02:40 pm 25/05/2021
| رأي
| 2768
ولدت السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب في مكة في 11 ربيع الأول 145 هـ ذهبت الى المدينة المنورة في الخامسة من عمرها وكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتسمع إلى شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه، حتى لقبها الناس بلقب «نفيسة العلم» قبل أن تصل لسن الزواج.تقدّم الكثيرون للزواج من نفيسة لدينها وعبادتها، إلى أن قبل أباها بتزويجها بإسحاق المؤتمن بن جعفر وتم الزواج في رجب 161 هـ، فأنجبت له القاسم وأم كلثوم. وفي سنة 193 هـ، رحلت نفيسة مع أسرتها إلى مصر، مروا في طريقهم بقبر الخليل، وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم في العريش.
وصلت نفيسة إلى القاهرة في 26 رمضان 193 هـ، ورحّب بها أهل مصر، وأقبلوا عليها يلتمسون منها العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات، فخرجت عليهم قائلة: «كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى.» ففزعوا لقولها، ورفضوا رحيلها، حتى تدخَّل والي مصر السري بن الحكم وقال لها: «يا ابنة رسول الله، إني كفيل بإزالة ما تشكين منه». فوهبها دارًا واسعة، وحدد يومين في الأسبوع يزورها الناس فيهما طلبًا للعلم والنصيحة، لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع. فرضيت وبقيت. ولمَّا وفد الشافعي إلى مصر سنة 198 هـ، توثقت صلته بنفيسة بنت الحسن، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء. وأوصى أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلّت عليه إنفاذًا لوصيته.
عُرف عن نفيسة بنت الحسن زهدها وحسن عبادتها وعدلها، فيُروى أنها لما كانت بالمدينة كانت تمضي أكثر وقتها في المسجد النبوي تتعبد، وتروي زينب ابنة أخيها يحيى المتوج قائلة: «خدمتُ عمّتي السيدة نفيسة أربعينَ عامًا، فما رأيتها نامَت بلَيل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أمَا ترفُقِين بنفسِك؟ فقالت: كيف أرفُق بنفسي وأمامي عَقَبات لا يقطَعُهُنّ إلا الفائزون؟ وكانت تقول: كانت عمتي تحفَظ القرآن وتفسِّره، وكانت تقرأ القرآنَ وتَبكي.» وقيل أنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، وقرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة وهي تبكي بكاءً شديدًا. كما ذكروا أنها حجّت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها ماشية،كانت فيها تتعلق بأستارالكعبة وتقول:
«إلهي و سيدي و مولاي متعني و فرحني برضاك عني، و لا تسبب لي سبباً يحجبك عني>>
كما كانت شديدة في الحق لا تهاب الأمراء من كرامتها..
إنا السيدة نفيسة توضأت فجرى ماء وضوئها إلى البنت اليهودية، فألهمها الله سبحانه وتعالى أن أخذت من ماء الوضوء شيئاً قليلاً بيدها ومسحت به على رجليها فوقفت في الوقت بإذن الله
شفيت من الشلل في الوقت نفسه وقامت تمشي على قدميها كأن لم يكن بها مرض قط، هذا والسيدة نفيسة مشغولة بصلاتها مستغرقة، قلبها يناجي الخلاق سبحانه ، لم تعلم ماجرى ثم إن البنت سمعت مجيء أمها من الحمام خرجت من دار السيدة نفيسة حتى أتت إلى دار أمها فطرقت الباب فخرجت الأم تنظر من يطرق الباب فدخلت البنت وعانقت أمها وقبلتها فلم تعرفها أمها لأن ابنتها هي مقعدة، فقالت لها من أنت فقالت أنا ابنتك قالت : وكيف قضيتك فأخبرتها بقصتها كاملة، فقالت الأم : هذا والله الدين الصحيح وما نحن عليه من الدين قبيح أي عن اليهودية ثم دخلت فأقبلت تقبل قدم السيدة نفيسة وقالت لها امددي يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمداً رسول الله ، فشكرت السيدة نفيسة ربها عزّوجلّ وحمدته على هداها وانقاذها من الضلال .
ثم مضت المرأة إلى منزلها فلما حضر زوجها أبو البنت وكان اسمه أيوب وكان لقبه أبو السرايا وكان من أعيان قومه ورأى البنت على تلك الحالة ذُهل وطاش عقله (كان فيه عقل وطاش) من الفرح، قال لامرأته ما قصتها يا امرأة، فأخبرته بقصتها مع السيدة نفيسة فرفع رأسه إلى السماء وقال : سبحانك هديت من تشاء وأضللت من تشاء والله هذا الدين الصحيح ولا دين إلا دين الإسلام، ثم أتى إلى باب السيدة نفيسة فمر بخديه على عتبة بابها وأسلم وقال أشهد أن لا إله إلا الله ،أن جدك محمداً رسول الله . ثم شاع خبر البنت وإسلامها وإسلام أبيها وأمها وجماعة من الجيران اليهود.
وأشهر اقولها رضى الله عنها.
((كم حاربتني شدة بجيشها ...فضاق صدري من لقاها وانزعج
حتى إذا أيست من زوالها ...جاءتني الألطـاف تسعى بالفرج....))..
ولكنها مرضت و أشتد عليها المرض
وكانت السيدة نفيسة صائمة كعادتها، فألحوا عليها أن تفطر رفقًا بها، فرفضت فانصرف الأطباء، وقد شدّهم الإعجاب بقوة يقينها وثبات دينها، فسألوها الدعاء، فقالت لهم خيراً ودعت لهم.
وشاءت السيدة نفيسة أن تختم حياتها بتلاوة القرآن وبينما كانت تتلو سورة الأنعام، حتى إذا بلغت آية : (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) الأنعام/ 127 غشي عليها. تقول زينب - بنت أخيها - فضممتها إلى صدري، فتشهدت شهادة الحق، وصعدت روحها إلى باريها في السماء.
ولما فاضت روحها أراد زوجها أن ينقلها إلى البقيع عند جدها عليه الصلاة والسلام ولكن أهل مصر تمسكوا بها وطلبوا منه أن يدفنها عندهم فأبى ولكنه رأى في منامه الرسول يأمر بذلك فدفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها في مصر.
والى لقاء فى حكاية أخرى من حكايات دنيا.