الكاتب : عثمان علام |
11:00 pm 07/11/2016
| رأي
| 2541
دخلت العلاقة المصرية السعودية منذ بداية النصف الثاني من العام الحالى إلى النفق المظلم ولم تعد الرؤية واضحة ، بمجرد انتهاء زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة عقب توقيع اتفاق التحالف الاستراتيجى بين البلدين حول ترسيم الحدود البحرية ، وإقامة جسر برى يربط المملكة بمصر ، وتم الاتفاق على أن تكون جزيرتي تيران وصنافير نقطة ارتكاز الجسر ، ووفقا للترسيم البحرى للحدود الشرقية تدخل الجزيرتين إلى السيادة السعودية ، مع التزام بنك التنمية السعودى وهو بنك سيادى بتمويل توريد منتجات بترولية مكررة تقدر ٧٠٠ ألف طن موزعة على منتجات البنزين والسولار والمازوت شهريا ، ومدة التوريد خمس سنوات تبدأ في أكتوبر ٢٠١٦ حتى أكتوبر ٢٠٢١ ، تقوم شركة أرامكو السعودية بتوريد الكمية الشهرية المتفق عليها عقب تحويل بنك التنمية لقيمة الشحنات فور تسليمها للهيئة العامة للبترول ، وتتم عملية التسوية المالية بين الهيئة والبنك وفق برنامج زمنى طويل الأجل ، ولكن مع حلول موعد سريان الإتفاق فى أول أكتوبر ، أعلنت الشركة عدم توريد الحصة الشهرية لأن البنك لم يتخذ قرار التوريد في الوقت الحالى !!!! وهو ما يكشف عن غموض العلاقة وعدم اتفاق الرؤية فى بعض الملفات و التى تعد أمارة على سقوط التحالف الاستراتيجى بين البلدين ، وأبرز المسائل التعاون القطرى التركى لدعم العمليات الإرهابية في سوريا ، وتدعيم المعارضة وتنظيم داعش وتأييد المملكة العربية السعودية لإسقاط النظام السوري الشيعى حتى لو أثر ذلك على موازين القوى بالمنطقة لصالح إسرائيل ، وهو ما دفع مصر إلى تبنى ملفات استقرار دول المنطقة "الأردن ولبنان وسوريا" ، حتى لو اختلفت مع رؤية المملكة !!! فى عهد الملك عبد الله بن عبدالعزيز يرحمه الله ، الذى كان يدرك حجم مصر وقدرتها على تأمين العمق الأمنى لدول الخليج العربية "السعودية والإمارات والكويت " ،باعتبار مصر الدرع والسيف وهو ما أثبتته القوات المسلحة المصرية خلال حرب تحرير الكويت ، وسقوط مصر يعنى سقوط قلب الأمة العربية !! فقد سارعت المملكة بدعم النظام الاقتصادى والمالى المصرى عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ، من خلال الودائع الدولارية والمنح البترولية والقروض طويلة الأجل ، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسقاط التحالف المصرى السعودى بأى ثمن لاضراره بالمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط ويهدد أمن إسرائيل نتيجة قوة النظام الاقتصادى والمالى المصرى !!! وبدأت رحلة سقوط التحالف الاستراتيجى بين البلدين بصدور حكم محكمة القضاء الإداري بوقف اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لأنه يخالف الدستور فى مسألة ضم جزيرتى تيران وصنافير ، ومازالت القضية متداولة أمام المحاكم الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا !! وسقوط فكرة الجسر البرى وتدخل العلاقة إلى النفق المظلم مع إتخاذ مصر موقف مخالف لموقف المملكة العربية السعودية فيما يخص قرار مجلس الأمن فيما يتعلق بسوريا التى تعتبرها مصر عمق الأمن القومى المصرى منذ فترة الوحدة المصرية السورية خلال حقبة ستينات القرن الماضي !! لتتدخل الولايات المتحدة الأمريكية بإصدار الكونجرس الأمريكي لقانون جاستا لمكافحة الإرهاب والذى يسمح بمحاكمة أفراد من الأسرة الحاكمة بالمملكة أمام المحاكم الأمريكية !! ومع حلول شهر أكتوبر وانتهاء اتفاقات المنح المؤقتة للمنتجات البترولية وتفعيل إتفاق عقد الخمس سنوات ، أعلنت شركة أرامكو السعودية عن عدم توريد الكميات المتفق على توريدها فى شهر أكتوبر ، ثم إعلانها مع بداية شهر نوفمبر توقف توريد الكميات المتفق عليها إلى أجل غير مسمى ، لعدم قيام بنك التنمية السعودى بإخطار الشركة بتوريد الكمية الشهرية المتفق عليها عند إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية ، وتوقف سريان مفعول الاتفاقات الأخرى !!!!!!! وقرار بنك التنمية السعودى قرار سيادى لا علاقة لشركة أرامكو بقرار الوقف لأن التسوية المالية لعمليات التوريد بين الهيئة العامة للبترول وبنك التنمية ، فلو تم سداد كامل ثمن الكميات ستقوم أرامكو بتوريدها فورا ، الآجال المتفق عليها بين بنك التنمية السعودى والهيئة العامة للبترول لا تعرفها صناعة البترول ، فطريقة السداد خاصة لا يتم العمل بها في عقود التوريد ، فشركة أرامكو تطبق النظام التجارى المعمول به في السوق العالمى للبترول ، أدفع أستلم !!! وقد انتهزت وكالة رويترز إعلان شركة أرامكو بإيقاف توريد المنتجات لأجل غير مسمى ، لتعلن عن سفر وزير البترول الى مؤتمر أبو ظبى السنوى ومنها إلى طهران العاصمة الإيرانية للاتفاق مع وزير البترول الإيراني على التعاون الاستثماري المشترك فى مجال البترول والغاز الطبيعي ، والإتفاق على كميات بديلة للكميات التى كانت ستقوم بتوريدها شركة أرامكو !!! وتتمنى بعض الدول صدق خبر عودة العلاقات الرسمية بين مصر وإيران ، وهو ما يعنى ان المملكة العربية السعودية أصبحت صيدا ثمينا وسهلا من جميع الاتجاهات ، وأن نهاية النظام الملكى كأحد أهداف الولايات المتحدة لإعادة تقسيم المنطقة !!! فعلى الرغم من أن صناعة البترول لأتعرف السياسة والدين ، وإنما علاقة نفعية بحتة ، إلا أن قرار التفاوض مع إيران قرار سيادى كبداية العلاقة التجارية بين البلدين ، وخير دليل أن تركيا الدولة السنية تعتمد بشكل كبير على البترول والغاز الطبيعي الإيراني ، على الرغم أن الرئيس التركى رجب طيب اردوغان ، يرى فى نفسه خليفة المسلمين ويؤيد تنظيم داعش ويشترى البترول من إيران ومن تنظيم داعش فى سوريا !!! ومحاولة مصر الإستفادة من إبرام اتفاقيات مع روسيا وإيران والعراق والأردن خلال الفترة القادمة ، من الأمور التي تقتضيها المصلحة العليا للدولة بتنويع مصادر الطاقة من كافة دول العالم ، عقب رفع الحظر عن إيران وتصديرها البترول والغاز الطبيعي لكافة الدول ، ومصر دولة مستوردة وتأمين الإمدادات أمر لا غنى عنه !! فلا يمكن الإعتماد على المملكة العربية السعودية ، ودولة الأمارات العربية ، والكويت ، فأمن الطاقة لا يعرف النزعات العاطفية !! إيران أحد أكبر القوى المنتجة للبترول والغاز الطبيعي ، ويبلغ إنتاجها اليومى من خام النفط ٥ مليون برميل ، وتحتوى الآبار على سوائل الغاز الطبيعي المصاحبة للخام المنتج من الحقول ، وقدرتها التكريرية 1.5 مليون برميل يوميا موزعة على ٩ معامل تكريرية تديرها شركة Nordic , وتسيطر الشركة الوطنية الإيرانية nioc و التى تسيطر على صناعة البترول !! وتحتل إيران على المستوى العالمى المرتبة الثانية فى احتياطيات الغاز الطبيعى التى تبلغ ١٦ % من الاحتياطي العالمى ، ويتم تصدير 4.3 مليار متر مكعب إلى تركيا دولة الخلافة الداعشية !! ويبلغ إنتاج إيران من الغاز الطبيعي سنويا ٦ تريليون قدم مكعب ، وتقدر الاحتياطيات ١٠٤٥ تريليون قدم مكعب ، حوالى 29.6 مليار متر مكعب ، وتستعين إيران بالشركات الروسية والصينية لتنمية الحقول !! مصر دولة محورية وأصبحت قوة إقليمية في ظل استقلالية قواتها المسلحة وقوتها ، ولتعرف تركيا ، وإيران ، وقطر ، والمملكة العربية السعودية ، أن مصر دولة كبيرة أوى !!!! كبيرة بشعبها. ، كبيرة بجيشها ، كبيرة برئيسها !!