ..
تأملت فى البدر المنير .. اللؤلؤ الغالي ..وبيوت الشعر.. لأجد عنوان يصفك .
فعجزت بشده فأنت يا أمى ( إمرأه بلا عنوان ) .