11:38 am 06/10/2022
| رأي
| 1400
محمد العليمي يكتب : السادات البطل الغائب الحاضر
(( ربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكي نتفاخر ونتباهي ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل قصة الكفاح ومشاقة مرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله )) واليوم نحن أبناءه وأحفاده نتذكر ونتباهى بنصر أكتوبر المجيد ونترحم علي بطل الحرب وشهيد السلام في ذكري اغتياله.
السادات، الذي حكم مصر في الفترة ما بين عامي ١٩٧٠: ١٩٨١، والذي إنتهت فترة حكمه بإغتياله أثناء حضوره العرض العسكري لذكرى انتصارات حرب أكتوبر أمام النصب التذكاري للجندي المجهول، ليلحق السادات بأبنائه من شهداء حرب أكتوبر، ويتوارى جسده أمام هرم الشهداء الذي نُقشَت عليه الأحرف الأولى لأسماء شهداء الحرب.
عاش أنور السادات عمره من أجل مصر ومات من أجلها، وتعد رحلة كفاحه صورة نابضة بالحب لشعبه ولوطنه، كما سطرها التاريخ منذ مولده وحتى إستشهاده. استمرت فترة ولايته لمصر 11 سنة، اتخذ خلالها العديد من القرارات التاريخية الخطيرة التي هزت مصر والعالم، وأثبتت الأحداث صلابته في مواجهتها ومرونته الفائقة في العمل على تجنيب مصر المخاطر الجسيمة، ويذكر التاريخ أن السادات تمتع بالذكاء والفطنة وسرعة البديهة، ومن أبرز القرارات التي اتخذها السادات عام 1971 القضاء على مراكز القوى في مص وهو ما عرف بثورة التصحيح، وفي ذات العام أصدر السادات قرارا بإعداد دستور جديد لمصر، وفي المراحل الأخير للاستعداد للحرب يفاجئ العالم في يوليو ١٩٧٢ بقرار الإستغناء عن جميع الخبراء السوفييت في أسبوع واحد لإعادة الثقة بالنفس لجيش مصر وكجزء هام من معركة الخداع الإستراتيجي للعدو، حتى إذا ما كسب المصريون المعركة ضد إسرائيل لاينسب الفضل إلى غيرهم.
وفي عام 1973 أقدم السادات على اتخاذ واحد من أخطر القرارات المصيرية التي اتخذها، وهو قرار الحرب ضد إسرائيل، وتمكن بخطة محكمة وشاملة للخداع الاستراتيجي من هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر ۱۹۷۳ بعد ثلاث سنوات فقط من بداية حكمه، وبهذا قاد السادات مصر إلى أول انتصار عسكري في العصر الحديث.
ومثلما احتاج قرار الحرب شجاعة نصف رجال العالم ، فقد احتاج قرار السلام شجاعة النصف الآخر وفعلها السادات واستطاع التفاوض مع إسرائيل، التفاوض من موقع المنتصر، فأجبرها على السلام وعلى إعادة الأرض المصرية، مشدداً على أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب، حيث رسم انتصار أكتوبر خط النهاية في حروب دامت لأكثر من ربع قرن.
وشهد عام 1977 اتخاذ السادات قراره الشجاع الذي اهتزت له أركان الدنيا بزيارة القدس ليمنح بذلك السلام هبة منه لشعبه وعدوه في آن واحد، ويدفع بيده عجلة السلام بين مصر وإسرائيل، ولهذا استحق بجدارة لقب «رجل الحرب والسلام». وفي عام 1979 قام السادات برحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التفاوض لاسترداد الأرض وتحقيق السلام كمطلب شرعي لكل إنسان، وخلال هذه الرحلة وقع اتفاقية السلام في كامب ديفيد، وبموجبها حصل على جائزة نوبل للسلام، تقديراً وتكريماً لتوقيعهما على معاهدة السلام.
وفي ذكرى إنتصاره و استشهاده لنتذكر جميعاً كلماته الخالدة (( واني لأقول بغير ادعاء ان التاريخ سوف يسجل لهذه الامة ان نكستها لم تكن سقوطا وانما كانت كبوة عارضة، وان حركتها لم تكن فورانا وانما كانت ارتفاعا شاهقا )) رحم الله الشهيد البطل محمد أنور السادات .