05:17 am 05/07/2022
| رأي
| 1629
فلتكن رفيقاً بمن حولك فالإحساس نعمة…ياسمين الجاكي
الأشخاص حولنا يختلفون فى طبيعتهم وتكوينهم وأفكارهم ، يحبون أشياء ويكرهون أخرى، يميلون لشخصيات وينفرون من أخرى ..تختلف ردود أفعالهم ودوافعهم وفقاً للبيئة والتربية والظروف التى نشأوا فيها .فمنهم الشخصية القوية المتماسكة القوية التى تواجه الأمور والمشاكل بقوة وحزم وشدة فى الحديث وإتخاذ القرارات.ومنهم الشخصية العصبية الإنفعالية ،سريعة الغضب والإندفاع التى تواجه المشاكل بحدة وعنف دون تفكيروتخسر الكثير من الأشخاص حولها ..ومنهم المعتدل الموضوعى الذى يواجه الأمور بحكمة وتدبر، واعتدال فى مشاعره وعواطفة دون تحيز.
وهناك الشخصية العنيدة التى لا تهتم برأى الاخرين، وتتعامل معهم بغلظة وكبرياء وتعالى وتتمسك برأيها فقط ولا تستمع للأخرين ولا تشاركهم الرأى ..وهناك الشخصية الإنطوائية التى تميل للعزلة والإبتعاد عن العلاقات الإجتماعية والتى تفضل العمل الفردى بدلاً من الجماعى المختلط.
أما الشخصية النرجسية هى الشخصيىة التى تحب ذاتها وتشعر بالعظمة وأنهم أشخاص فريده من نوعها، على درجة عالية من الكمال والتفوق..
وهناك العديد والعديد من الشخصيات الإنسانية التى تختلف فى طبيعتها وتكوينها وطباعها ومواجهتها للصعاب واللأزمات..
لكن دعونى أسلط الضوء على الشخصية الحساسة العاطفية، من يتعاملون بعواطهم وأحساسيهم ، أشخاص يسكنهم الود والمحبة ، يأخذون كافة الأمورعلى عاتقهم ويفكرون فى الأمر مراراً قبل إتخاذ أى قرار بشأنه .
يفكرون فيمن حولهم ،ويتحاملون على أنفسهم ويحتوون الغير، تسكنهم طمأنينة ورضا داخلى لا مثيل له.
الشخصية الحساسة اللينة من تشعر بالمسؤولية دوماً عن كل ما يدور حولها ..تفكر قبل النطق بحرف واحد خوفاً من جرح أحدهم ..ذات كلمة عزيزة ، وصاحبة شخصية كريمة محبة معطاءة..شخصية مرهفة الإحساس ..جياشة المشاعر .. تعطى دون مقابل .. تبذل أقصى ما فى وسعها لإرضاء الآخرين حتى لو كان ذلك على حساب راحتها ومصلحتها..تتعاطف دوماً مع الآخرين وتحاول مشاركتهم الرأى وتقديم الحلول و كافة سبل الدعم والتشجيع لهم ..قد تؤذيها نظرة او كلمة دون قصد.. يجرحها الإهمال وعدم الإهتمام..يقتلها عدم التقدير،تكره الأذى والعنف والقسوة (قسوة الصمت قبل قسوة التصرف).
تفكر بعمق وهدوء وتمعن، هم أشخاص يمتلكون عالماً خاصاً نقياً غنى بالأفكار الحالمة المثالية..
هذه الشخصية الرقيقة مثل الزجاج ، قد تنكسر وتصبح هشة من أقل التصرفات..تختزن بداخلها الأحزان والهموم ، وتتراكم أكواماً وأكواماً ، ولا تبوح بها حتى يفيض بها الكيل .
تنهمر الدموع بداخلها وخارجها ويهتز كيانها وتصبح كالبركان المتفجر..
فإياك وأذيه مثل هذه الشخصيات المنغمرة المشاعر والعواطف والأحاسيس ..فكثير منا يستغل طيبة وصبرهذه الشخصيات ، ويتحامل عليها كثيراً، وينهك حقها ، ويدرك جيداً انها لا تطالب بشىء ،وترضى بالقليل وتتحمل الضغوط وتواجهها بابتسامة ورضا.
بل علينا أن ندعمهم دوماً ، ونتوخى الحذر من إيذائهم، و نتحاور معهم بلطف ولين، ونحرص على ملامسة عواطفهم والتعامل معهم برفق ، أن نقدرجهودهم ونمدح محاسنهم ، و أن نتعرف على مفاتيح التعامل معهم وكيفية التحدث اليهم والإحساس بهم..
فنحن فى هذا الزمان فى أمس الحاجه إلى الرفق والمشاركة وإظهار المحبة واللين فى القول والفعل.فقد أصبح مجتمعنا جافاً مليئاً بالعنف والتفرقة والإنشغال بجمع المال وتحقيق الشهرة وإشباع الرغبات والوصول إلى أعلى المناصب..أصبح مجتمعاً خالياً من العواطف والرحمة لا يهتم بشأن الآخرين حوله ، مجتمعاً أصم لا يستمع لما يدور حوله، سلبى ضعيف يقف من بعيد يشاهد المهازل ومخالفة القيم والمبادىء دون رد فعل ، مجتمع مظلم خالي من الأحلام والخيالات والإبتسامة الحقيقية .
نفتقد الإحساس بالغير ومشاركة الهموم ، نفتقد اللمة والجمع الدافىء، نفتقد فن التعبير عن الحب والبوح به للغير، نفتقد التواصل واشعار الأخر بالإهتمام والسؤال عنه بإستمرار..
أصبحنا وجوه يملؤها اليأس والحزن ، تحمل على عاتقها هموم ومسؤوليات ، فنحن بحاجه دوماً إلى إظهار الحب والتفوه بكل ما هو جميل ولين وأن نعيد الإحساس فينا بالآخرين والتعبيرعنه ومشاهدته فى أعين الغير.
فلتدرك أن سر الحياة والأمل هو الإحساس بالغير والتعبير عنه فى شكل تصرفات تبرهن للآخرين إحترامك وتقديرك وحبك لهم والإحساس بهم وعدم إيذائهم والتعصب عليهم .
السرهو الطبطبة والطيبه والرحمة واللين فى القول ..هو تقدير ظروف الغير والتماس الأعذار لهم..هو العفو والتسامح ..هو ان نتصف بسمات الشخصية الحساسة المحبة المعطاءة التى تقدر غيرها وتحترمهم.
فلنحافظ على مثل هذه الشخصيات فهم كنوز الله فى عالمنا ..هم بلسم لجروح الزمان ..وأحضان نلقى بداخلها عند عتمة الظلام ومواجهة الصعاب..
فلا شك أن القلوب تميل إلى من يميل إليها ويرفق بها.. فاللين صورة من صور الرحمة التى يضعها الله فى قلب العبد ..
فطيب القلب الذى يستطيع برحمه قلبه وطيب لسانة أن يجلب لنفسه محبة الله ومحبة الناس حوله.