03:27 am 29/10/2021
| طاقة
| 2112
أدلى كبار المسؤولين التنفيذيين في كبرى شركات النفط في العالم بشهاداتهم أمام الكونغرس، اليوم الخميس، حول جهود صناعة الوقود الأحفوري المزعومة لتضليل الجمهور بشأن تغير المناخ.
ويهدف المشرعون في لجنة مجلس النواب للرقابة والإصلاح إلى استجواب المسؤولين بشأن تاريخ الشركات الممتد لعقود من الزمن في إثارة الشكوك حول تأثير منتجاتهم على درجة حرارة الأرض واستقرار نظام المناخ.
إذ تُعدّ شهادات رؤساء شركات إكسون موبيل وبي بي وشيفرون وشل، بالإضافة إلى معهد النفط الأميركي وغرفة التجارة الأميركية، أمام لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب، جزءًا من تحقيق اللجنة في المعلومات المضللة لصناعة الوقود الأحفوري بشأن أزمة المناخ.
وتأتي جلسة الاستماع -التي انعقدت عقب تقارير عن مشاركة الصناعة في حملات تهدف إلى خلق ارتباك حول سبب الأزمة- قبل أيام من اجتماع قادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ "كوب26" في غلاسكو.
جلسة تاريخية
وصفت رئيسة اللجنة، النائبة كارولين مالوني، هذه الجلسة بـ"التاريخية"، قائلة: "للمرة الأولى، يشهد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الوقود الأحفوري أمام الكونغرس بعد أداء القسم، حول دور الصناعة في التسبب في تغير المناخ وجهودهم للتستر عليه".
وتابعت: "يمكننا منع وقوع كارثة مناخية مع الحفاظ على انخفاض تكاليف الطاقة وخلق وظائف ذات رواتب جيدة، ولكن فقط إذا اعترفت شركات النفط الكبرى بدورها المركزي في هذه الأزمة والتزمت باتخاذ إجراءات هادفة وفورية".
بينما دافع مسؤولو شركات النفط الكبرى عن تصريحاتهم فيما يتعلق بعلوم المناخ، وشددوا على أنهم يدعمون العمل العالمي بشأن المناخ، بما في ذلك اتفاق باريس، وأن صناعة النفط والغاز ستلعب دورًا حاسمًا في حل أزمة المناخ.
تغير المناخ.. لعبة سياسية
شنّ الجمهوريون هجومًا شديدًا على حكومة بايدن في جلسة استجواب قادة صناعة النفط، متهمين إياها بأنها تستخدم التغير المناخي لتغيير الاقتصاد، وليس لحماية البيئة.
وذكّرت عضوة الكونغرس عن ولاية نيومكسيكو، يفيت هيريل، الحضور في جلسة استجواب قادة صناعة النفط الأميركية بأن الحقنة التي تستخدم في اللقاح ضد فيروس كورونا وتحمي حياة الناس حول العالم جاءت من النفط.
من جانبه، تساءل النائب الجمهوري في لجنة الرقابة، جيمس كومر، عن أساس الجلسات، ووصفها بأنها تشتت الانتباه عن المشكلات الحقيقية التي تواجه الأمة.
وتساءل: "متى سنعقد جلسة استماع مع أعضاء مجلس الوزراء بإدارة بايدن حتى نتمكن من محاسبة الحكومة الفيدرالية؟".
كما قال كومر: "من المهم أن تدرس هذه اللجنة المخاوف الملحة للمواطنين الأميركيين"، مشيرًا إلى التضخم وارتفاع أسعار الغاز ومخاوف الهجرة ووباء فيروس كورونا، دون الحديث عن المناخ.
النفط والسجائر.. مصير مشابه
حثّ رئيس اللجنة الفرعية للرقابة على البيئة في مجلس النواب، النائب الديمقراطي رو خانا، شركات النفط الكبرى على عدم اتباع خطى المديرين التنفيذيين لشركات صناعة السجائر عندما أدلوا بشهاداتهم في عام 1994.
وقال: "لقد واجهوا أيضًا خيارًا.. لقد اختاروا الكذب بعد أداء القسم، وإنكار أن النيكوتين يسبب الإدمان.. لم يكن ذلك جيدًا بالنسبة إليهم".
وطالبهم بأن يكونوا أفضل منهم: "لا تفكروا في أنفسكم بوصفكم رؤساء تنفيذيين.. فكروا في أنفسكم بوصفكم بشرًا".
تأتي مقارنة صناعة النفط بصناعة السجائر من قبل الديمقراطيين، طمعًا في إخضاع صناعة النفط ومعاقبتها كما فعلت الحكومة مع شركات السجائر سابقًا.
وقف الضغط.. وخفض الإنتاج
كما طالب خانا رؤساء شركات النفط بإخبار معهد النفط الأميركي والجماعات الأخرى بوقف الضغط ضد السيارات الكهربائية ولوائح الميثان، وهما المبادرتان اللتان تدعمهما شركات النفط نفسها.
وحثّ النائب الديمقراطي شركات الوقود الأحفوري على الالتزام بإجراء تدقيق مستقل، للتحقق من عدم توجه أي من تمويلها نحو الجماعات التي تنشر إنكار المناخ.
إذ يُعد العديد من شركات النفط أعضاءً في معهد النفط الأميركي، الذي كان يضغط ضد مبادرات معينة تشكل جزءًا من إطار أجندة الرئيس جو بايدن الاقتصادية والمناخية.
وطالب خانا أيضًا عملاقي النفط الأميركيين إكسون موبيل وشيفرون بالسير على خطى منافسيهما الأوروبيين في التخطيط لخفض الإنتاج لمعالجة أزمة المناخ.
وهو ما انتقده النائب الجمهوري جيم جوردان، مشيرًا إلى أن الديمقراطيين دفعوا أيضًا تحالف أوبك+ لضخ مزيد من النفط لمكافحة ارتفاع أسعار البنزين.
أرباح شركات النفط العالمية
إكسون موبيل: تغير المناخ حقيقة
نفى الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، دارين وودز، بشكل قاطع أن الشركة تلجأ إلى إنكار المناخ، أو أنها حجبت أي معلومات متعلقة بتغير المناخ، خلال تصريحاته في افتتاح جلسة الاستماع.
وقال: "إكسون موبيل لم تنشر، ولم تقم أبدًا بنشر معلومات مضللة بشأن تغير المناخ.. تصريحاتها العامة حول تغير المناخ كانت، ولا تزال، صادقة وقائمة على الحقائق وشفافة ومتسقة مع وجهات نظر المجتمع العلمي الأوسع والأكثر انتشارًا في ذلك الوقت".
كما جادل بأن الشركة أسهمت في تطوير علم المناخ، ومع تطور فهم العلم لتغير المناخ، استجابت إكسون موبيل وفقًا لذلك.
وقال وودز: "أقرت إكسون موبيل منذ مدة طويلة بأن تغير المناخ أمر حقيقي ويشكل مخاطر جسيمة".
شيفرون: المستقبل منخفض الكربون
من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون، مايكل ويرث، أن فكرة أن شركته تنشر معلومات خاطئة عن أزمة المناخ "ببساطة خاطئة".
وشدد -في تصريحاته أمام لجنة الاستماع- على أن شيفرون تقبل أن "تغير المناخ أمر حقيقي، وأن استخدام الوقود الأحفوري يُسهم فيه"، مؤكدًا التزام الشركة بالمساعدة في مواجهة هذا التحدي.
وقال: "أي اقتراح بأن شيفرون منخرطة في محاولة لنشر معلومات مضللة وتضليل الجمهور بشأن هذه القضايا المعقدة هو ببساطة خطأ"، مضيفًا: "نعتقد أن مستقبل الطاقة هو خفض الكربون".
بي بي: خفض الإنتاج والانبعاثات
أخبر رئيس شركة بي بي أميركا، ديفيد لولر، المشرعين أن شركته تخطط لخفض إنتاجها من النفط والغاز بنسبة 40% أقل من مستويات 2019 بحلول نهاية العقد، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2025 أو قبل ذلك.
وأضاف أن شركته ستنهي أيضًا التنقيب عن النفط والغاز في دول جديدة، قائلًا: "لكن هذه الخطوات لا تعني أن بي بي ستخرج من تجارة النفط والغاز".
وشدد لولر على خطط الشركة لزيادة الاستثمار في الطاقة منخفضة الكربون، مشيرًا إلى أن بي بي ستستثمر 5 مليارات دولار -ما يقرب من ثلث نفقاتها الرأسمالية المتوقعة- بحلول عام 2030.
وقال لولر أيضًا إن الشركة تخطط لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 20% عالميًا بحلول 2025، وإنهاء حرق الميثان الروتيني من إنتاج الغاز الطبيعي، الذي يُعد عاملًا مساهمًا خطيرًا في تغير المناخ.
وردًا على الاستثمار في مشروعات منخفضة الكربون، أوضح لولر أن شركته ركزت على هذه المشروعات "لأننا استمعنا إلى المجتمع والمستثمرين وموظفينا.. رأينا العالم يتغير من حولنا".
وأضاف: "على مدى العقود القليلة القادمة، ستُستثمر تريليونات الدولارات في تجديد نظام الطاقة العالمي.. نتوقع فرصة هائلة لتزويد العالم بالطاقة منخفضة الكربون التي يحتاجها".
شل: تحوّل الطاقة مطلوب
قالت رئيس شركة شل، غريتشن واتكينز، إن الشركة كانت "صريحة بشأن تحوّل الطاقة المطلوب"، مشددة على أن تلبية الطلب على الطاقة في أثناء معالجة تغير المناخ "مهمة ضخمة".
وشددت في شهادتها أمام اللجنة على أن الشركة ستواصل تطوير مصادر طاقة الوقود الأحفوري، "ولكننا -حتى هنا- نشهد تحولًا في الطاقة".
وأضافت: "لطالما دافعت شل عن السياسات الحكومية التي من شأنها تقليل الطلب على الوقود الأحفوري، وتحفيز الابتكار وتقنيات الطاقة النظيفة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وضمان الوصول إلى طاقة موثوقة وبأسعار معقولة".
وقالت إن موقف شل من تغير المناخ موثق علنًا لما يقرب من ثلاثة عقود، كما أنها تدعم عددًا من الأحكام في مشروع قانون البنية التحتية للرئيس جو بايدن.
وأعلنت خطة الشركة لتقليل انبعاثات النطاقين 1 و2 المطلقة بنسبة 50% بحلول عام 2030 على أساس صافٍ.
معهد النفط: لا ندعم سياسات تغير المناخ
قال الرئيس التنفيذي لمعهد النفط الأميركي، مايك سومرز، في كلمته خلال جلسة الاستماع: "لو لم يكن الغاز الطبيعي -الذي حلّ محل الفحم وخفّض انبعاثات الكربون- موجودًا، لاستخدمنا المزيد من الفحم وارتفعت انبعاثات الكربون".
وأوضح سومرز أن صناعة النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة "ملتزمة بتحقيق مستقبل منخفض الكربون، مع تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في جميع أنحاء العالم".
إلا أنه أكد أن المعهد لا يمكنه دعم سياسات تغير المناخ التي "تضع أميركا في وضعٍ غير مواتٍ، من خلال تعريض الوظائف للخطر، وزيادة تكاليف الطاقة، والإضرار بالقدرة التنافسية الأميركية".
كما قال: "ارتفاع أسعار الطاقة له تأثير مباشر على حياة الأميركيين اليومية، لأن هذه الأسعار تؤثر على تكاليف التصنيع والتعبئة والشحن عبر سلسلة التوريد، ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية".
سياسة مناخية بدعم من الحزبين
من جانبها، قالت الرئيسة التنفيذية لغرفة التجارة الأميركية، سوزان كلارك، إن جهود مكافحة تغير المناخ يجب أن تكون جهودًا يمكن للديمقراطيين والجمهوريين الاتفاق عليها.
وأوضحت أن "الغرفة تعتقد أن الكونغرس يجب أن يضع سياسة مناخية دائمة ويجري تفعيلها بدعم من الحزبين.. سيساعد هذا على ضمان أن حلول السياسة تصمد أمام الأولويات المتغيرة للإدارات الرئاسية المختلفة".
وقالت كلارك إن الغرفة تدعم مشروع قانون بايدن للبنية التحتية من الحزبين، لكنها لم تذكر دعم الرئيس في إطار جدول الأعمال الاقتصادي والمناخي الذي أصدره مؤخرًا، الذي يحتوي على 555 مليار دولار مخصصات للمناخ والطاقة النظيفة، بما في ذلك أكثر من 300 مليار دولار من الطاقة النظيفة والاعتمادات الضريبية للسيارات الكهربائية.