03:29 pm 22/11/2021
| رأي
| 2929
واعملوا أنَّ الله خلق الدنيا والآخرة، وخلق هذا الإنسان وابتلاه بينهما، فإنَّ آثر الدنيا على الآخرة باء بغضبي الله سبحانه وتعالى وعذابه، وإنَّ آثر الآخرة على الدنيا فإنَّه يكونُ رابحاً بدُنياه وآخرته، وإذا ملت إلى إحداهما أغضبت الأخرى ، فلا بد أن يُعادل المسلم بين دنياه وآخرته، فيأخذ من الدنيا ما يُعينه على طاعةِ الله والفوزِ بالآخرة، هذا هو المُسلم المُعتدل الذي انتفع من دنُياه وآخرته.
ونأتي لهذه الدنيا ونظنُّ بأننا خالدين فيها أبداً، متناسين أنّها فترة وعلينا أنْ نعيشها بهمومها وأفراحها ثمّ نغادرها غير عالقين بهاً مهما حيينا وعشنا في هذه الدنيا، إنّ الحياة وقت قصير مهما بداً طويلاً عليه أنْ ينتهي ولحكمةٍ من الله نجهل اليوم الذي سنبعث فيه ونموت فيه والجهل الأعظم نجهل مصيرنا، إلى أين؟ فالدنيا رخيصة جدا ، فقد يملكها _غني _ فقير_ ملك _ وزير_ ولكن الجنة غالية فلا تمتلكها إلا بصالح عملك ، فلن تمتلكها بمالك وذهبك ، وضياع العمر أسواً من ضياع الموت ، فإن الموت يقطعك عن الدنيا ، وضياع العمر يقطعك عن الاًخره .
ونفوس تبتلي هنا وتثاب هناك ، وهي ما بين زمن ضائع اسمه الدنيا ، وخلود أبدى أسمة الآخرة ، فما تلبث سنوات العمر أن تصبح ماضيا ، ثم يفاجئنا الموت ولا يبقي شيء يقال
فأهل الكهف الذين لبثوا نياما في كهفهم ثلاثمائة سنة قالوا حينما تيقظوا من رقدتهم للسائل الذي سأل : كم لبثتم قالوا : لبثنا يوم أو بعض يوم ، والذي أماته الله مائة عام ثم بعثة قال نفس الجواب : يوما أو بعض يوم"يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة "" سورة الروم 55""
هكذا يخبرنا القرآن وما قدروه للزمن الذي عاشوه في الدنيا والذي لبثوه في رقدة القبر،أنه كان مجرد ساعة
فالأمر يبدوا محيرا ، فالذي لبث ثلاثمائة سنة يقول أنها بعض يوم والذي لبث مائة سنة يقول نفس الشيء ، كأنه لا فرق بين المائة سنة والثلاثمائة عاما ، والمجرم الذي عاش أربعين عاما فقط يقول لحظة بحثه أنها ساعة ، وقد أستوي من مات شابا أو غير ذلك، فذلك هو الحال والواقع البشرية لحظة بعثها ، فالألف من السنين التي مضت والعصور التي تلو عصور وتعاقبت فيها الخلافات بين الأجيال المختلفة كانت مجرد ساعة أو بعض من ثواني ، أو هكذا بدت في وعيهم الجديد وتنجلي الحيرة حين نعلم أن الوعي الجديد في الآخرة هو شعور مختلف ووعي مختلف بالامتداد والأبدية فإذا مات العبد قامت قيامته ، حيث يعرض الإنسان داخل قبره علي العذاب أو النعيم ،أي يري ما إذا كان سيدخل الجنة أو النار ، وقيام الساعة واحد علي الجميع ، فالمسلمَ يعتدل بيَّن الدنيا والآخرة لا ينقطع مع إحداهما ويتركَ الأخرى، وأمَّا من شقي في هذه الدنيا، وأعطى نفسُه ما تشتهي من حلالِ وحرام، وفتح لنفسه باب الشهوات، واللهو، والغفلة، تمتع بنصيَّبه من الدنيا ونسي الآخرة، فهذا هو الخاسر
أنت لم تُخلق في هذه الدنيا لتعمرها، وتقتصر على تحصيلها، وتنسى الآخرة، أنت خُلقت لتعمل لآخرتك، وتأخذ من دُنياك لتعمل لآخرتك، تأخذ من دنياك ما تستعين به على طلبِ الآخرة هذا هو المقصود من الدنيا، والدنيا دار فنَّاء، والآخرة دار بقاء وهذا معلوم لكلِ عاقل أن هذه الدنيا التي يتلهف عليها الإنسان ويأخذ حظه فيها وقد ينسى الآخرة فإذا ما قامت القيامة فأنت تشعر كأنك لم تمكث في الدنيا إلا ساعة ، والساعة هي الساعة الجامعة التي تقوم فيها القيامة ، ولكن الساعة في الدنيا هي جزء من الوقت فهم يتفاجأون أن دنياهم الطويلة والعريضة كلها مرت وكأنها مجرد ساعة فيكتشفون قصر ما عاشوا من وقت في الحياة الدنيا.
خلاصة القول أن الحياة الدنيا ليست طويلة كما نتوقع فقد يكون المتبقي لنا في هذه الحياة هي لحظة واحدة فأجعلها طاعة لله تعالى.