06:13 am 24/11/2021
| 2286
استخدام مادة البلاستيك في حياتنا اليومية ضروري جداً، وحضورها في أكثر الصناعات والمواد الاستهلاكية التي لا نكاد نتخلى عنها، وعلى الرغم من إيجابياته العديدة، وغياب أو ندرة البدائل، إضافة إلى أسعاره المتدنية، فإن هناك أخطاراً محدقة بالبيئة نتيجة لفرط إنتاجه، وفرط النفايات التي يؤول إليها، بسبب ارتفاع نسبة استخدامه لمرَّةٍ واحدة %40 من مجمل عمليات الإنتاج السنوية.
هناك ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية التي تنساب كل عام مباشرةً إلى المحيطات.
وقد أظهرت دراسات علميةٌ عديدة أن المواد البلاستيكية الدقيقة قد تسربت بالفعل إلى مكونات غذائنا اليومي، الأمر الذي يحتم علينا الإسراع في إيجاد حلول مستدامة لهذه المشكلة المتفاقمة، من أجل إنقاذ صحة الإنسان والحيوان والنبات على السواء.
وبما أنه يصعب التخلص من الكمية الهائلة لهذه النفايات، سواء عن طريق إعادة التدوير أو الحرق، يبقى التعويل على تطوير تقنيات تساعد على تحللها أو تفكيكها إلى عناصرها الأساسية، وتحويلها إلى طاقة ووقود، هو الحل الأفضل.
أحدث اختراع البلاستيك عام 1907م، على يد العالِم البلجيكي الأمريكي ليو باكيلاند، ثورة في عالم المواد والتقنية والحياة اليومية للناس. ونظراً لخصائصه الملائمة لأوجه استعمال لا تُحصى؛ من الأواني المنزلية البسيطة إلى تقنيات الفضاء المعقَّدة، يصعب تصور الحضارة الحديثة من دون هذه المادة المصنَّعة.
عد إنتاج أول نوعٍ في السنة نفسها، وسميت علامته التجارية “باكيليت”، تيمناً باسم المخترع، تسارع بعد الحرب العالمية الثانية، إنتاج أنواعه المختلفة؛ من 2.3 مليون طن في عام 1950م إلى 448 مليون طن عام 2015م، حسب “ناشيونال جيوغرافيك”، يونيو 2019
ووفقاً لدراسة نشرت في شهر يوليو 2017م في “ساينس أدفانسز” قُدّر الحجم التراكمي للبلاستيك المنتج في الفترة نفسها بحوالي 8.3 مليار طن.
وعلى الرغم من إيجابياته العديدة وغياب بدائل عنه، أدى هذا الإنتاج الضخم، بالإضافة لأسعاره المتدنية، إلى ارتفاع نسبة استخدامه لمرةٍ واحدة %40 من مجمل إنتاجه كل عام.
إن عديداً من هذه المنتجات، مثل الأكياس البلاستيكية وأغلفة الطعام وغيرها، لها عمرٌ يراوح بين دقائق وساعات، لكنها قد تستمر في البيئة لمئات السنين.
هذا يعني أن %40 من إنتاج البلاستيك تُعدُّ نفايات يومية جاهزة، والقسم الآخر نفايات مؤجلة لبعض الوقت.
ووفقاً لمقالة في “أَوَر وورلد إن داتا”، سبتمبر 2018م، أن حجم النفايات السنوية يساوي تقريباً حجم إنتاجه.
وقد اقتصر علاج هذه النفايات الضخمة على حرق حوالي %12 منها، وإعادة تدوير ما يقرب من %9.
وتبقى نسبة %79 من إجمالي البلاستيك المنتج على حالها؛ حيث تشكِّل نسبة %10 إلى %13 من كافة النفايات الصلبة بصفة عامة.
يتسرب كل عامٍ ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية مباشرةً إلى المحيطات من الدول الساحلية.
كما يتم نقل القمامة أيضاً إلى البحر عن طريق الأنهار الرئيسة، التي تعمل روافدها كأحزمة ناقلة تلتقط المزيد والمزيد من القمامة أثناء تحركها في اتجاه مجرى النهر.
وبمجرد الوصول إلى البحر، يبقى كثير من النفايات البلاستيكية في المياه الساحلية. ولكن بمجرد أن تعلق في التيارات البحرية، تنتشر حول العالم.
وقد أظهرت دراسات علميةٌ عديدة أن المواد البلاستيكية الدقيقة دخلت بالفعل في السلسلة الغذائية.
إذ تحمل الحيوانات هذه اللدائن الدقيقة في أجسامها، وعندما يتم تناول هذه الحيوانات من قبل البشر، يتم أيضاً تناول الملوثات التي تكتنفها.
ولأن الحيوان يأكل حيواناً آخر، يمكن أن تنتقل المواد البلاستيكية الدقيقة عبر السلسلة الغذائية نفسها وتشكِّل مخاطر كبيرة على الصحة والبيئة.
لهذا السبب أصبح من الحيوي جداً إيجاد حلول مستدامة لهذه المشكلة المتفاقمة لإنقاذ صحة الإنسان والحيوان والنبات على السواء.
وبما أن إعادة تدوير هذه النفايات الهائلة صعبةٌ جداً، ولحرقها مخاطر كبيرة، يبقى التعويل على تطوير تقنيات تحلله أو تفككه إلى عناصره الأساسية، وتحويلها إلى طاقة ووقود، هو الحل الأفضل والممكن.
من المعروف أن معظم نفايات البلاستيك هي من نوع “بولي بروبيلين” أو “بولي إيثيلين “، وهما النوعان الأكثر شيوعاً في الأسواق، وعلى الرغم من أنهما تقنياً قابلان لإعادة التدوير ، إلّا أن صعوباتٍ كثيرةً تعترض إعادة تدويرهما بالكامل واستخدامهما كبلاستيك مرة أخرى؛ ويعود السبب إلى معوقات عديدة، تقنية ولوجستية واقتصادية.
بداية، لا يمكن خلط أنواع مختلفة من البلاستيك لإعادة تدويرها. يجب فصل كل نوع على حدة، فكل نوع يتكوَّن من مادة كيميائية خاصة، وبالتالي يتميز بدرجة انصهار مختلفة عن النوع الآخر.
ويزيد هذه المشكلة تعقيداً الإضافات الكيميائية التي تضاف لإعطاء خصائص معيَّنة لكل منتج؛ كالمرونة والقساوة والألوان المختلفة.
كما أنه لا يوجد أسواق كافية لبيع جميع أنواع البلاستيك المعاد تدويره،ولا توجد مصانع كافية لتصنيع منتجات جديدة من هذه المواد.
يضاف إلى ذلك وجود بعضٍ من هذه المصانع في مناطق بعيدة جداً لدرجة تجعل من شحن المواد البلاستيكية إليها مكلف للغاية.
ويبقى العامل البنيوي للبلاستيك العائق الأساسي لإمكانية إعادة تدويره مراراً وتكراراً لأنه يفقد من جودته في كل مرَّة يعاد تدويره؛ وذلك بعكس الزجاج مثلاً، الذي يمكن إعادة تدويره واستعماله إلى ما لا نهاية. وإذا أضيفت هذه الصعوبة إلى غياب الحوافز الاقتصادية لإعادة التدوير يصبح الوضع كارثياً.