وصل بنا الحال إلى مرحلتين غاية في السوء ،الأولى مرحلة لا قانون لا لائحة وإنما الترقية على طريقة المسنود المحظوظ بركلة إلى أعلى ،وتم ابتكار مقولة لا يوجد قيادات من أجل الدفع ببعض الفئات الفاشلة ا !!
أما المرحلة الثانية من الترقيات و التى يتم فيها تطبيق القانون واللائحة ،تجد الترقيات الموقوفة بالمبررات المضحكة، والترقيات على طريقة ركلة على جنب وهو التخلص من الكفاءات بالرسوب الوظيفى او ما يعرف بالترقية النمطية ،ليس لك مكان فى الوظيفة الإشرافية لأنها محجوزة للمحظوظين من الفئة الضالة التى تنهب المال العام علانية ، وخير دليل الانهيار الذى ضرب العديد من الشركات على مرأى ومسمع من الجميع ،فلم يعد هناك معايير أو ضوابط لعملية الترقية للدرجات الوظيفية سواء على مستوى الإدارة العليا أو الإدارة الدنيا !!
والملاحظ أن الترقيات أصبحت قاصرة على أصحاب الواسطة والمحسوبية والمحاباة فى درجات الإدارة العليا لأن كل واحد يبحث عن أمثاله ليعينوه على هدفه ، والمعلوم أن الترقيات تمنح أصحابها مزيدا من الأموال والمميزات والصلاحيات والنفوذ ، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة العامة فلم تعد هناك عناصر للمفاضلة بل معيار صاحب الواسطة يكسب، لذلك عندما تصدر حركة ترقيات وتنقلات على مستوى درجات الإدارة العليا، تجد الأشخاص الذين وقع عليهم الأختيار هم من تربطهم علاقات مصاهرة أو نسب أو قرابة أو صداقة أو محبة !!!
وعندما تبحث عن هوية هؤلاء الأكابر تجدهم على مقاعد القيادة العليا، وهو واقع معروف للجميع بأن هؤلاء هم جواز المرور للترقية ،فلا تجد مسئول واحد تم ترقيته لكفاءته أو أنجازاته فى العمل وإنما معظم الترقيات أصبحت ركلة إلى الأمام من أجل التمتع بأموال الشعب والإنفاق والبذخ والإسراف والحصول على المرتبات المليونية ، فقد تجد مسئول لا يجيد القراءة والكتابة ويحصل على راتب مليون جنيه شهريا لأنه محظوظ بواسطته !!!!
وعند السؤال أو الاستفسار يكون المبرر جاهز لا توجد قيادات ، فعندما ترى درجة وظيفية موقوفة فاعلم انه لا توجد وسيلة مساعدة للترقية فى عالم الواسطة ،لأن هناك من يتم ترقيته وهو لا تتوافر فيه شروط الترقية ولكنه مسنود والوقائع كثيرة لا تعد ولا تحصى !!!
فمن أغرب حالات الترقية فى ظل التجاوز أن هناك إصرار على ترقية أشخاص لايصلحون للترقية ولكن عندما يتم اتهام موظف بإهدار المال العام ١٠ مليون جنيه ويخرج بكفالة مالية على ذمة القضية ،بل حاصل على مؤهل عال معهد ويتم ترقيته ،وعندما تم إرسال أوراقه للهيئة أرسلت فاكس بعدم صلاحية مؤهله الدراسى لشغل الدرجة الوظيفية ،وعندما تدخلت الواسطة والمحسوبية والفساد تم إرسال فاكس فى اليوم التالى بصلاحيته للترقية على الدرجة لأن كلمة مؤهل عالى يمكن تبريرها بسهولة فى ظل منظومة سداح مداح لا مكان فيها إلا للواصلين فقط !!!!
فلا تتعجب عندما يتم اختيار إخوانى لرئاسة شركة عادى جدا، ولا تتعجب من اختيار مسئول فاشل لرئاسة شركة كبرى لأنه صهر لوزير عادى، ولا تتعجب عندما يكون الأختيار بسبب علاقات النسب والقرابة عادى، ولا تتعجب عندما يتم الاستعانة بشخص أهدر على الدولة مليارات ويدعم الفساد لأنه مسنود من أصدقائه على مقاعد القيادة العليا عادى ،وعندما تهبط للترقية على الدرجات الوظيفية الدنيا تجد غرائب وعجائب لا مثيل لها، فعلى الرغم أن الترقية بالاقدمية إلا أن الترقيات موقوفة بحجة الشكاوى والمشاكل والمحسوبية ، وبالتالى يتم تأخير الترقيات ووقف اللجان حتى يتم التخلص من الأشخاص الأكفاء عن طريق نظام الترقية على جنب اركن ليس لك مكان حتى لو كنت اكفء واحد فى عالم الإدارة ، فإذا كان من على القمة يبحث عن المبررات والحجج المضحكة وكأننا فى عالم سمسم للإدارة !!
ما نقوم بتدريسه لطلبة القانون والإدارة عن نظام الترقيات شئ والواقع شئ آخر، فإذا قلت أن القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٨ ، الخاص بالقطاع العام والذى حدد الضوابط والمعايير التى يتم على أساسها الترقية فى المواد ٨ ، ١٠ ، ٣٢ ،هذا على الورق فقط !!
وصدق من قال لا تعتقد أن الواسطة فى التعيين فقط ، وإنما عليك بالبحث عن الواسطة حتى بلوغ سن المعاش ،وبعد المعاش مستشار وخبير ومحاضر وبعقد وخلافه من صور الفساد المعلومة لنا جميعا .. فعندما تسمع عن الإصلاح الإدارى والمالى وهذه المصطلحات الجميلة فى وسائل الإعلام ، فابتسم أنك فى عالم المحسوبية !!