06:28 pm 17/12/2021
| بترول
| 2046
زعمت دراسة حديثة، أن السعودية والعراق ونيجيريا من أكثر الدول المعرّضة لفقدان جزء كبير من احتياطيات النفط والغاز جراء التغيرات المناخية.
وقالت شركة استشارات المخاطر "فيريسك مابليكروفت"، إن الكثير من احتياطيات النفط والغاز العالمية مهددة من جراء ارتفاع المد والعواصف والفيضانات ودرجات الحرارة القصوى الناجمة عن التغيرات المناخية.
وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من 600 مليار برميل مكافئ من احتياطيات النفط والغاز القابلة للاستخراج تجاريًا في العالم تواجه مخاطر عالية جراء الآثار السلبية لتغيّر المناخ المتمثلة في العواصف والفيضانات المتكررة، وارتفاع مستويات سطح البحر، ودرجات الحرارة القصوى.
وفقًا لمؤشرات التعرض لتغير المناخ في شركة استشارات المخاطر "فيريسك مابليكروفت"، تعدّ السعودية والعراق ونيجيريا من بين الدول المنتجة للنفط والغاز، إذ تكون مخاطر الأحداث المتعلقة بالمناخ التي تعطّل تدفّق النفط إلى الأسواق العالمية في أعلى مستوياتها بهذه البلدان الـ3 التي تمثّل ما يقرب من 19% من النفط والغاز القابل للاستخراج تجاريًا.
قال المحلل البيئي في "فيريسك مابليكروفت"، روري كليسبي: "بدأت تهديدات الإمداد المرتبطة بالمناخ لصناعة النفط والغاز في الظهور، إذ أدى التجميد في تكساس بداية العام الجاري إلى انخفاض إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات".
وأضاف: "تسبَّب إعصار آيدا على خليج المكسيك باضطرابات تاريخية في إمدادات كل من النفط الخام والمنتجات المكررة، كما أدى ارتفاع درجات الحرارة في روسيا إلى تسريع ذوبان التربة الصقيعية، وهو اتجاه أدى إلى تدمير 40% من المباني والبنية التحتية في المناطق الشمالية التي تعتمد بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز".
وأكدت الدراسة أن هذه الأنواع من الأحداث ستصبح أكثر تواترًا وتطرفًا، مما يخلق صدمات أكبر داخل صناعة النفط والغاز، في ظل تزايد المخاوف من تنامي الآثار السلبية لتغيّر المناخ خلال السنوات القادمة.
أظهرت بيانات شركة استشارات المخاطر -التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها- أن عمليات النفط والغاز البرية معرّضة لمجموعة كاملة من الآثار المادية لتغيّر المناخ، بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف وموجات الحر والفيضانات وغيرها من الظواهر الجوّية المتطرفة.
من ناحية أخرى، فإن العمليات البحرية، كما هي الحال في خليج المكسيك، معرّضة للأعاصير المدارية والارتفاعات الشديدة للأمواج.
ووجد البحث أن 10.5% من الاحتياطيات العالمية القابلة للاستخراج تجاريًا توجد في مناطق مصنّفة على أنها شديدة الخطورة في مؤشرات التعرض لتغيّر المناخ، بينما 29.5% كانت عالية المخاطر، إذ يصل مجموع احتياطيات النفط والغاز المهددة بمخاطر المناخ نحو 617 مليار برميل.
لا تعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موطنًا لأكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم فحسب، بل تضم أيضًا أعلى نسبة من الاحتياطيات المعرّضة للخطر، إذ تعتمد الإستراتيجية الاقتصادية طويلة الأجل للمملكة العربية السعودية على الاستفادة من تكاليف الإنتاج المنخفضة وكثافة الكربون المنخفضة في المنبع، خاصة مع تعرّض شركات النفط الكبرى لضغوط لخفض الإنتاج.
لكن، بغضّ النظر عن عدم اليقين بشأن مسار الطلب على النفط والغاز خلال العقود المقبلة، فإن تعرّض السعودية الشديد لارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه والعواصف الترابية يبرز "نقطة ضعف" في هذه الإستراتيجية.
الدراسة زعمت أن نقص المياه في السعودية جراء التغير المناخي قد يهدد احتياطات النفط والغاز، وهو ما يتنافي مع دراسة لفريق من الباحثين من برنامج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المشترك لعلوم وسياسة التغيير العالمي ومركز مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا، الذي توقّع ارتفاع درجات الحرارة بحلول منتصف القرن في جميع أنحاء المملكة، بما في ذلك 5 مواقع إستراتيجية (الرياض، ومكة، والمدينة المنورة ، وتبوك، وجدّة).
ووجد الباحثون في الوقت نفسه زيادة بشدة وتواتر هطول الأمطار خلال شهر أغسطس/آب بحلول منتصف القرن، لا سيما على طول الساحل الغربي الجبلي للبلاد، مما يشير إلى إمكان تجميع المياه- التي يمكن أن تغذّي طبقات المياه الجوفية المحلية، وتكمل إمدادات المياه في أماكن أخرى، للتكيف مع المناخ لتجنّب ندرة المياه في المستقبل.
وركّزت الدراسة على شهري أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني، والتي تمثّل، على التوالي، المواسم الجافة والحارة في المملكة.
الدراسة تتوافق مع دراسة أخرى، لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في أبو ظبي والمركز الوطني للأرصاد الجوية، والتي توقّعت تزايد الأمطار على شبة الجزيرة العربية خلال السنوات الماضية، إذ أشارت الدراسة إلى أن نوبات الأمطار الغزيرة التي يمكن أن تسبّب فيضانات مفاجئة في الإمارات أصبحت تدوم لمدة أطول على مدى العقدين الماضيين.
تمتلك أفريقيا ثاني أعلى نسبة من الاحتياطيات المهددة، على الرغم من أنها تمثّل كمية صغيرة نسبيًا من احتياطيات العالم القابلة للاستخراج تجاريًا، ففي نيجيريا، 72% من الاحتياطيات -شبه مجمعات بالكامل في دلتا النيجر– التي تواجه مخاطر مناخية عالية أو شديدة.
وتواجه نيجيريا ارتفاعًا في درجات الحرارة وتقلبًا في أنماط هطول الأمطار، مما يؤدي إلى الجفاف والفيضانات التي لن تعرّض إنتاج الهيدروكربونات للخطر فحسب، بل تقيّد الزراعة أيضًا، وتجعل الاقتصاد أكثر اعتمادًا على احتياطيات النفط والغاز المهددة.
ستواجه الشركات التي لديها احتياطيات في مواقع معرّضة بشدة للآثار المادية لتغيّر المناخ المزيد من الأحداث المدمّرة، وربما ارتفاع تكاليف الاستخراج، والحاجة إلى الاستثمار في إجراءات التخفيف.
كما قد يتعين وقف الإنتاج وتأمين الآبار للسماح بمرور العواصف الاستوائية، أو ستحتاج البنية التحتية الساحلية إلى الارتفاع لحساب هبوب العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر.
ويمكن أيضًا أن تزداد مخاطر الحوادث والانسكابات في المواقع الحساسة بيئيًا، إذ تتعرض خطوط الأنابيب لظواهر مناخية أكثر تطرّفًا ربما لم تُصمَّم لتَحمُّلها.