11:08 pm 19/12/2022
| رأي
| 2336
الصبر ريموت الفرج…محمد موافي
نَمْ مطمئنًا يا صاحبي.. وقلتُ له: كأنك يا ليل نهار، وكأن حياتنا هي الصدى وموتنا هو الحياة الحقيقية، لا شك عندي في ذلك.
ولذلك فكلُّ شدةٍ إلى زوال، والصبر (ريموت) الفرج، ومشكلتك يا صاحبي، أن (الريموت) مختفٍ، ربما تحت الأريكة أو خلف المقعد.
وكل الحكاية: أن الحكاية تحتاج منك بحثًا عن (الريموت)، يعني: تسعى للصبر مستعينًا بالصبر، ومتيقنًا أن بطاريةُ صبرِك مشحونة.
و"يا عيني على الصبر يا عيني عليه".
وأصْدُقُكم القولَ -والله على ما أقول شهيد، وقد شهدت في أيامي عجبًا- فما وجدتُ أعجبَ ولا أجملَ ولا أكثرَ بهاءً وفخامةً من الصبر.
وصدق من قال: فالصبرُ أجملُ ثوبٍ أنتَ لابسُه.. لنازلٍ والتعزِّي أحسنُ السننِ
وما دخل الصبرُ في يومٍ إلا أشرقت شمسُ البركة وهبّ نسيمُ العافية.
ومرةً دخل رجلٌ قويٌ على عنترةَ بنِ شداد، وقال: "أنا أقوى منك".
فتبسم عنترة وقال: "خذ يدي وعُضّها، وهاتِ يدك بين أسناني. ومن صرخ أولًا فالثاني هو الأقوى".
وبعد دقيقةٍ صرخ الرجلُ.
قال عنترة: "لو صبِرْتَ قليلًا لسمعتَ صرختي. وإنما أنا أقوى بالصبر".
وبعده بمئات السنين قال البُحتري:
عوِّلْ على الصبرِ واتخذْ سببًا.. إِلى الليالي فإِنها دُوَلُ
ودولٌ هي الأيام، ولا انخفاضَ إلا يعقبُه ارتفاعٌ، ولا حزن يدومُ ولا سرور، والشدائدُ أمُّ الأفراح،
فلولا العثراتُ ما ذُقنا حلاوةَ المسرّات.
ولولا "حرقة الآهات" ما ارتحنا للسِت وهي تشدو: "والنار بقت دخان ورماد".
ورمادٌ هي بقايا الأحزان، والأحزان لا تدوم، لأن لنا ربًّا يغفرُ الذنب، ربًّا لطيفًا وعَدَ الصابرين بالفرج.
والآن أترككم مع معزوفة الشافعي الخالدة، فناموا مطمئنين:
ولربّ نازلةٍ يضيقُ لها الفتى ذَرْعًا
وعند الله منها المخرجُ
ضاقتْ فلما استحكمتْ حلقاتُها
فُرِجَتْ، وكنتُ أظنُّها لا تُفرجُ
كاتب المقال: الإعلامي محمد موافي كبير المذيعين بالتليفزيون المصري .