الكاتب : خالد أباظة |
07:24 pm 09/11/2016
| رأي
| 2422
: استيقظ «سوق السيارات» صباح الخميس الماضى على نبأ تحرير سعر صرف الجنيه المصرى.. هذا القرار الذى طال انتظاره من جانب الوكلاء والمصنعين والتجار على أمل أن تنصلح الأحوال وينضبط السوق ويستقر سعر صرف «الدولار» وتختفى السوق السوداء «الجشعة» والتى تأكد للجميع أن من يديرها هم مجموعة من المضاربين «الطماعين».. يتحكمون فى الأسعار ويحصلون على أرباح باهظة مستغلين حاجة المستوردين وأصحاب المصانع للعملات الأجنبية لاستمرار أعمالهم وأنشطتهم وشركاتهم ومصانعهم !.. ليس سرا أن جميع رجال الأعمال والاقتصاد والخبراء فى بلدنا شعروا بالرضا والارتياح فور إعلان نبأ «التحرير» أو «التعويم» كما يطلق عليه.. فالقرار رغم صعوبته ومرارته كان الأمل الأخير لإنقاذ الاقتصاد المصرى من الانهيار التام والموت المحقق.. تأخر القرار كثيرا وفقا لتأكيدات وتصريحات الخبراء والاقتصاديين.. لم نعد أمام «رفاهية» التفكير فى اتخاذ هذه الخطوة أو تأجيلها لفترة أخرى.. كان «أمرا حتميا» يجب تحقيقه رغم معرفة الجميع أن تبعات القرار ستكون مؤلمة وموجعة لأعداد كبيرة من المصريين من محدودى الدخل.. معاناتهم ستزيد بالتأكيد.. وإذا أضفنا -أيضا- قرار تقليل الدعم على المنتجات البترولية.. سنتأكد أن المعاناة أكبر.. وجروح طبقة كبيرة من الشعب ستكون أعمق وأكثر ألما ووجعا وتأثرا.. ولكن يبقى السؤال: «هل كنا أمام اختيارات وبدائل» ؟.. الإجابة قولا واحدا: «لا» ! وكما توقعنا من قبل.. تعرض سوق السيارات فى بلدنا -وأنا أتحدث عن هذا السوق لأننى صحفى متخصص فى هذا المجال تحديدا- تعرض لحالة من الدربكة الشديدة والتخبط والاهتزاز فى أعقاب صدور قرارات البنك المركزى الأخيرة.. وزاد من صعوبة الموقف تأرجح سعر صرف الدولار مقابل الجنيه واختلافه -أو بمعنى أدق صعوده- عدة مرات خلال اليوم الواحد.. وأيضا من بنك لآخر.. فى سابقة لم نراها أو نعيشها طوال تاريخ اقتصاد هذا البلد.. ثم كانت المفاجأة الأغرب.. وهى اختلاف سعر «الدولار الجمركى» الذى يتم من خلاله تحديد قيمة جمرك كل سيارة مستوردة من الخارج قبل دفع الرسوم والإفراج عنها.. كان أغلب التجار والوكلاء يعتقدون أن «الدولار الجمركى» سيكون ثابتا لفترة.. قد تكون عدة أسابيع مثلا.. لكن ما حدث على أرض الواقع أن «السعر» ظل يقفز صعودا كل عدة ساعات خلال اليوم الواحد.. فى سابقة تعتبر -أيضا- الأولى من نوعها فى تاريخنا !.. والمضحك فى الأمر -إذا جاز لنا أن نضحك أصلا وسط هذه الظروف الصعبة- أن نرى تصريحات وتأكيدات على بعض «المواقع» تؤكد أن أسعار السيارات ستنخفض حتما بعد قرار «التعويم».. وأن ذلك سيحدث خلال ساعات قليلة !.. والحقيقة حاولت أن أفهم سر هذه التصريحات ؟.. وكيف نجح أصحابها فى حساب تكلفة أى سيارة بعد «التعويم» لتكون النتيجة «انخفاضا» ؟.. «بأمارة إيه» ؟.. ولماذا نخدع الناس ونجعلهم يعيشون فى أحلام وآمال.. ليست إلا سرابا ووهما ؟!.. إذا كان «الدولار الجمركى» قد قفز من «8,88» إلى «14» ثم زاد عن «17» لحظة كتابة هذا المقال.. يعنى بالبلدى كده.. جمرك سيارة كان قبل يوم الخميس الماضى يبلغ 50 ألف جنيها مثلا.. ارتفع اليوم ليصل إلى حوالى ١٠٠ ألف جنيها.. وهذا يعنى زيادة خمسين ألف جنيه دفعة واحدة فى سعر هذه السيارة المستوردة من الخارج !! وبالنسبة لسعر السيارة -بعيدا عن جمركها- إذا كان الوكيل يحصل على الدولار -قبل يوم الخميس- بسعر 17 جنيها.. أو حتى «18».. فالسعر اليوم يقترب كثيرا من ذلك.. فأين التخفيض.. هايجى من فين ؟!.. نفس القصة.. مع اختلاف التفاصيل.. فى السيارة المنتجة محليا أيضا.. مما دفع غالبية الوكلاء والتجار والمصنعين لإصدار قرارا بإيقاف التعامل مع الجمهور تماما.. «مافيش بيع يا سادة».. كان هذا هو شعارهم الرسمى والمعلن ابتداء من يوم الخميس وحتى لحظة كتابة هذا المقال -صباح الثلاثاء الماضی- باستثناء عدد محدود للغاية على رأسهم شركة «چى بى غبور أوتو» وكلاء هيوندا ومازدا وشيرى وچيلى.. حيث سارعوا بإعلان «لستة أسعار» جديدة يوم الأحد.. وبدؤوا فى استقبال «الزباين» سواء فى معارض الشركة أو الموزعين المعتمدين.. ولا يزال غالبية الوكلاء يعكفون حاليا على دراسة الوضع.. وإيجاد الحلول.. وحساب التكلفة الجديدة.. من خلال اجتماعات مكثفة داخل الغرف المغلقة تمتد لساعات طويلة بدون توقف !.. وأعتقد أن بعضهم قد يكون نجح بالفعل اليوم -الخميس- فى الوصول لأسعار جديدة تم إعلانها للمستهلك الراغب فى الشراء ! فى جميع الأحوال.. أعلن أمام الجميع -بكل أسف والله- أن أسعار جميع طرازات وماركات وأنواع السيارات فى بلدنا سوف تزيد.. وبمبالع ليست قليلة.. وحكاية انخفاض الأسعار ليست إلا وهما كبيرا.. وضحك على المصريين !.. مافيش سبب واحد يؤدى إلى تخفيض سعر أى سيارة.. ولكن الحقيقة أن هناك عدة أسباب تؤدى حتما إلى رفع الأسعار.. على جميع الطرازات.. هذه هى الحقيقة المؤلمة التى لا جدال أو نقاش فيها.. مرة أخرى أتقدم لكم بكل الأسف.. هى أنباء ليست سارة بالتأكيد ولكنها أمر واقع الآن فى حياتنا.. الأمل الوحيد لحدوث انخفاض فى المستقبل هو أن ينخفض «الدولار» فى البنوك.. أن يتراجع إلى سعره الحقيقى والواقعى.. ما بين 12 إلى 13 جنيها.. وقتها لنا حديث آخر.. بالتأكيد أكثر تفاؤلا من الآن [email protected]