لم تعد حادثات التاريخ تضيف لنا أى جديد حتى ثورتى يناير ويونيو لم يعدلا أى شئ فى منظومة المحسوبية العتيقة والتحاوزات اللصيقة بكل ماهو ذو نفوذ وسلطة ،الحلم بإقامة دولة عادلة تحقق طموحات اليوم والغد للفرد والمجتمع ،تتحقق فيها المساواة فى الحقوق والواجبات دون تمييز ،تستطيع أن تقرأ هذه الأحلام فى دستورنا الجميل !!!
ونقف عند قضية مجتمعية يعانى منها الجميع وهى التعيين فى الوظائف العامة وفقا للمعايير المحددة فى الدستور والقانون واللائحة التى هى أساس عملية التعيين وجميعها تقر أن التعيين فى الوظائف العامة للكفاءات فقط فى ظل دولة القانون ،وهو ما ينتج مجموعات عمل وظيفية متنوعة تستحق شرف العمل بوظائف الدولة المختلفة ،ولكن مجلس النواب يرفض ذلك صراحة من خلال إعادة إنتاج التجربة العتيقة مرة أخرى ،التعيين فى الوظائف العامة يتم بموجب تزكية من عضو المجلس ، وتأشيرات التعيين محجوزة للسادة الأعضاء !!
ووفقا للدستور يتولى مجلس النواب سلطة التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية ،ومنذ تشكيل المجلس الحالى لم نرى تشريع ،ففى مجال التشريع لا توجد بصمة تشريعية لأن جميع القوانين الصادرة مشروعات حكومية يقوم المجلس بالتصديق عليها وخير مثال مهزلة العلاوة الخاصة للعاملين الغير خاضعين لقانون الخدمة المدنية ،أما إقتراحات القوانين من جانب المجلس غالييتها تدخل فى حيز النكت والطرائف !!
أما الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية لا وجود لها لأن العلاقة بين المجلس والحكومة زواج المصالح المشتركة، كافة التعيينات أصبحت مقصورة على فئات محدودة ومعروفة يتم تبليغ صاحب التأشيرة والختم بها ، وكل واحد وثقله ودوره فى اللعبة !!
الالتحاق بالوظائف المميزة فى الشركات الكبرى مقصورة للأعضاء فئة الخمس نجوم ،أما باقى الأعضاء يتم تخصصيص وظيفتين لكل نائب سنويا بكل قطاع من قطاعات الدولة المختلفة ، حتى المسابقات التى يتم الإعلان عنها فى وسائل الإعلام محجوزة مسبقا ولابد من الوساطة والمحسوبية والمحاباة للفوز بوظيفة ،لقد عادت العجلة إلى الخلف والسؤال الجوهرى هل يستطيع أحد تكييف العلاقة بين تزكية أعضاء مجلس النواب والتعيين فى الوظائف العامة ؟؟
من هو صاحب الكلمة فى إعادة إحياء الميثاق المقدس للفساد ، حتى تنعدم سلطة المجلس الرقابية وزعوا عليهم وظائف الدولة !!
لنرى المشهد المتكرر أنا وأصحابى النواب محجوز لنا كافة الوظائف العامة ،ولا مجال للكفاءة فى توريد الموظفين، ويجلس البسطاء من أبناء الشعب يبكون لأن التعيينات موقوفة من أجل الإصلاح الإدارى ،وكأن تعيينات أبناء الأعضاء وأصحاب النفوذ تتم فى كوريا وليست فى مصر ومعلومة للجميع ،وملف التعيينات فضيحة بكل المقاييس لأن ضوابط التعيين فى الوظيفة العامة تزكية عضو مجلس النواب وتاشيرة وزير وكل سنة وانت طيب ،تحت شعار التعيينات موقوفة والترقيات موقوفة ، والنقل موقوف ،والندب ممنوع ، والإعارة محظورة ،والضم حرام ، والسؤال من ذا الذى يتستر خلف هذه الشعارات الزائفة !!!
لنعود للمقولة الشهيرة لف وأرجع تانى ،المنظومة العتيقة أهل الثقة والشلة والأصدقاء والأصحاب أولى من أهل الكفاءة ،لذلك على أصحاب الظل ألا يحزنوا لأنهم يرون في أنفسهم أنهم أهل كفاءة وجدارة بالمسئولية لأن عملية المفاضلة بين الجميع وفقا للقانون واللائحة معدومة ،حتى جميع القرارات تشم فيها رائحة المصلحة الخاصة تعلو على المصلحة العامة !!
هناك من يرى أنه أحق واجدر بالترقية للمناصب التنفيذية والاشرافية مثل وظيفة رئيس مجلس إدارة ،أو مساعد رئيس ، أو مدير عام ،أو مدير عام مساعد ، أو مدير إدارة ،هذه الوظائف تخضع للمبدا العام ترشيح أهل الثقة وفقا لنص المادة الأولى من لائحة أنا وحبيبى محدش قدى، والمادة الثانية أنا لحبيبى وحبيبى إلى !!
عندما تكون المظلة ألوانها المحسوبية والوساطة والمحاباة واستغلال النفوذ ،فلا مكان للأكفاء تحت هذه المظلة !!
