04:16 pm 24/02/2023
| رأي
| 1098
تبدو شمس يونيو ساطعه في السماء لا يشي قرصها المضئ بما تخفيه من احداث في الساعات القادمه .
انطلق صوت المذياع في عموم مقاهي القاهره ...( هنا القاهره) .. وتحلق الرواد حوله املا في التقاط بعض الكلمات التي تنطلق من تلك الاجهزه الخشبيه ذات الاضاءه الخافته المضيئه.
وفجأه تدوي صيحات الهتاف بالتهليل والتكبير و صوت المذيع يعلن اعداد الطائرات التي تم اسقاطها وان هي الا بعض من سويعات وتكون كتائبنا قد اصبحت علي مشارف تل ابيب. وترفرف رايتنا خفاقه علي اسوار القدس.
ويستقيظ الجميع في صبيحه يوم توارت فيه شمس القاهره وسط غيوم الواقع الحزين والانسحاب المرير وابناؤنا وقد سالت دماؤهم علي ارض المعركه وعلي صوت الزعيم وهو يعلن تحمله لتلك الهزيمه طالبا من الشعب مساعدته في اتخاذ قرار التنحي.
وتلاطمت امواج البشر رافضه التخلي عن الزعيم الخالد زعيم الثوره وناصر الغلابه وبإصرار مختلط بالدموع قلما تجد مثيله في الشعوب انحازت مصر كلها لقرار مواصله النضال ثأرا واستعاده كرامتنا وارضنا والمحافظه علي زعيمها ورمزها .
وهنا لعبت الاغنيه واحده من اعظم واشرف ادوارها لتعيد للناس الطيبين الثقه في انفسهم وقدرتهم علي مواصله الكفاح رغم نزيف الهزيمه ومرارتها.
وانطلق صوت السيده فايزه احمد في واحده من اعظم وارقي ماشدت به ( حبيبتي قاهرتي لم تغلبي لم تهزمي) . وانطلقت الاغنيه لتهز مشاعر الرجال والنساء وتنطلق الحناجر وسط جهش من البكاء يسكب من العيون والصدور ( هنحارب .. هنحارب).
وجاء الطائر الحزين (حليم) ليزيد لهيب الالم وان لم يخل من (امل) . وكانت رائعه جاهين (عدي النهار) تلك التي اثارت المشاعر ونكأت الجراح واستذرفت الدموع و هو ينعي بهيه وهي قاعده علي الترعه بتغسل شعرها جاها نهار مقدرش يدفع مهرها .. فبهيه ياساده كانت مصر الموجوعه. وكانت من اجمل الاغاني الدراميه التي اثارت اشجان الهزيمه المره. ولم يستطع جمال عبد الناصر سماعها اكتر من مره وخاطب( الست ) تليفونيا ..
وكعادتها كانت فنانه الشعب الاولي(الست) رابطه الجأش قويه لا ينكسر لها عود ولا تنحني لها قامه .. حتي صوتها كان ملحمه في التحدي كطلقات مدفع هادر وانطلقت وهي تصدح و تهز اركان مصر كلها بأغنيه (سلاما شباب النيل في كل موقف) . وكان لهذه الاغنيه تأثير الكي علي الجرح واستفاق الناس علي ضروره كبح جماح الحزن وبدء العمل من جديد وبأصرار وتحد .
وكانت هي اول من كان له سبق العمل فأنطلقت لكل اركان العالم تغني وتشدو لتري العالم ان مصر لا تموت ابدا وتبرعت فورا وطواعيه بكل ماجنته من ربح للمجهود الحربي فهذا حق البلاد التي انبتتها واعطتها وهذا حق شعبها عليها .
هكذا يكون الفن الصادق الاصيل اقوي من اي سلاح هو من يلهم الشعوب ويحافظ علي المجتمع ويسانده ماديا ومعنويا ويؤهله لكل موقف ودور مهما كانت الصعاب والتحديات.
ويأتي زمن الانتصارات في اكتوبر ٧٣. وتنتقل الاغنيه الي مرحله النصر والسلام والانفتاح ..
والي اللقاء في الجزء الثالث .