العالم الجليل الدكتور على عبد العال ،أحد علماء القانون الدستورى والأدارة شارك فى العديد من لجان صياغة الدساتير للعديد من الدول ،تعد آرائه القانونية بمثابة مرجعية للمحاكم الدستورية والإدارية ..
الدكتور على عبدالعال ،رئيس السلطة التشريعية خلال مناقشة إتفاقية ترسيم الحدود الشرقية بين مصر والمملكة العربية السعودية ،وصف الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري ،والمحكمة الإدارية العليا فيما يخص الإتفاقية بالمعدومة ، وهو ما أثار موجة من الأعتراض لأن هناك أحكام قضائية بعدم الاعتداد بقرار التوقيع على الإتفاقية ..
إلا أن رئيس السلطة التشريعية مارس اختصاصاته التى كفلها الدستور ، وأسس قراراته على أنعدام الأعمال التنفيذية والتشريعية والقضائية الغير قائمة على سند دستورى .
فلا ريب أن خضوع السلطات الثلاثة لأحكام الدستور هو أمر ضرورى لتأكيد مبدأ المشروعية وتحقيق الدولة القانونية أو دولة سيادة القانون !!
فالسلطة التشريعية تسن القوانين لتقوم بتنفيذها السلطة التنفيذية وتطبقها السلطة القضائية ، فلا تملك أى سلطة من الثلاث فى واقع الأمر للسيادة الحقيقية فى الدولة ،إذ أن الشعب هو صاحب السيادة فى الدولة وضرورة إحترام إرادته المتمثلة فى الدستور الذى ينشئ السلطات العامة فى الدولة بما فيها السلطة القضائية، فيحدد لكل هيئة قضائية الاختصاصات ويضع القيود وينظم الإجراءات التى تمارس بها تلك الاختصاصات ..فإذا خالفت أى سلطة من السلطات الثلاث الدستور وخرجت عن حدود الاختصاصات التى رسمها لها ، أو تحللت أى سلطة من القيود التي وضعها الدستور ،تكون السلطة متجاوزة ..ولا شك فى أن سمو الدستور سيكون كلمة بلا معنى إذا كان من الممكن انتهاكه من جانب السلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية ، فلا توجد سلطة تحكمية فى الدولة ، فالسلطات العامة بالدولة تحكم ولا تتحكم ،فلا تملك أى أن حتى لو كانت السلطة القضائية أن تتصرف وتضع قاعدة قانونية يصدر على أساسها أحكام دون أن يخولها ذلك قاعدة قانونية أعلى ..وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن مبدأ الشرعية وسيادة القانون هو المبدأ الذى يجب أن تخضع له سلطات الدولة ، والتزام حدوده فى كافة أعمالها وتصرفاتها ، لأن الأخلال به يودى بمبدأ المشروعية ويسلمه للعدم ..والأنعدام هو جزاء تخلف ركن من أركان التصرف القانونى الذى لا يتصور له وجود بدونه ،بحيث يؤدى تخلف الركن إلى الأنحدار به إلى حد العدم ،فلا تلحقه الأجازة أو التصحيح كما لا يتقادم ، فضلا عن حق كل صاحب مصلحة فى عدم الأعتراف بالتصرف وعدم تنفيذه تلقائيا ..
صدور العمل التنفيذى أو التشريعى أو القضائي من جهة غير منوط بها إصداره قانونا ،وهو مايعيبه بعيب جسيم ينحدر به إلى حد العدم ، طالما كان ذلك إفتئات على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة بموجب الدستور ،فأصدار القضاء أحكام قضائية تتعلق بمعاهدات واتفاقيات دولية يجعل من القضاء سلطة حاكمة وهو أغتصابا للسلطة يجعل الأحكام معيبة بعيب جسيم ينحدر بها إلى درجة الأنعدام !!
والدفاع عن حجية الأحكام القضائية وأنها نهائية ، الحجية المطلقة للقرآن والسنة ،أما الأعمال الوضعية البشرية فلا حجية مطلقة لها ، ويعد ضربا من ضروب تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه ،مما يشوبه بعيب الانحراف فى ممارسة السلطة ، مما يكون معه الأحكام القضائية الصادرة فى إتفاقية تعيين الحدود قد ولدت ميتة إلى درجة الأنعدام !!
ويترتب على على أنعدام الأحكام فقدانها إلى صفتها القضائية فتتحول الى مجرد أعمال مادية منعدمة الأثر القانونى ، ولرئيس السلطة التشريعية بموجب اختصاصاته المحددة فى الدستور التمسك بالأنعدام لأن الأحكام غير قابلة للتنفيذ فهى عقبة مادية يحق لرئيس مجلس النواب عدم الألتفات إلى هذه العقبة المادية وممارسة صلاحياته الدستورية !!
وتنفيذ الأحكام يعد من قبيل أعمال الغصب المادى للسلطة لمخالفته قواعد الإختصاص القضائي ،فلا يوجد نص فى الدستور يمنح القضاء سلطة ألغاء نظرية السيادة و التى ترتبط بسلطة الحكم فى الدولة ،فلا يوجد نص فى قوانين السلطة القضائية بنظر دعوى محلها إتفاقية دولية وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا فى أكثر من حكم لها فيما يخص الاتفاقيات الدولية !!
وقد يرد الانعدام على الدساتير ذاتها ، لذلك وصف دستور الليلة الواحدة الإخواني بالمنعدم ، لمخالفته المبادئ الواردة فى المواثيق وإعلانات الحقوق ومقدمات الدساتير الديمقراطية ..
ويحاول مجلس الدولة التمسك بموفقه من خلال الرسالة التى أرسلها نائب رئيس مجلس الدولة إلى رئيس السلطة التشريعية حول الأحكام والقرارات ،إلا أنها لن تمنح مجلس الدولة الاختصاصات فى بحث العلاقات بين الدول ،والمادة ١٥١ من الدستور لا يمكن الاستناد إلى اختصاص القضاء الإداري بنظر الإجراءات القانونية المتعلقة بتطبيق هذه المادة و التى هى من الاختصاصات الأصيلة للسلطة التشريعية !!
والحقيقة التى لاشك فيها أن أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة لا يوجد بينهم من سيعلم الدكتور على عبدالعال اختصاصات رئيس السلطة التشريعية بموجب الدستور ..
المقال قانونى عن نظرية الانعدام التى طبقها رئيس مجلس النواب !!