07:42 pm 04/05/2022
| طاقة
| 2431
ماذا تعرف عن مشروع أطول “كابل بحري” في العالم لنقل الكهرباء من الشرق للغرب؟
أعلنت شركة Xlinks البريطانية، عن إطلاقها في اليومين الماضيين (السبت 29 يناير الجاري) مناقصة لإجراء الدراسات المتعلقة بالمسوحات الجيوفيزيائية والجيوتقنية البحرية المتعلقة بمشروع الربط البحري بين المغرب وبريطانيا عبر “كابل” لنقل الطاقة الكهربائية، الذي سيكون أطول كابل بحري في العالم حال إنجازه.
وحسب مصادر متخصصة، فإن الشركة البريطانية المعنية بهذا المشروع، وضعت تاريخ 22 فبراير المقبل موعدا لنهاية فترة المناقصة والشروع في إنجاز الدراسات المذكورة على المسار الذي سيتخذه الكابل البحري الناقل للطاقة الكهربائية من المغرب إلى بريطانيا على طول 3800 كيلومتر، ويتضمن العقد إنجاز الدراسات والخرائط في أجل 12 شهرا.
وكانت تقارير سابقة صادرة عن الشركة، قد أشارت إلى أن القيمة الإجمالية المقدرة للعقد باستثناء ضريبة القيمة المضافة (VAT) هي 13 مليون جنيه إسترليني (حوالي 17.4 مليون دولار).
وتُخطط بريطانيا لإنجاز مشروع ضخم يتمثل في إنشاء “كابل” بحري لنقل الطاقة الكهربائية من المغرب، فيما يُمكن أن يكون الخط الأطول في العالم، بكلفة إنجاز تصل إلى 16 مليار جنيه استرليني، أي ما يعادل 21.9 مليار دولار أمريكي، وفق ما أوردته وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية في الشهور الماضية.
وحسب ذات المصدر، فإن شركة Xlinks بتنسيق مع الرئيس الشابق لشركة Tesco Plc وشركة ACWA Power ، يُخططون لإنجاز هذا “الكابل” البحري الناقل للطاقة الكهربائية على مسافة تصل إلى 3800 كيلومترا، انطلاقا من مزارع انتاج الطاقة في المغرب وصولا إلى بريطانيا.
ووفق شركة إكسلينكس، فإن هذا الخط الكهربائي القادم من المغرب، سيكون بمقدوره تزويد 7 ملايين منزل في بريطانيا بالطاقة الكهربائية، وسيكون مخصصا للمملكة المتحدة فقط، وليس باقي المناطق البريطانية التي سيكون لها مصادر طاقة أخرى.
وكانت شركة إكسلينكس البريطانية قد أجرت سابقا مباحثات مع المسؤولين الحكوميين المغاربة، بهدف الحصول على الترخيص لإقامة مُجمع لانتاج الطاقة الكهربائية في المغرب بالاعتماد على المصادر الخضراء، كالشمس والرياح، بقدرة 10,5 جيغاواط.
وتخطط شركة إكسلينكس البريطانية، لإنشاء خزان للكهرباء بسعة ما بين 5 جيغا واط و20 جيغاواط في الساعة بالمغرب، وربطه بشبكات الطاقة التابعة لها في المملكة المتحدة كألفيرديسكوت وديفون وبيمبروك وويلز، عبر خط ناقل للكهرباء تحت الماء بقدرة 3,6 جيغاواط.
وقالت الشركة، أن الخط الكهربائي الذي سينطلق من المغرب وصولا إلى بريطانيا، سيعبر المياه الدولية، إضافة إلى المياه التابعة لإسبانيا والبرتغال وفرنسا، مشيرة إلى أنها تجري مباحثات مع تلك الدول للحصول على تراخيص تعبيد الكابل في مياهها في عمق بحري يصل إلى 700 متر.
وأضافت الشركة أن هذا الخط الكهربائي، سيكون مكونا من أربعة أنابيب ناقلة للكهرباء، وأن الأنبوب الأول من المتوقع أن يكون قد تم الانتهاء من إنجازه في سنة 2027، في حين أن الأنبوب الثاني سيكون مُكتملا في سنة 2029، بعد الحصول على الموافقات اللازمة لإطلاق هذا المشروع، الذي يهدف إلى توزيع الكهرباء في بريطانيا بالاعتماد على المجمع الذي سيتم إنشاءه في المغرب.
شركات التكنولوجيا تتصارع للتحكم في كابلات الإنترنت البحرية
تتحكم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل وفيسبوك ومايكروسوفت في جميع بياناتنا كمستخدمين، كما أنها تتصارع فيما بينها للتحكم أيضًا في كابلات الإنترنت الموجودة تحت سطح البحر، والتي تنتشر في جميع أنحاء العالم، إذ هناك أكثر من 5700 كيلومتر من المسافة الفاصلة بين السواحل الفرنسية وسواحل ولاية فيرجينيا عبر المحيط الأطلسي، ولكن سيتم توصيلها بشكل مباشر لأول مرة عام 2020 عن طريق الكابل البحري المسمى دونانت Dunant، والذي يعزز قدرة الإنترنت بين أوروبا والساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وينضم كابل دونانت، الذي تمت تسميته على اسم هنري دونانت Henry Dunant ، مؤسس الصليب الأحمر والفائز بأول جائزة نوبل للسلام، عندما يصبح جاهزًا للعمل إلى أكثر من 428 كابل بحري للإنترنت تمتد على آلاف الكيلومترات، والتي تشكل العمود الفقري للإنترنت، لكن الكابل الجديد لا يشبه أي شيء آخر، حيث تمتلك شركة جوجل هذا الكابل، ويعد هذا الكابل أول كابل بحري عبر المحيط الأطلسي يتم تمويله ونشره من قبل إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى.
ويقول آلان مولدين Alan Mauldin، مدير الأبحاث في TeleGeography، وهي شركة معنية ببيانات الاتصالات تتعقب وتقيم كابلات الإنترنت تحت سطح البحر: “غالباً ما تكون المشكلة بالنسبة لموفري المحتوى مثل جوجل وفيسبوك هي أنهم لا يستطيعون الحصول على سعة كافية من الكابلات الحالية لأنفسهم، لذلك يحتاجون إلى بناء كابلات للحصول على هذا القدر من الوصول لأنفسهم، والنتيجة هي أن المزيد من البنية التحتية المادية للإنترنت مملوكة من قبل الشركات التي لها أكبر حضور عبر الإنترنت”.
وقد يكون دونانت Dunant أول كابل تحت سطح البحر يعبر المحيط الأطلسي تملكه إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى، ولكنه ليست الكابل الخاص الأول للشركة، إذ أعلنت شركة جوجل في شهر يناير/كانون الثاني 2016 أيضًا عن كابل كوري Curie، والذي ينطلق من تشيلي في أمريكا الجنوبية إلى لوس أنجلوس.
واستثمرت في السنوات الأخيرة كل من جوجل وفيسبوك ومايكروسوفت في كابلات الإنترنت البحرية لمواكبة الطلب المتزايد، حيث أنفقت تلك الشركات الملايين على الكابلات كأجزاء من الاتحادات، بحيث تحصل كل شركة على سعة معينة مقابل استثمارها، ولكن التكنولوجيا الكبيرة تحتاج سعات أكبر.
ويقول أورس هيلزل Urs Hӧlzle، نائب الرئيس للبنية التحتية التقنية في قسم جوجل السحابي: “الاتحادات رائعة لتقاسم التكاليف، ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت للوصول إلى توافق في الآراء، وهذه الاتحادات قادرة على إبطاء عملية بناء كابلات جديدة، وهذا هو السبب في أن جوجل قررت المضي وحدها، وإذ نظرت اليوم إلى السوق، فإن معظم الكابلات مدفوعة في الغالب من قبل شركات الإنترنت”.
ويوضح نجم أحمد Najam Ahmad، نائب رئيس قسم هندسة الشبكات في فيسبوك، أن الأمر قد يستغرق ثلاث سنوات لإنشاء كابل جديد، حيث أكملت مايكروسوفت وفيسبوك في شهر سبتمبر/أيلول 2017 الكابل المسمى Marea البالغ طوله 6600 كيلومتر، ويقبع على بعد أكثر من 17 ألف قدم تحت المحيط الأطلسي، والذي بدأ العمل في شهر فبراير/شباط 2018، ويمكنه نقل البيانات بمعدل 160 تيرابت في الثانية.
كما تشارك شركات التكنولوجيا في عدد من الكابلات البحرية الممتدة بين سنغافورة وأستراليا واليابان والولايات المتحدة، حيث شاركت فيسبوك في ما لا يقل عن ست اتحادات لكابلات بحرية، بينما أصبح لدى جوجل شراكات في ما لا يقل عن 13 كابل بحري، ويقول آلان مولدين: “بالرغم من استثمار جوجل في الكابلات الخاصة، إلا أنها لن تبيع سعات من هذه الكابلات إلى شركات أخرى لأنها سوف تصبح بعد ذلك ناقلاً وستخضع للترخيص كناقل”.
ويؤكد أورس هيلزل هذا الكلام قائلًا: “نحن لا نريد أن نكون مزود خدمة كمزود خدمة إنترنت”، ويقول مولدين: “لن يستخدم كابل دونانت إلا لحركة مرور جوجل، وما يرجح أن يحدث هو قيامها بمبادلة السعات ضمن هذا الكابل مع سعات ضمن كابلات أخرى مملوكة لشركات أو اتحادات، بحيث أنها تبني كابلًا واحدًا على مسار معين ولكن يمكنها الاستفادة من ذلك باستخدامه كوسيلة لتبادل السعات”.
وتختلف كابلات الإنترنت الممدودة تحت سطح البحر من حيث السعة التي يمكنها حملها والتقنيات المستخدمة في بنائها، ولكنها تعمل إلى حد كبير بنفس الطريقة، إذ تبلغ سماكتها عدة إنشات، وتتكون من أنبوب بلاستيكي يحمي غلافًا نحاسيًا مع ألياف بصرية، ويتم إرسال البيانات عبر الكابلات باستخدام الضوء والمكررات المنتشرة على طول قاع البحر على مسافات تبلغ 80 كيلومتر، مما يضمن تحرك البيانات على طول الكابل بسرعات ثابتة.
ويقدر تحليل Telegeography أن هناك أكثر من مليون كيلومتر من الكابلات البحرية المستخدمة اليوم، ويعد كابل Asia America Gateway أحد أطول هذه الكابلات، حيث يمتد على مسافة تصل إلى حوالي 20 ألف كيلومتر.
وجرى في البداية استخدام الكابلات البحرية، والتي تم مدها لأول مرة عبر المحيط الأطلسي في خمسينات القرن الثامن عشر، في التلغراف ثم البيانات اللازمة لمكالمات الهاتف المحمول، ويمكن للكابلات أن تدوم لمدة تصل إلى 25 عامًا، وإذا ما تم كسرها من خلال مراس السفن أو الزلازل تحت سطح البحر، فيمكن إصلاحها بواسطة روبوتات غاطسة.
ويقول نجم أحمد إن اهتمام فيسبوك بالكابلات البحرية يأتي من نقص في القدرات المتاحة، إذ هناك نوعان من حركة مرور فيسبوك، هما من آلة إلى آلة ومن آلة إلى مستخدم، ويتضمن النوع الأول النسخ الاحتياطية من مراكز البيانات للصور والمشاركات والأشياء الأخرى على الشبكة الإجتماعية، وهذا النوع من حركة المرور أكبر بمقدار 6 إلى 7 أضعاف حركة مرور من نوع آلة إلى مستخدم.
ويضيف نائب رئيس قسم هندسة الشبكات في فيسبوك أن القدرة المتوفرة اليوم عبر الكابلات البحرية ليست كافية لمشاريع فيسبوك فيما يتعلق بالسعة التي تحتاجها، وأن الاستثمارات في هذه الصناعة لم تكن تواكب نمو حركة المرور، وهذا أحد الأمور التي تحاول فيسبوك المساعدة في تطويرها، حيث تم تصميم كابلات الإنترنت تحت البحر الحديثة، مثل Havfrue، لربط البلدان التي تحتاج إلى المزيد من القدرة.
ويقول نائب الرئيس للبنية التحتية التقنية في قسم جوجل السحابي: “لا ينبغي أن يكون من المفاجئ أن شركات التكنولوجيا الكبرى تستثمر أكثر في الكابلات البحرية، حيث أن هذه الخطوة مشابهة لما كانت عليه عندما كانت الكوابل البحرية مملوكة لشركات الاتصالات، إذ بنت شركات الهاتف البنية التحتية الخاصة بهم لأنهم كانوا بحاجة إليها وكانوا أغلبية مستخدمي هذه البنية التحتية”.
ويبدو أن الصراع القائم حاليًا بين شركات التكنولوجيا للتحكم بالإنترنت لن يقف عند الكابلات البحرية، إذ تتطلع شركات الفضاء ورواد الأعمال، بما في ذلك شركة سبيس إكس SpaceX لمؤسسها إيلون ماسك Elon Musk، إلى استخدام أسراب من الأقمار الصناعية الصغيرة لإيصال الإنترنت من الأعلى.
وقد جربت فيسبوك استخدام طائرة عملاقة بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية وتطير فوق المناطق لربط الناس الموجودين على سطح الأرض بالإنترنت، لكنها تحطمت خلال رحلتها التجريبية الثانية، وقامت شركة فيسبوك بإلغاء المشروع منذ ذلك الحين.
بينما قدمت شركة جوجل، وبشكل منفصل، مشروع Project Loon، وهو عبارة عن بالون يوفر اتصالًا بالإنترنت، ويقول أورس هيلزل: “إن الكابلات البحرية هي نوع من الأشياء التي لا ترغب في إنشائها إذا كنت تستطيع تجنبها، وربما يتم استبدال كابلات اليوم بهذه الطريقة، حيث ينتقل الضوء بشكل أسرع فعليًا في الهواء بالمقارنة بالألياف، وإذا كان لديك سلسلة من بوالين Loon، فسوف تتفوق على الكابلات البحرية بمقدار الثلث تقريبًا من حيث زمن التأخر”.