الكاتب : سليمان جودة |
04:35 am 10/05/2021
| رأي
| 2388
ما أكثر وقائع الطلاق التى سمعنا عنها، وما أكثر وقائع الطلاق التى تابعنا تفاصيلها بحكم شهرة أطرافها، ولكن طلاق بيل جيتس من زوجته ميليندا، سيبقى واقعة فريدة بين وقائع الطلاق حول العالم!
وهى فريدة من نوعها ليس لأن جيتس عاش لسنوات يأتى اسمه على رأس قائمة أغنى أصحاب الثروات على وجه الأرض.. لا.. ليست واقعة طلاقه فريدة من نوعها لهذا السبب.. فما أكثر الأثرياء الذين تفرقوا وذهب كل واحد منهم فى طريق، وما أكثر المشاهير الذين وقع بينهم الطلاق فلم ننشغل بهم، ولم نشعر بما يشبه الصدمة من جراء طلاقهم كل واحد عن الآخر!
وربما لانزال نذكر طلاق الأمير تشارلز، ولى عهد بريطانيا، من الأميرة ديانا فى تسعينيات القرن الماضى، ولكنه أبدا لم يكن كطلاق ميليندا من جيتس!
الحكاية فى طلاق جيتس من ميليندا ليست حكاية شهرة، فلقد كان تشارلز أشهر وكذلك كانت ديانا.. ولا هى حتى حكاية مال عندهما يقارب حجم مال قارون، لأننا لانزال نذكر طلاق جيف بيزوس قبل شهور من زوجته، وقد كانت أموال بيزوس، الذى أسس شركة أمازون، تتقدم كثيرا فى قائمة الثروات على أموال جيتس، وفى إحدى المرات كان بيزوس أغنى رجل فى الدنيا!
الحكاية أن جيتس كان يمثل مع ميليندا ليس فقط علامة تجارية عالمية، ولكنهما كانا معا يمثلان علامة إنسانية فى عالم يتشبث بكل ما هو إنسانى ويراه طوق نجاة!
كان الاثنان يعملان من خلال مؤسسة ضخمة للعمل الخيرى، الذى لم يكن يفرق بين إنسان وإنسان، ولم يكن ينحصر داخل الولايات المتحدة الأمريكية التى يحملان جنسيتها.. كان العمل الخيرى عندهما معا من أجل الإنسان كإنسان، ولم يكن يميز بين واحد وآخر بسبب دين، أو لون، أو جنس، أو لغة.. كان الإنسان هو الهدف سواء كان فى أحراش إفريقيا أو كان فى غابات أمريكا الجنوبية، وكانت ملاحقة الأمراض فى أى مكان هى الفكرة التى يعيشان من أجلها، وكان كل واحد منا يشعر بالتفاؤل كلما قرأ عن خطوة مضافة قطعها الاثنان فى اتجاه تخفيف وطأة المرض على الإنسان!
هذا هو ما جعل من فراقهما نبأ حزينا لدى كل الذين قرأوه وتابعوا تفاصيله، فطلاقهما يخصم من العمل الإنسانى ويلحق الضرر بمركزه.. طلاقهما ليس قضية شخصية تخصهما شأن أى زوجين يقع بينهما أبغض الحلال، ولكنه قضية عامة لأنه يضع العمل الإنسانى فى حرج، ولأنه يجعل العمل الخيرى يشعر بالوحشة والغربة.. طلاق جيتس وميليندا عمل غير مسؤول منهما، لأن وراءهما ملايين حول العالم كانوا يتطلعون إليهما بالكثير من الونس والأمل