الكاتب : د أحمد هندي |
03:29 am 30/03/2021
| رأي
| 1792
فقدت تركيا الأمل فى الأنضمام إلى الإتحاد الأوروبي لتتحول لأحتلال الدول العربية المجاورة لها وتهديد كل جيرانها بلا أستثناء، ويطمع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى الأستيلاء على أجزاء من الدول المجاورة للحدود التركية، ومحاولات التوسع والهيمنة وأغتصاب حقوق الغير فى ثروات منطقة شرق البحر المتوسط من خلال التهديدات العسكرية وأستخدام البوارج الحربية.
وبنظرة أستعلائية تتجاوز القدرات الفعلية التركية ولكنها تجد الدعم المالي من دولة قطر، والدعم السياسي الأمريكي، وعلاقتها الوطيدة بإسرائيل وهو ماشجعها على التخلي عن العلاقات الطبيعية مع الدول، فلم يعد هناك دولة صديقة لتركيا في قارة أوروبا وشرق المتوسط.
وتتعارض المصالح التركية مع دول منطقة شرق البحر المتوسط، والخلاف مع اليونان وقبرص حول تحديد المياة الأقليمية فى بحر إيجة، ومايقترن به من تحديد الجرف القارى بين تركيا واليونان، والنزاع حول قبرص الشمالية التى لاتعترف بها إلا دولة تركيا فقط على المستوى الدولي.
ومع ظهور الإكتشافات الغازية فى منطقة شرق المتوسط عقب أبرام أتفاقيات ترسيم الحدود البحرية القبرصية مع لبنان مصر ولبنان وإسرائيل، والتي سمحت لقبرص بالتنقيب عن الغاز الطبيعي فى المنطقة الأقتصادية الخالصة لها وأكتشافها حقل أفروديت، وهو مادفع تركيا إلى توقيع أتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع قبرص الشمالية فى عام ٢٠١١.
أعقب ذلك قيام تركيا بأعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي فى المياة الأقليمية اليونانية القبرصية من أجل أحداث حالة من التوتر وعدم الأستقرار لدول منطقة شرق المتوسط، وترتب على ذلك توتر العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي نتيجة السياسات التى تنتهجها تركيا والتي تهدد دول الاتحاد الأوروبي، بأستغلال قضية اللاجئين، ودعم جماعات الأسلام السياسي داخل دول الأتحاد الأوروبي.
ومع قيام تركيا بالتنقيب عن الغاز الطبيعي بالمنطقة الأقتصادية القبرصية فى عام ٢٠١٩، قرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات ضد تركيا، تشمل تخفيض المساعدات الأقتصادية، وحظر السفر، وتجميد الأصول على الأفراد والشركات المشاركة فى عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي. فقامت تركيا بتوقيع أتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية ٢٠١٩، والتي حددت الحدود البحرية الغربية لتركيا فى شرق المتوسط وأنتهاك حقوق جزيرة كريت اليونانية أستنادا إلى أن الجزيرة لاتتمتع بجرف قاري.
وتحرص تركيا على عدم تسوية الأزمة الليبية لضمان فرض وجودها فى شرق المتوسط، من خلال توظيف علاقاتها المتعددة بالتنظيمات الأرهابية مثل جماعة الأخوان المسلمين، وتنظيم داعش، والمرتزقة فى سوريا وليبيا والصومال.
وبناء على ماسبق فإن كل التحركات التركية فى منطقة شرق المتوسط تقوم على تبني تركيا مفهوما قانونيا خاطئا لأتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ١٩٨٢.
فلم تكتسب تركيا العضوية فى معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار والتى تسمح بتحديد المناطق الأقتصادية الخالصة للدول الأعضاء، ولاتعترف تركيا بأتفاقيات ترسيم الحدود البحرية التى أبرمتها مصر ولبنان وقبرص واليونان وأيطاليا الدول الأعضاء فى الأتفاقية.
وتدعي تركيا أن الأعمال التى تقوم بها الشركات الأجنبية للبحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي فى هذه المناطق غير قانوني وينتهك الحقوق التركية، وأن حدود اليونان البحرية تنتهي بعد ١٢ ميلا بحريا من جزيرة كريت اليونانية، وليس من حقها المسافة القانونية المقررة بموجب أتفاقية قانون البحار وهي ٢٠٠ ميل بحري المنطقة الأقتصادية الخالصة.
وبالرغم من الأعتراف الجماعي الصادر عن بعض الدول الكبرى فرنسا وإنجلترا وروسيا وتركيا بدولة اليونان بمقتضي معاهدة ١٨٢٢، وتم ضم جزيرة كريت إلى اليونان عام ١٩١٣، وتوقيع تركيا على أتفاقية لوزان ١٩٢٣، والتي بموجبها تخلت تركيا على الجزر الواقعة فى بحر إيجة وعددها ١٠٠ جزيرة لصالح اليونان، وكان ذلك هو السبب الرئيسي لرفض تركيا الأنضمام لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ١٩٨٢.
وعدم التسجيل فى الأتفاقية يترتب عليه أن تركيا ليس لها حقوق او الأعتراض على ترسيم الحدود البحرية لأي من الدول الأعضاء فى الأتفاقية، وهو مانصت عليه الفقرة الثانية من المادة ١٠٢ من اتفاقية قانون البحار على أنه ليس لأي طرف فى معاهدة او أتفاق دولي لم يسجل وفقا للفقرة الأولى من هذه المادة أن يتمسك بتلك المعاهدة أو ذلك الأتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة.
يترتب على ذلك أن عدم تسجيل تركيا فى الأتفاقية يحرمها من الأحتجاج بها أمام أي جهاز من أجهزة الامم المتحدة بما في ذلك محكمة العدل الدولية.
وبالتالي ماتهدف اليه تركيا من كافة تصرفاتها فى منطقة شرق المتوسط، هو ان يكون لها دورا فى عمليات نقل الغاز الطبيعى المنتج من الحقول المكتشفة فى قبرص واليونان، نظرا لموقعها الجغرافي والقدرة على ربط قارة أسيا والشرق الأوسط وقارة اوروبا، لإمتلاكها مشاريع البنية التحتية لنقل الغاز الطبيعي مثل خط التيار الأزرق، وخط الجنوب، وخط أنابيب القوقاز، وخط كاناب وتوركستريم.
لقد أدركت تركيا الآن أنها خسرت بشدة من جراء التصادم مع دول شرق المتوسط وخاصة مصر فيما يتعلق بالقضية الليبية، وأن القدرات التركية لن تمكنها من الهيمنة على الدول العربية فى ظل القوة المصرية ودورها المحوري فى منطقة شرق المتوسط، فلم يعد أمام تركيا خيار سوى أن العلاقات الودية مع مصر هو الحل الوحيد لتركيا!!