05:22 pm 21/12/2021
| رأي
| 2108
احتلال عقول الأبناء…د أسعد الهواري
يتمثل في اعتقاد بعض الأشخاص أني حين أكتب عن أحدي وسائل الترفية كالألعاب الالكترونية وغيرها أنني أسعي لتحريمها أو منعها ، وحاشا لله أن يكون هذا مطلبي فشخصي لا يملك أهلية لفتوى ولا أحقية المنع ، وفي الجانب الآخر أنا ضد فكرة المنع ولكن مع التقنين والضبط وهذا ما أريد أن أصله لأبنائنا ولأولياء أمورهم ، فعقول أبنائنا صفحة بيضاء، تلتقط بسهولة ما تُشاهده وما يدور حولها، ويتم برمجة هذه العقول من خلال المشاهدات والمواقف المختلفة، ونستطيع ملاحظة أثرها عليهم في سلوكياتهم بشكل جلي أثناء تعاملهم مع من حولهم، وتُمثل إشكالية السيطرة على عقول أبنائنا مشكلة العصر، التي تُعاني منها الكثير من الأسر ولكن بمستويات مختلفة من التأثير، بحسب نوعية ، ومدة ما يتم مشاهدته، أو التفاعل معه، وحسب العمر نفسه، والأخطر من ذلك ظهور بعض الانفعالات السلبية كالعدوانية بأساليبها المختلفة، والتي تُؤثر على صحتهم النفسية والجسدية، ومصدراً لإثارة المشكلات بين الإخوة في التنافس على الألعاب الالكترونية ، تأثيرها الغير صحي على البصر، والنمو العقلي ، ويكفي أنها حالت بين الأنسان الأسري، فيجتمع أفراد الأسرة، ولكل منهم عقل انشغل وتعلق بجهاز ليمارس الألعاب الالكترونية، وما ذلك إلا نتيجة احتلال عقولهم، من كثرة الشرور والمفاسد المصاحبة لكثير من الألعاب الالكترونية التي يقتنيها أبنائنا في منازلهم في ظل غفلة من أولياء أمورهم أو غير ذلك ، واحتلال العقل هي عملية احتلال كاملة لأهم جزء في جسدك من قبل عنصر خارجي في خطوة من الدعاية البريئة لمنتج صناعي تقوم باستخدام عدد من المعدات الرهيبة الهادفة لخلخلة العقل .
وآفة هذا العصر أن التقدم التكنولوجي المبهر في الألعاب الالكترونية في الغرب قد غزا الكل وقهر الكل وحمل ما حمل ضمن الحياة الغربية ، وروج لها الصفقة التي حملت معها كل مغريات القبول ، فأصبح الكثير منا يفتح عينية ليجد نفسه أمام ألعاب الكترونية حديثة ومتطورة ، وقد ظن أنها ضرورة لن تقوم بدونها نهضة علمية ولا تقدم تكنولوجي، أننا لسنا متروكين في حالنا فالألعاب الالكترونية تتسلل ألينا من تحت عقب الباب ويأخذ عقول أبنائنا إلي مسارات لا يعلمها إلا الله ، فتلك الشركات تحصل علي منافع مالية هائلة تقدر بمليارات الدولار وأبنائنا هم من يدفعوا الثمن ليس ماليه فقط ولكن تأثيرات أخري، ولن يكون الثمن غدا ولا بعد شهور ، ولكنه قطعا سيكون بعد سنوات ، وسوف يدفع الثمن هذا الجيل من الإباء أذا أمتد عمره ، وإذا أفلت الإباء فإن الأبناء هم الذين سوف يدفعون الثمن ، فلكل راعي مسئول عن رعاية ولن يفلت من الحساب مهما طال الزمن.
خلاصة القول أنني أدعو إلي نقد مستنير يقيم الموازين أمام الأذواق المختلفة لإيجاد البدائل المناسبة من الألعاب الالكترونية والتي تتوافق مع معتقدنا ومبادئنا مع عدم غفلة الإباء عن الأبناء ، ولا أدعو إلي إغلاق الأبواب وتربسه النوافذ ولكني أدعو إلي حسن الانتقاء وحسن الاختيار بين المعروض في أسواق الألعاب الالكترونية وسوف نجد الكثير الجيد المفيد لأبنائنا