06:42 am 06/07/2022
| رأي
| 2426
سألته: هل القهوة مضرة؟.. محمد موافي
ثلاثة أطباء لا أنساهم،
عرفت أمام كل واحدٍ منهم معنى قولهم: (العالم الجليل) أو (العالم الرباني) أو (وليُّ الله).
وكلهم يوم التقيتهم- يرحمهم الله- ناهزوا الثمانين أو جاوزوها:
الدكتور إبراهيم بدران، وزير الصحة السابق، شيخ الجراحين. هذا الرجل، إن لم يكن وليّا من أولياء الله الصالحين، فليس بزماننا إذن أولياء. يحمل قلب طفل ورقّة ملاك وعقلًا حاضرًا،.
أخبرني في لقاء تلفزيوني: أنه يذاكر كل يوم ويدوّن معلوماته الطبية المتجددة كل يوم، وأخرج كشكولًا جميل الخط، ملأه بالقلم البيك بالأحمر والأسود والأزرق. حقق مخطوطات الطب القديمة، وترأس المجمع العلمي.
الثاني: الدكتور ممدوح جبر، وزيرالصحة الأسبق وأستاذ طب الأطفال، كانت عيادته في باب اللوق وكشفه 20 جنيهًا، زرته مفزوعا بابنتي وعمرها ثلاث سنوات بعد أن قصدت أكثر من طبيب وكل منهم شخصها تشخيصًا مختلفًا، أما هو –وكان مهيبًا- فلم يترك لي مساحة للكلام، استلمها وفحصها بهدوء، ثم ناولني علبة دواء من فوق مكتبه، وقال: لو أردت فلك استشارة بعد أسبوع، ولن تحتاجها.
قلت له: "يا دكتور اكتب لها فاتح شهية، هي لا تأكل". قال: "طالما نموها طبيعي، مش مهم، لما هتجوع هتاكل"
الثالث: الدكتور خليل الفاروق، أستاذ الأنف والأذن والحنجرة، عيادته كانت في شارع المنيل، ذهبت إليه بعد أن دفعت كشفًا وتحاليل وقصصًا وحوارات عند طبيب كبير في نفس الشارع 900 جنيه (يومها الدولار كان ب 5 جنيه) لاحتباس صوتي. دفعت عنده الكشف 30 جنيه، أمرني بفتح فمي، وبهدوء وبسرعة غريبة على رجل في الثمانين، أدخل ما يشبه الملعقة الساخنة، وخرجت أتكلم بقوة وأغني وقد عاد صوتي كأن لم يكن بحنجرتي علّة.
سألته يومها هل الماء البارد أو المثلج خطر على حنجرة المذيع، وهل القهوة كذلك؟ قال: كل جسد كما تعوّد، اشرب كما تشاء وما تشاء ولا تلتفت لمحفوظات يرددها من لا يعرف.
تذكرت الثلاثة اليوم وأنا أحاول رسم شخصية لطبيب في روايتي القادمة، لكنه مع الأسف، سيكون مثل زماننا، على عكس الثلاثة الطيبين