10:19 am 18/01/2023
| رأي
| 1444
تمر أيامنا سريعاً بين ذكريات ووجوه ومواقف وتراكم خبرات ومشاعر متلاطمة، لنتوقف بمحطات وقوف كثيرة عبر رحلة العمر، نلتقي خلالها وجوهاً كثيرة، بعضها غير مألوف، وأخرى لا نعرفها ولكننا نألفها، قد يكون لقائنا بها فى عوالم أخرى تلاقت فيه الأرواح قبل أن تتلاقي الأجساد، لنشعر بسعادة ناتجة عن هذا التقارب الغير مبرر، تقارب روحي يصل إلى حد التصالح، لعلنا في تلك اللحظة نتقارب من أنفسنا وليس من الشخص الآخر، تقارب يخترق زحام الأمنيات والأحلام، تقارب يسري عبر أرواحنا الهشة ليصل للطفل البرئ الذى يقبع ساكنا بداخلنا، فكل منا يخفي هذا الطفل بداخله، هذا الطفل هو الروح النقية الصادقة التى قد يتجاهلها ويتناساها الكثيرون ظناً منهم أن البراءة ضعف وأن العفوية سذاجة، غير مدركين أن الطفل الذى يعيش بداخلنا هو أساس شخصيتنا ونضوج أرواحنا ومشاعرنا، أولئك الذين يُسكتون هذا الطفل ويخفوه، هم من لم يعيشوا طفولتهم بكل مراحلها، وكما أن الطفل هو رفيق أرواحنا فهناك رفيق أخر ينمو بمرور الوقت، نعم ؛ هناك كهل وشيخ عجوز يجلس وحيداً على الطرف الآخر من العمر، هذا الكهل رفيق عقولنا فهو من يمنحنا حكمة السنوات، هو من يرشدنا خلال سنوات الحياة، نتكئ عليه لنعبر تجارب العمر المريرة، وبين الطفل البرئ والشيخ الحكيم يقف شاب طموح تتزاحم أمامه أمانيه ورغباته ويملأ عقله كم من الأحلام والدوافع ذلك الشاب الذى تهفو إليه أرواحنا وأرواح من حولنا، ليمثل تواجده مرحلة من أجمل مراحل العمر، تلك المرحلة التي نريدها دوماً معنا ولا نريد أن تهدأ نيران هذا الشاب أو يصمت صوته أو يتلاشى وجوده أو يخفت عنفوانه المحبب لقلوبنا وعقولنا.
ومع مضي قطار الحياة الذي يمضي مسرعاً علينا أن نعتني بأرواحنا وأعمارنا وأعماقنا من ان يصيبها جفاف المشاعر أو ضعف ووهن القوى أو حزن وعزلة الأيام، لنأخذ من الطفل بالعفوية والصدق والبراءة والضجيج والبكاء الذى يكسر سكون وهدوء صمت الشيخ، لنستدعي رأيه وحكمته لترافق الشاب وطموحه وفرحته وتقدمه، وعلينا أن لاننسى أن الغد مجهول لنا وأن رسمنا وخططنا ووضعنا للتوقيتات والخطط، ليس إلا سعي مشكور ومحمود، إلا أن الأيام تجري بقدرة الخالق سبحانه وتعالى فهو من يعلم ويتحكم فى الأقدار كيفما يشاء سبحانه لا كيفما نشاء ونرغب، ولا يتسابق مع هذا القدر سوى العمل والدعاء المستجاب بإذن الله.