للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

ياسمين الجاكي تكتب: تجاعيد الزمن وعقوق الأبناء

ياسمين الجاكي تكتب: تجاعيد الزمن وعقوق الأبناء

12:04 pm 03/02/2023

| رأي

| 1205


أقرأ أيضا: Test

ياسمين الجاكي تكتب: تجاعيد الزمن وعقوق الأبناء 


استوقفنى موقف منذ أيام أثر فى  بشكل كبير ، ربما شاهدنا مثيله منذ سنوات ماضيه ولكنه كاد أن يختفى فى عالمنا الحالى .


رأيت سيده مسنه..مرسوم على جبينها تجاعيد الزمان ، الحزن يملأ عينيها ، منحنية الظهر ، ترتدى شالاً فوق عباءه سوداء يخفى جسدها البارد الضعيف الوهن ..تعبر الطريق بمفردها فى الصباح الباكر وسط ضوضاء السيارات ، وإذ بصبى فى سن الشباب يوقف الطريق بأكمله ويأخذ بيدها ويضع يده الأخرى على كتفها ليعبر بها الشارع .

دمعت عيناى وسألت نفسى أين ابناؤها وكيف سمحوا لأنفسهم بترك مثل هذه السيده لتخرج بمفردها فى هذا الوقت المبكر ؟ ووددت لو نزلت من سيارتى لأشكر هذا الصبى الشجاع ذو الأخلاق النادره فى عالمنا الحالى على تصرفه الراقى الشجاع.


ومنذ هذا الوقت ووجه هذه العجوز عالق بذاكرتى ومخيلتى واسأل نفسى لماذا أندثرت هذه الصفات ؟ لماذا لا يوجد مثل هذا الصبى الكثير ؟ هل مشاغلنا وهمومنا جعلتنا نتغافل عن فعل هذه التصرفات النبيلة؟
أم اندثرت العادات الجميله التى تعلمناها من أباءنا وأجدادنا وأصبحت لا تغرس فى ابناءنا منذ ولادتهم وفى جمبع مراحل اعمارهم؟ 
أم تجمدت القلوب وتبلدت المشاعر لنرى هذه المواقف ولا نتأثر بها ولا نتفاعل معها ؟
أم الظروف والأحوال الإقتصادية الصعبة جعلتنا نتغافل عن الأصول والعادات الجميله والشعور بالآخرين واضطرتنا لأن ننظر ونفكر بأنفسنا فقط؟


فكثيراً ما نسمع خلال هذه الآونه عن تطاول الرجال على السيدات فى الشوارع وارتفاع اصواتهم عليهن وسبهن وإيذائهن ، وعن تعطل السيارات فى الشوارع وطلب المعاونه وعدم الإستجابه من أحد ، واستنجاد بعض الأشخاص بالغير دون جدوى ، وعن حوادث السرقات وردود الفعل السلبية واللامبالاه والبلاهة والتبلد من قبل الناس وكأن لم يحدث أى شىء ؟

و اصبحنا نسمع عن عقوق الأبناء وجحودهم على الأباء والأمهات ومعاملتهم بالعنف والجفاء وتركهم بالأيام بل بالشهور بدون رعايه او اهتمام .

وكذلك الحال لأبناء هذا الجيل المنتشر بينهم حالات الإنعزال والوحده وبعدهم عن كل ما يدور بمنازلهم فقد خلقوا لأنفسهم عالم منغلق على أنفسهم ، يعيشون فى هاله خاصه بهم وحدهم ، يأكلون بمفردهم ويخرجون بمفردهم و يفكرون ويتصرفون بمفردهم ، ورفيقهم الوحيد والأوحد هى الهواتف والألعاب الإلكترونية والإنترنت .


اختفت الأحاديث والمكالمات و السؤال والإطمئنان على الغير واكتفينا بلغة الأشياء .


اصبحنا نحكم على الأشخاص بماركات الملابس و بنوع العطور والسيارات والموبايلات  والأحذيه والسيارات .
اصبحت الأشياء هى من تنقل الرسائل عنك ،وليس اخلاقك ولاكلماتك ولا تصرفاتك ، الجميع يراقب أشياء الشخص ومقتنياته وليس الشخص ذاته.

لماذا تباعدت المسافات وانقطعت العلاقات و اندثرت القيم والأخلاق ؟ أصبحنا نعيش بلا مبادىء و بلا احاسيس أصبحنا نفتقد الدفء و الأمان والحب.


من ينصحك ويخاف عليك ويذكرك بالأخلاق والفضيله يتهمونه بالتدخل بالخصوصية وبالراجعيه .. من يقترب منك ويحتويك يتهمونه بالوصولية والنفاق ، من يستمع لأراء ووجهات نظر غيره يتهمونه بانعدام الشخصيه .. من يحاول مساعدة الأخرين و حل مشاكلهم يتهمونه بإدعاء المثاليه .. من يحاول انقاذك من الضياع والإنفلات يتهمونه بالجفاء وتحجر القلب ..تحول صاحب الحق إلى مذنب والمظلوم إلى ظالم..
اين ذهبت قيمنا الجميله الأصيله ؟ فكم كنا نقدس احترام الكبير والوقوف امامه احتراماً وتقديراً والخوف عليه من نسمات الهواء..كم كنا نتفنن فى إختيار الكلمات المهذبه .. كم كنا نخاف البعد والفراق والوحده ،، كم كنا نرتضى بكل ما لدينا وتغمرنا القناعه والرضا..


أين أختفت براءه الأطفال واين اندثر خجل البنات والنساء وصوتهن الخافت اللين ؟ اين اختفت اخلاق الرجال و الشهامه والرجوله؟ 
مساعده كبار السن ،والإحسان للأهل ، السؤال على الغير ، ورفع الأذى عن الطريق، وتعزيز المرأه والحفاظ على كرامتها والخوف عليها وعلى انوثتها وكرامتها؟
اين اختفت طاوله الطعام واجتماع الأسره حولها و مشاركه الأحاديث والضحكات بين افرادها؟اين اختفى الإحساس بالآخرين ؟

كنا نحتمى بمن حولنا بمن فيهن الأغراب الذين لا صله بينك وبينهم ، والآن أصبحنا نخاف السير بمفردنا فى الشوارع لثقتنا بانعدام الأمان و لإدراكنا ان الجميع يهرب ويختفى..
 تجمدت المشاعر واختفت الأصول والقيم. اصبحنا نخاف تقديم يد العون  لأننا نظن ان الجميع أشرار ..وجوه مخيفه يستتر خلفها النويا الخبيثة .. فأصبحنا نخاف ان نقف لشيخ كبير فيأذينا .. ان نعاون سيده تعطلت سيارتها فمن يدرى ما تخفيه وراء ضعفها وقلة حيلتها،،
نخاف على اطفالنا من الخروج و تحدثهم مع الآخرين.. وحين يصبحون شباباً نخاف عليهم من اصدقاء السوء وافكار الشر والسلوكيات الخاطئة التى اصبحت منتشره للغاية.
فأين السبيل ؟ فقد أصبحنا تائهين مذبذبين يغمرنا الخوف والمتاهه ..
هل نخاف ونستسلم للسلبية والإنعزال والخوف من مخاطر المجتمع و نتائج ضغوطه علينا وظروف الحياه الصعبة  التى ينتج عليها السرقات والجرائم وانتشار الرذيله ؟
أم نقاوم ونحاول معاً ان نحافظ على الأصول و العادات الجميله و السعى دوماً نحو مساعده الأخرين.. والدخول فى اى صراع لجلب الحق والقضاء على الباطل .


والإجابه هى محاولة الموازنة بين الأمور ..فلا تتهور و تتسرع و تنجرف وراء مشاعرك وحماسك ..
وفى نفس الوقت حافظ على أصولك وراعى ذويك و اتبع سبيلهم ، واستمع إليهم، و رسخ مفاهيم الحق والشجاعه والخير بداخلك .. عش حاضرك دون ان تنسى ماضيك ..فجميعنا ينجز أعماله بقدراته ويسوقها لغيره بأصوله وتصرفاته.. فحافظ على أصولك وجذورك واجعلها  انعكاساً جميلاً لك  .

فلا تكن صلباً فتكسر ولا تكن لينا فتعصر .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟